على عربته المتحركة تحدى المقعد بلال أبو ظاهر (26 عامًا) وعورة الطريق الرملية الموصلة إلى خيام العودة، المنصوبة منذ أيام قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وأراضي الـ48 وقد قضى ليلته الأولى هناك مع عشرات المواطنين.
وكالعشرات من الشباب والعائلات الفلسطينية يصر أبو ظاهر على المبيت والرباط في الخيام المنصوبة شرق قطاع غزة، للحفاظ على ديمومة واستمرارية مسيرات العودة حتى 15 مايو/ أيار القادم الذي يصادف الذكرى السبعين ليوم "النكبة"، دون الاكتراث بتهديدات قوات الاحتلال.
ورغم ما تسبب له جيش الاحتلال من إعاقة في قدمه منعته من المشي عام 2009م، إلا أن أبو ظاهر يقول: "لن أغادر المكان فلدي أمل أننا سنجتاز السياج الفاصل ونعود إلى أراضينا (داخل أراضي الـ48)".
ويضيف بلهجته العامية: "لازم أرجع على بلدتي قالوا أه أو لأ".
ويأمل أن تنجح الفعاليات والتظاهرات السلمية بطريقة تمكنه من اجتياز السياج الفاصل بواسطة عربته المتحركة وصولًا إلى مدينة بئر السبع المحتلة.
وفي إحدى الخيام الموجودة قرب السياج الفاصل، أمضى آدم المدهون وهو لاجئ من مدينة المجدل، ليلتين في المبيت برفقة مجموعة من أصدقائه.
عن أجواء المبيت يتحدث وهو يشير بيديه إلى السياج الفاصل مع أراضي الـ48: "كانت الأجواء غريبة كوننا لأول مرة نجرب الحياة داخل خيمة من خلال المعاناة التي كنا نواجهها بتوفير بعض الإمكانيات والاحتياجات".
ويضيف: "لكن ورغم معاناتنا بالليل، إلا أن المبيت هنا عزز روح الوطنية والتمسك بحقنا في العودة إلى ديارنا وإحياء تراث أجدادنا الذين هجروا من بلادهم قسرا تحت تهديد الاحتلال".
ويشدد على مواصلة "المكوث هنا لنحافظ على ديمومة التواجد، ونشجع الشباب الآخرين لإقامة ندوات وجلسات شبابية، لنؤكد على تجذرنا في هذه الأرض وأنها ليست مجرد فعاليات وفقط".
ويتابع: "لم نشعر بالخوف في المبيت ليلا هنا، فتحلي أصدقائي الشباب بروح المسؤولية العالية للحفاظ على استمرارية التواجد، لكننا سنقسم المبيت بشكل متقطع لإتاحة الفرصة لشباب آخرين كي يواصلوا المبيت، نظرا لوجود انشغالات عمل لنا".
صحيفة "فلسطين" تحدثت إلى مواطن آخر كان يجلس في إحدى الخيام وهو خالد أبو هلال قائلا: "بعضنا استمر بالمبيت وبعضنا عاد إلى منزله ليلا ورجع في الصباح".
ويضيف: "إن مسيرة العودة لها رمزيتها فنحن لم نعش في أرض الأجداد، ولم نعرف أراضينا المحتلة، ولكن كنا نتلمس ونسعى إلى تجسيد فكرة العودة وننتظرها".
ويتابع وحوله أبناؤه الصغار وبعض الشباب: "من اليوم الأول لانطلاق فكرة مسيرة العودة انطلقنا لتحقيق ما كنا نحلم به بتجسيد فكرة العودة والتفاعل معها".
ويجلس أبو هلال وهو لاجئ من قرية "بشيت" يتذاكر مع شبان آخرين تاريخ أجدادهم، وحياة بلادهم وينقل لهم ما كان يحدثه والده عنه.
إلى جواره كان يجلس أمجد قنديل وهو مزارع استضاف الخيام بأرضه الزراعية وشارك في نصبها. يقول لصحيفة "فلسطين": "نمت هنا منذ ليلة الجمعة، وبذلت مجهودا في مساعدة اللجان الشعبية في تجهيز الخيام عازما على استمرار المبيت والرباط".
ويرى قنديل أن ما قدمه شيء قليل أمام ما قدمه أبناء الشعب الفلسطيني الجمعة الماضية، حيث ضحوا بدمائهم خلال التظاهرات الكبيرة التي شهدها قطاع غزة.
وأضاف: سنفاجئ الاحتلال بصمودنا وتقديم أرواحنا ابتغاء تحرير أراضينا، فرغم أني مواطن من غزة وأمي لاجئة من مدينة المجدل، شاركت هنا من باب الوفاء لجدي الذي عاهدته على مواصلة مسيرة الكفاح والعودة.