فلسطين أون لاين

لا تقلقوا على غزة ولا تعتقلوا إرادتها

أكدت أحداث يوم الأرض أن الشعب الفلسطيني في غزة شعب عنيد، يرفض أن يموت على فراش الانتظار والعقوبات والحصار، ويرفض أن يغيب عن مساحة القرار، لذلك قرر أن يتقدم إلى الأمام، وأن يواجه باقتدار، فاندفع غضبًا باتجاه الحدود، يقدم الشهداء والجرحى بالمئات، في مشهد فاجأ القائمين على مسيرة العودة، الذين عجزوا عن تقدير حجم الوطن المخزن في صدور الشباب، ولم يقوموا بالاستعدادات اللازمة لترشيد المواجهة، والحيلولة دون مزيد من الضحايا، الذين أذهلوا العالم بجرأتهم وثباتهم، وهم يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل فلسطين، في رسالة تنزف وفاءً وإصرارًا، وتشكل حافزًا لكل وطني شريف بضرورة عدم التراجع عن مواصلة المشوار، وعدم العودة ثانية إلى مربع الانتظار.


وإذا كان الدم الفلسطيني غاليًا، كما يقول الجميع، وإذا كانت الأرواح التي ترتقي في ساحات المواجهة عزيزة، فإن المسؤولية عن ذلك تقع على عاتق جنود الاحتلال القتلة، وعلى عاتق الإرهاب الصهيوني الذي ترعاه أمريكا، والذي يحظى بالتشجيع من حالة التطبيع التي تمارسها الأنظمة العربية، ومن هذا الصمت الذي يغلف جدار قلب المجتمع الدولي، إنهم جميعهم مسؤولون عن عربدة الجنود الصهاينة في دم الأبرياء الفلسطينيين.


فهل نرتعب من تهديدات الصهاينة، ونقبل الهزيمة، ونفر من زفرة الموت؟ أم نتجلد في ساحة الوغى، ونقبل التحدي، ونرتقي مع شهقة الشهادة؟ وهل المطلوب في هذه المرحلة أن نخاف على أرواح أولادنا، ودماء أطفالنا كما يدعو إلى ذلك قادة الكيان، وأجهزته الإعلامية، أم المطلوب مواصلة المسيرة، والاستعداد للعطاء مهما غلت التضحيات؟


على الشعب الذي يطالب بحقوقه المغتصبة أن يحارب عدوه، وأن يتحمل النتائج، فالحجر الذي لا يصيب الجندي الإسرائيلي على حدود غزة هذه الأيام، قد يصير قنبلة يدوية أو رشاشًا في يد مقاوم على أرض الضفة الغربية، وقطرة الدم التي تنزف على سياج غزة، ستصير عملًا مقاومًا في القدس، وانفجارًا على طريق المستوطنين في الضفة الغربية، والرصاصة التي تخترق صدر طفل فلسطيني لا يحمل إلا حجرًا، سترتد على الصهاينة صاروخًا أو قذيفة في لحظة ما من المواجهة، وهذا يؤكد أن القضية الفلسطينية متماسكة البنيان، تتبادل تأثير الأحداث، وتؤكد أن مسيرة العودة التي تبدأ في مدينة جنين، ستصل صرخاتها إلى شاطئ غزة، في وحدة حال تميز بين المنتظرين والمنتصرين، وتفرق بين استمرارية العطاء وموسمية الحركة.


ومخطئ من يظن أن المقاومة الفلسطينية بكلّ أشكالها مقاومة موسمية، تتفجر في يوم، لتخمد كل العام، المقاومة الفلسطينية المتواصلة مع المثابرة وحسن الإعداد والتقدير للموقف هي الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية، سواء كانت هذه المطالب آنية حياتية تتمثل برفع الحصار عن غزة، ورفع العقوبات، أو كانت هذه المطالب استراتيجية تتمثل باستنهاض الحالة الفلسطينية العامة، وفرض أجندة الشعب الفلسطيني المقاوم على كل الأطراف.