"لا نريد منهم تحقيقات، ولا نريد منهم شيئًا"، هذا ما قاله عباس في خطابه الأخير لحماس وأجهزة الأمن في غزة. عباس لا يثق بتحقيقات حماس؟! غزة هي العدو، و(إسرائيل) هي الشريك في كل شيء؟!
عباس لا يريد تحقيقات غزة في حادثة التفجير المناور؛ لأنه أدرك أن التحقيقات قد وضعت يدها على خيوط الجريمة والمجرم، ومن ثمة استبق نتائج التحقيق حتى لا تفلت المناورة من عقالها فأسرف في اتهام حماس والهجوم عليها وتهديد غزة بعقوبات جديدة؟!!!!
لم يكن إسراف عباس في الهجوم على حماس تعبيرًا عن حالة انفعالية وعصبية، بل كان جزءًا من خطة مدروسة ومتعمدة، لذا وجدناه يتهم حماس بتبني (سياسة الاغتيال) في مناهجها منذ عام ١٩٣٦م، بينما نشأت حماس في ثمانينيات القرن العشرين. إن إسراف عباس كإسراف بشار غير أنه لا يملك طائرات ولا براميل؟!
عباس تعمد نبش تاريخ الإخوان في مصر في زمن الملك فاروق وعبد الناصر، وجعله تاريخًا قائمًا على الاغتيالات ثم ألصقه في حماس، لأنه لم يجد في تاريخ حماس مثالًا واحدًا للاغتيال.
عباس أسرف في مقاربة تاريخ الإخوان ظنًا منه أن هذا يرضي القيادات المصرية الحالية، ويحاصر حماس ويهينها، ولكنه أخطأ الهدف لأنه اختار من التاريخ الصفحات المكذوبة، ونسي أو تناسى جهاد الإخوان في فلسطين في عام ١٩٤٨م؟!
التحقيقات التي يرفضها عباس لأنه يرفض غزة ومنطقها الوطني، وصلت إلى نتائج ملموسة في معرفة المتهم الرئيس في عملية التفجير وقتله بعد أن قتل اثنين من رجال الشرطة، وتم إلقاء القبض على بعض معاونيه.
لقد استبقت قيادات من فتح والسلطة خطاب عباس المسرف في الاتهامات واللغة إلى القول على حماس أن تعلم (أن ما قبل التفجير غير ما بعد التفجير؟!)، وقفزت تطلب الأمن كاملًا في غزة ودفعة واحدة، وكأن هذا المطلب هو أحد مسببات التفجير كما ذهب إلى ذلك المحللون؟! والآن بإمكان حماس أن تقول لقيادة السلطة (إن ما بعد الخطاب غير ما قبل الخطاب)، وإن مناورة التفجير خلقت واقعًا جديدًا، وإن تضحيات رجال الأمن في غزة للوصول إلى الحقيقة لن تذهب هدرًا. رحم الله شهداء الأجهزة الأمنية وشهداء فلسطين.