فلسطين أون لاين

​مسيرة العودة جددت الأمل

عند الحدود.. يقدّم "العديني" درسًا سنويًا لأحفاده

...
غزة - مريم الشوبكي

في منطقة "أبو حمام" شرق "دير البلح"، يقف الحاج "علي العديني" برفقة أحفاده، وأعينهم ترنو إلى "تل جمة"، ذلك الجبل الصغير الواقع في النقب الغربي من فلسطين، والذي لا يبعد عن "دير البلح" سوى سبعة كيلومترات، وفي تلك النقطة، يسترجع الجد مع أحفاده ذكريات أبويه قبل الهجرة، ليزرع فيهم حب الأرض ويوصيهم بالتمسك بحقهم في العودة إليها مهما طال الزمن.

هذا طقس سنوي، اعتاد العديني على ممارسته منذ عشر سنوات، ففي ذكر النكبة يتجه إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة ، ليكون على مقربة من "تل جمة"، وفي العام الحالي فعل ذلك قبيل حلول الذكرى، واتجه إلى نقطة حدودية أخرى، إذ أشعلت مسيرة العودة الكبرى حنينه، فشارك فيها واقترب من أرضه المسلوبة، ولكن هذا لا يعني أنه لن يقف في "أبو حمام" في ذكرى النكبة.

سعادة وغصّة

العديني (72 عاما)، المقيم في دير البلح، يتوجه في هذه الأيام إلى نقطة تجمع مسيرة العودة القريبة من موقع ملكة الحدودي شرق مدينة غزة.

وصف مشاعره في حديث لـ"فلسطين": "عندما وصلت الحدود برفقة أبنائي وأحفادي، شعرت بنشوة عظيمة، وكأنني في طريقي لأداء الحج، ولربما تملكتني مشاعر أعظم من تلك التي شعرت بها يوم حججت، فقد رأيت أرضي التي لا يفصلني عنها سوى سياج وضعه الاحتلال".

وأضاف: "رغم مشاعر السعادة التي انتابتني في تلك اللحظات، إلا أنني شعرت بغصة في قلبي، لأنني لا أستطيع زيارتها بسبب الاحتلال".

وعن طقسه السنوي، أوضح: "في كل عام، مع حلول ذكرى النكبة، آخذ أحفادي الثمانية وثلاثين وأقصد الحدود، وأكرر ذلك لعدة أيام، وهناك أتحدث معهم عن بئر السبع وجمالها، وفي كل مرة أشعر أني في حلم، وأنتظر أن ينتهي وأستيقظ منه فأجد نفسي في أرض".

"(يلا يا سيدي نروح على بلادنا) يستحثني أحفادي بهذه العبارة عندما أتأخر في أخذهم إلى الحدود، فهم مهتمون بهذه الرحلة، التي لا تنتهي أسئلتهم خلالها، يسألونني: (متى سنعود يا جدي إلى بلادنا؟)، فقد تعلقوا بها لكثرة ما أحدثهم عنها"، وفق العديني.

وبيّن: "أروي لهم ما حصل معنا في 1948، عندما هُجّرنا من بلادنا حفاة ، بين براميل المتفجرات، نسير على الأقدام بلا زاد".

وبعد هذه الرحلة، وذلك الحديث، يشعر الحاج العديني براحة نفسية، كما قال.

اليوم، يشارك ضيفنا السبعيني في مسيرة العودة ليؤكد على حقه في العودة إلى بئر السبع، وقال: "يكفي 70 عاما من احتلال أرضنا، مع مسيرات العودة يتجدد الأمل بأن العودة للبلاد قريبة، حينما أرى الحشود الكبيرة أيقن تماما أننا باتحادنا سنعيد الأرض المسلوبة".

وبعد أن عاد 30 عاما إلى الوراء، أضاف: "في العام 1987 ذهبت برفقة زوجتي وأبنائي وأمي وأبي، إلى بئر السبع، ولا أنسى كيف ركعنا على الأرض نقبّل ترابها مع دموع الشوق للعودة إليها".