بعد أن أدركت قيادة دولة العدو نجاح مسيرة العودة الكبرى في حشد عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين تحت شعار( أنا راجع ) إحياء لحق العودة .
وبعد أن أدركت أن الجماهير المنتفضة المطالبة بحقها في العودة إلى وطنها وفق القرار ١٩٤ للأمم المتحدة، قد نجحت في إعادة القضية الفلسطينية إلى المقدمة لتتصدر الإعلام الدولي والعربي.
بعد هذا قررت قيادة المحتل أن تنفذ خطتها في ( رفع تكلفة) هذه المسيرة، وهذا الكفاح المدني السلمي.
إن قتل قناصة العدو في اليوم الأول لمسيرة العودة لـ (١٦) فلسطينياً، وإصابة ما يزيد على (1500)فلسطيني بجراح، بعض هذه الجراح خطيرة، وتصل إلى بتر الأطراف، هو جزء من هذه الاستراتيجية الصهيونية التي تعمل على (تعظيم خسائر) الفلسطينيين عن عمد وسبق إصرار.
كانت المسيرة سلمية، وفيها من كل الأعمار من الجنسين، ولم يكن الصبية والشباب الذين قتلوا أو أصيبوا يشكلون خطرا على حياة الجنود، فلم يكن معهم سلاح، وكانوا على مسافة بعيدة من السياج الحدودي، وصور الفيديو تثبت هذا، وبإمكان الأمم المتحدة والجهات الدولية أن تتحقق من هذه المعلومات لأن المشاهدة الميدانية تثبت سلمية المسيرة والاحتجاجات.
قيادة العدو لم تكن تتوقع مشاركة هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين، وحسبت أن السكان في غزة قد ركنوا إلى اليأس والإحباط، بعد أن ساهمت سلطة رام الله في عقابهم ومحاصرتهم ووقف رواتبهم، ونسيت طبيعة الفلسطيني وأنه يعض على جراحه من أجل وطنه، ومن أجل العودة إليه.
كان بإمكان جنود العدو أن يستخدموا الرصاص المطاطي، والقنابل المسيلة للدموع، وأن يكتفوا بذلك، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، واستخدموا الرصاص الحيّ بشكل مباشر ومتعمد بغرض القتل، والإصابة بجروح مختلفة لرفع تكلفة الاحتجاجات الشعبية ومنع استمرارها، وقد كان هذا قرارا مبيتا لقيادة الجيش والقيادة السياسية، ويشهد على ذلك نشر القناصة بالمئات على الحدود مع غزة.
إن الاستخدام المفرط للقوة القاتلة بدون مبرر هو جريمة ضد الإنسانية وهو تصرف أحمق. يهدد الاستقرار والتهدئة القائمة.
تستطيع دولة العدو أن ترفع تكلفة النضال الوطني، ولكنها لا تستطيع أن تقتل أمل الفلسطيني بالعودة إلى وطنه. الوطن الفلسطيني جزء من عقيدة الشعب. الوطن والمسرى آية من كتاب الله.