فلسطين أون لاين

​الصحة: نعاني من نقص شديد في مثبتات العظام والمضادات والمحاليل

رصاص إسرائيلي محرم دوليًّا يستنزف الأدوية والمعدات الطبية في غزة

...
غزة - يحيى اليعقوبي

فك مهشم يمنعه من الكلام، ووجه متنفخ، غرز وخيوط تملأ الشق الأيمن من الوجه، هذا كله نتيجة طلقة إسرائيلية محرمة دوليًّا، اخترقت أسفل الرأس وهشمت فك عظام وجه الجريح أمجد أبو شعيرة.

ثماني ساعات كاملة كانت مدة أولى عملياته الجراحية من أصل خمس عمليات أخرى، يحاول فيها الأطباء في مستشفى الشفاء الطبي علاج ما سببته تلك الرصاصة للشاب العشريني الذي كان يشارك الجمعة الماضية في مسيرة العودة السلمية.

ولا تملك والدة أبو شعيرة التي تجلس بجواره في حديثها لصحيفة "فلسطين" سوى مناشدة الجهات المختصة بإجراء تحويلة علاجية لنجلها لإعادة وجهه مثل السابق.

وبحسرة الأم على ولدها تقول: "لم يبقوا لنا خيارا سوى التوجه على الحدود، بعد أن قطعوا عنا الرواتب والمساعدات الاجتماعية (..) هذا احتلال مجرم لا يرحم لا صغيرا ولا كبيرا".

وتنظر إلى نجلها الممدد أمامها على السرير الطبي بالمشفى، وبنبرة صوت اختلط فيها الحزن بمرارة الواقع "نجلي المصاب مريض بالكلى، ولديه طفل صغير ويعيش في بيت صغير حاصل (مخزن) بمعسكر الشاطئ".

كما أصابت نيران جنود الاحتلال المتمركزة خلف السياج الفاصل شرق غزة، الشاب محمد الفيري (22 عاما) بعد أن صعد فوق أحد المكعبات الإسمنتية، يلوح بعلم فلسطين، أعزل لا يشكل خطورة على الاحتلال، إلا أن رصاص قناصة الاحتلال لم ترحمه وظلت تلاحقه حتى أسقطته أرضا.

ويقول الفيري لصحيفة "فلسطين": "لست نادما على مشاركتي واصابتي، ستعود فلسطين عاجلا وسنحررها من الأعداء الذين ليس لهم أي شبر على أرض فلسطين".

وبجوار الجريح السابق يتألم زميله محمد الزعيم (24 عاما) الذي تعرض لإصابة بقدميه الجمعة الماضية.

ويقول الزعيم بصوته الخافت من شدة الألم قائلا: "كنا بمظاهرة سلمية نؤكد على حقنا بأرضنا، فضربنا الاحتلال برصاص محرم دوليا بشكل عشوائي وأصيبت قدماي".

ووفقا لاستشاري جراحة الأوعية الدموية في مجمع الشفاء، د. تيسير الطنة، فإن الطواقم الطبية أجرت جميع العمليات اللازمة لكافة الجرحى في مسيرة العودة، مشيرا إلى أن أغلب الإصابات التي وصلت مستشفى الشفاء كانت في الأجزاء السفلية.

وقال الطنة لصحيفة "فلسطين": "إن معظم الإصابات التي وصلت كانت خطيرة، فهي بمناطق سفلية لها مدخل ومخرج، عملت على تهتك العضلات والأوعية الدموية وكسور بالعظام، خاصة أن مخرج الطلقة منطقة واسعة وكبيرة جدا".

وأشار إلى أن معظم الحالات المصابة تعرضت لقطع بالشرايين والأوردة وكسور بالعظام، فيما استطاع الأطباء السيطرة عليها وتثبيت العظام وتوصيل الشرايين والأوردة.

المخزن ينفد

بدوره، أوضح رئيس قسم الاسعاف والطوارئ في مجمع الشفاء الطبي أيمن السحباني، أن قسم الاستقبال والطوارئ في المجمع يستقبل حالات فوق قدرته الاستيعابية حاليا وخاصة أنه مخصص لاستيعاب 20 حالة فقط.

وقال السحباني لصحيفة "فلسطين": إن طبيعة الإصابات والرصاص المحرم دوليا، استنزف المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية للتعامل مع الكم الكبير من الإصابات.

وأشار إلى أن الوزارة أطلقت نداءات استغاثة لكل الجهات المانحة، لإمداد القطاع الصحي بالأدوية والمستلزمات الطبية، مبينا أن خطورة الحالات المصابة استدعت وجود تخصصات عديدة للتعامل مع الإصابة الواحدة؛ نظرا لأن معظم الحالات نتج عنها تهتك بالأوتار والأعصاب وازالة قطع كبيرة من الجلد، مما استدعى وجود الأطباء من الجراحة العامة وجراحة التجميل والتخدير والفنيين.

وأكد أن المستشفيات تعاني من نقص شديد في مثبتات العظم، نظرا لتعدد حالات الكسور وتهشم العظام، بعد نفاد المثبتات الموجودة، وكذلك نفاد المضادات الحيوية، فيما شارفت المحاليل على الانتهاء، مشددا على ضرورة توفيرها للتعامل مع الأحداث القادمة.

وتساءل "ما العمل إن لم تتوفر تلك الاحتياجات والمستلزمات؟".