يقيم المستوطنون منذ عدّة أيام عرائش وخياما لهم قرب عين فرعة الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة دورا جنوب محافظة الخليل بالضّفة الغربية، وتعتبر هذه العين واحدة من بين مئات عيون المياه والبرك التي يرتادها المستوطنون بشكل متكرر خاصّة في فترة الأعياد اليهودية.
ولا يعتبر حضور المستوطنين إلى هذه المناطق زيارات خاطفة، بل يقيمون فيها أيّاما متوالية ليلا ونهارا، وتحرسهم قوّات كبيرة من جيش الاحتلال، ويعمدون إلى السّباحة مع أطفالهم ونسائهم وعائلاتهم، في هذه البرك، دون مراعاة حاجة أصحابها للمياه؛ للشرب وغيرها من الاستخدامات الزراعية.
يشير المواطن أبو عادل من منطقة دورا جنوب الخليل لـ"فلسطين" إلى أنّ المستوطنين يحضرون كلّ بضعة أيّام إلى المزارعين العاملين بحقولهم في منطقتي عين الصعبية وعين فرعة، ويطردونهم من المنطقة، ويجبرونهم على إخلاء أراضيهم، وينصبون فيها خيما بحراسة جنود الاحتلال.
ويوضح بأنّ جيش الاحتلال يقيم الحواجز البشرية على مداخل هذه المناطق، ويفتح المجال فقط للمرور للمستوطنين، ويحول دون دخول أو تحرّك المواطنين الفلسطينيين دون الاكتراث بمزارعهم المعتمدة أساسا على مياه الريّ من هذه الينابيع.
من جانبه، يوضح الناشط في المقاومة الشعبية حسن بريجية في حديثه لـ"فلسطين" بأنّ اقتحامات المستوطنين هذه تأتي تحت ذرائع عديدة، منها الطابع الديني وادعاءهم أنّهم يأتون ليتبركوا من المياه الجوفية أو مياه الأمطار، مدللا على سبيل المثال بعدد من عيون المياه التي يدنسها المستوطنون في بيت لحم بشكل متكرر، منها برك سليمان وعين الحنية وعين القسيس وعين الماسور وآبار المياه الموجودة في الجبال.
وأشار إلى أنّ كامل عيون المياه الموجودة في الضّفة الغربية حاضرة على خوارط ومسارات سياحية للمستوطنين، يقصدونها في كلّ فترة وينفذون عمليات غطس فيها وتأدية لشعائر تلمودية.
لكنّ بريجية يعتقد بأنّ أهداف المستوطنين من خلال هذه الإجراءات، يتمثل في معظم الأحيان في أغراض استيطانية، تستهدف تلويثها وإجبار أصحابها على الابتعاد عنها وهجرانها والتوقف عن استخدامها، وبالتالي تكون فريسة سهلة للأطماع الاستيطانية للسيطرة عليها.
ويلفت بريجية إلى أنّ أنشطة المستوطنين هذه، تشير إلى النّهم الاستيطاني في السيطرة على مصادر المياه الموجودة في الضّفة الغربية، لافتا إلى أنّ هذه التعدّيات متكررة، لكنّها تتصاعد في فترة الأعياد اليهودية وفي فترة الرّبيع، التي تشهد على العديد من المسارات الجبلية التي يمر منها المستوطنون مشيا على الأقدام في الكثير من الجبال والسهول الفلسطينية بالضّفة الغربية.
ويشدّد بريجية على ضرورة العمل الجاد من مختلف الجهات ذات العلاقة بالعمل على نصرة ومساندة أصحاب هذه الينابيع والأراضي المحيطة بها، من خلال الدّعم المادي والمعنوي، والعمل على حمايتها من أخطار الاستيطان والمستوطنين، بتوفير مشاريع إنتاجية للمزارعين الفلسطينيين من خلال هذه البرك والأراضي التابعة لها، على اعتبار أنّ هذه الينابيع تشكّل رصيدا ماديا جيدا للمواطنين الفلسطينيين الذين يمتلكونها، وبالتالي يتطلب حمايتها وعدم تلويثها أو المساس بها والعودة بمردود جيّد على أصحابها، بدلا من عمليات الانتهاك الجارية والمستمرة من جانب المستوطنين.