المتابع لعلاقة السلطة مع (إسرائيل) من ناحية، ومع حماس من ناحية أخرى، يجد أن لها سياستين مختلفتين.
منذ اتفاق أوسلو وسياسة السلطة مع (إسرائيل) تقوم على التجزئة، وقسمة قضايا الوطن، والقبول بغزة وأريحا أولًا، وترحيل قضايا الحل النهائي لسنوات قادمة تتحكم في عددها دولة العدو، ثم القبول بقسم أراضي الضفة إلى (ألف، وبا ، وجيم)، ثم التفاوض والتفاوض إلى أن أحكمت دولة الاحتلال سيطرتها على القدس، وزرعت المستوطنات في الضفة، وما زالت سيطرة السلطة في الضفة جزئية حتى في مدينة رام الله نفسها، وخلال عقدين ونيف من المفاوضات لم تطلب السلطة من (إسرائيل) تمكينها من الضفة جملة واحدة، وكان مصطلح (التمكين) غائبا تماما عن خطاب السلطة؟!
أما سياسة السلطة مع حماس في غزة فهي سياسة مختلفة، في قمة هرم المطالب (التمكين) من حكم غزة دفعة واحدة، وإذا لم يتم التمكين دفعة واحدة فإن الحمد الله رئيس الوزراء لن يزور غزة، ولن يزورها أي من الوزراء، والغريب أن الحمد الله يطلب التمكين إكراما لروح الشهداء؟! وكأن الشهداء أوصوا (بالتمكين)، واستشهدوا من أجل التمكين؟!
الشهداء خرجوا للشهادة من أجل حق العودة، من أجل الوطن، من أجل القدس، التي أجل المفاوض قضيتها في اتفاق أوسلو. لسان الشهداء يقول لا تمكنوا من غزة إلا القوي الأمين، الذي يشعر بقيمة الوطن والمواطن، ولا يقدس التنسيق الأمني، ولا يبادل أدنى الحقوق الوطنية بالمال والمساعدات؟!
مصطلح التمكين غير محدد الدلالة، ومهما تنازلت حماس عن حقوقها فستبقى ملاحقة بالتمكين الذي لا شراكة فيه، ولا ديمقراطية معه؟! وقد كنا نتمنى لو طلب المفاوض (التمكين ) من (إسرائيل) مشترطا دفعة واحدة؟! السلطة التي تتهرب من المصالحة ومن استحقاقاتها كما تفيد مصادر أوروبية، هي القيادة التي قبلت من (إسرائيل) التجزئة والتدرج حتى ولو بدون تمكين من الحقوق الوطنية؟! خلاصة القول في سياستي السلطة: العصا لحماس والمواطن.. والجزرة والرجاء لـ(إسرائيل)؟!