منذ انطلاق أولى فعاليات "مسيرة العودة وكسر الحصار" على حدود قطاع غزة الشرقية، سخّر الشاب أحمد رضوان جل وقته لصناعة نعش خشي "تابوت"، خاص بدولة الاحتلال الإسرائيلي، في إشارة إلى قرب زوالها عن أرض فلسطين المحتلة.
وتعاون رضوان (22 عامًا) برفقة صديقه على صناعة المجسم الخشبي للنعش على مدار ثلاثة أيام متواصلة، مع إحاطة جوانبه الأربعة بعبارات تؤكد حقَّ عودة اللاجئين الفلسطينيين المشردين عنوة من أراضيهم يوم النكبة عام 1948.
وفي الواجهة الرئيسة للنعش ألصق رضوان لافتة ورقية كتب عليها بالخط الأحمر البارز "المتوفى (إسرائيل)، مواليد عام 1948، توفيت سنة 2018، عن عمر يناهز 70 عامًا"، وقد وضع على ظهر النعش الرمزي علم دولة الاحتلال المنتهية.
وعقب أداء رضوان لصلاة الجمعة داخل مخيم العودة، المقام بمنطقة أبو صفية، شرق مخيم جباليا، شمال القطاع، تعاون الشاب العشريني برفقة بعض أصدقائه على رفع النعش والتجول به بين أركان المخيم، على مرأى جنود الاحتلال، ومن خلفهم كان عشرات الفتية والشبان يرددون هتافات حماسية "على القدس ريحين شهداء بالملايين"، "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد بدأ يعود"، "الموت لـ(إسرائيل)".
وقال رضوان لصحيفة "فلسطين": "خلال مشاركتي بالجمعة الأولى في مسيرة العودة وعندما شاهدت بأم عيني كيف يستبسل الصغار والكبار في مواجهة جنود الاحتلال لإثبات أحقيتهم بأرضهم الضائعة واشتياقهم للعودة إلى بلداتهم الأصلية، فكرت في إنجاز عمل فني يدعم تلك الجهود ويوصلها بطريقة مختلفة".
وأضاف رضوان: "منذ بداية الأسبوع الماضي بدأت بصناعة النعش وتجهيزه بصورته النهائية الحالية وذلك باستخدام ألواح خشبية وكرتون وبمساعدة صديقي أحمد عليان، وقد بلغ طول النعش ما يزيد على متر، وبعرض نصف متر".
ويعدّ رضوان النعش الرمزي بمنزلة حلم الشهداء الذين ارتقوا على حدود قطاع غزة منذ بداية فعاليات مسيرة العودة، موضحاً أن "الشهيد الذي ضحى بدمه على الحدود كان هدفه المساهمة بتحرير الأرض وعودة اللاجئين، ولو بضرب حجر على جنود الاحتلال أو إشعال نار عجلة الكاوتشوك في وجههم".
وأشار رضوان، الذي تعود أصول عائلته إلى قرية حمامة، إلى أنه ينوي خلال الفترة المقبلة تجهيز مجسمات كرتونية وخشبية تتوافق مع أهداف مسيرة العودة ورسائلها، وذلك إلى جانب مشاركته الدورية بالفعاليات التي تقام داخل مخيم العودة.
وفي ذات المخيم، برزت عدة أعمال يدوية كإقدام بعض الأطفال على صناعة كمامات للتنفس باستخدام أدوات بدائية من علب بلاستيكية فارغة وأكواب كرتونية مثقوبة من الأسفل.
الطفل محمد عزام الذي ارتدى إحدى تلك الكمامات خلال مشاركته بالجمعة الثانية من المسيرة، قال إنه صنع الكمامة بنفسه كي توفر له الحماية من قنابل الغاز المسيل للدموع، التي يطلقها جنود الاحتلال على المتظاهرين السلميين قرب السلك الفاصل.
بدوره، قال منسق فعاليات مخيم العودة شمال القطاع، محمد أبو عسكر: إن تلك المظاهر رغم بساطتها تؤكد أن فكرة العودة والحقوق الفلسطينية مرسخة لدى الأجيال الناشئة جيلًا بعد آخر، وفي ذات الوقت تبرهن على فشل مقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون".
وأوضح أبو عسكر لصحيفة "فلسطين" أن المشاركة الجماهيرية في الاعتصامات المفتوحة داخل مخيمات العودة على طول السلك الفاصل تزداد يومًا بعد الآخر وتأخذ أشكالًا مختلفة، داعيًا الجماهير إلى الالتزام بالمبادئ المعلنة للمسيرة وصولًا إلى الحدث المفصلي في منتصف مايو المقبل بذكرى النكبة.