حدّدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير موعد عقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في أواخر نيسان القادم، لبحث المخاطر التي تواجه قضية شعبنا والمؤامرات التصفوية التي تحاك ضدها وضد شعبنا، لذا انعقاده ليس ترفًا أو استحقاقًا فقط، بل هو حاجة وضرورة، وعلينا العمل على أن يكون اجتماعًا جامعًا هدفه الأول توحيد الساحة الفلسطينية في خندق واحد والاتفاق على خطة إنقاذ وطني من أجل وقف الانهيار الداخلي أولا والوقوف في وجهة مؤامرة "صفقة القرن".
كما أن استباحة الاحتلال لكل ما هو فلسطيني لم يُبقِ من "السيادة" شيئا غير الاسم، يدفعنا، أردنا أم أبينا، إلى ضرورة تقييم الوضع برمته، والعودة إلى الحدق الواحد بالاعتماد على أنفسنا، وخلق خيارات خارج المألوف بما يحافظ على وحدتنا ووجودنا أولا وأخيرا على أرضنا.
فلعل اعلان موعد انعقاد المجلس الوطني من مهام اللجنة التنفيذية، فليكن ذلك، لكن من المفروض أن يتم تحديد هذا الموعد بالتشاور والاتفاق مع كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي لضمان نجاح هذا الاجتماع وليس لتكريس الانقسام الذي عانى ويعاني منه شعبنا والذي شجع الأطراف المناهضة وفي مقدمتها الاحتلال وإدارة الرئيس ترامب على محاولات تصفية قضية شعبنا.
فقد سبق إعلان موعد انعقاد المجلس الوطني تقدم ملحوظ في ملف المصالحة التي ستجسد الوحدة والعمل الوطني معا، فما يفصلنا عن موعد انعقاده شهر ويزيد وحتى الآن لا تزال الفرصة مواتية لدعوة الجميع للحضور دون استثناء، وهذا من شأنه أن يعزز بناء الثقة وينجد المصالحة من الفشل، فحضور اجتماع المجلس الوطني من قبل جميع الفصائل والمنظمات هو أمر ضروري وملح، حتى يتم الاتفاق على وضع أسس وبرنامج عمل واستراتيجية وطنية لمواجهة تحديات المرحلة، خاصة ما يتعلق منها بما يسمى صفقة القرن التي روجت وتروج لها إدارة الرئيس ترامب والتي تصب في صالح الاحتلال وعلى حساب شعبنا وقضيته العادلة.
وبما أن اجتماع المجلس الوطني بات ضرورة وطنية ملحة، فإن الإعداد له يجب أن يكون على مستوى من التنسيق والتفاعل وعقد اللقاءات والاجتماعات التي من شأنها إنجاح هذا الاجتماع مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح العليا لشعبنا وليس مصالح فئوية أو حزبية أو شخصية، لذا التحضيرات لعقد المجلس الوطني يجب أن تبدأ من الاتفاق على كيفية أن يضم الجميع بغض النظر عن مكان الانعقاد التي يمكن تجاوزها إما من خلال التوافق على مكان خارج فلسطين مثل الجزائر، أو غيرها، أو من خلال التقنيات التي تسمح للجميع بالمشاركة، فلا مجال الآن للدخول في مناكفات في الوقت الذي نرى بأن الاحتلال يصعّد بشكل غير مسبوق من إجراءاته لضم ما تبقى من الضفة الغربية، وضرب مؤسسات السلطة الفلسطينية، وفي ذات الوقت يعزز من حصار غزة ويدفع باتجاه عزلها في سبيل إقامة كيان فلسطيني منقوص يقضي على المشروع الوطني.
فالحال الذي نعيشه صنعناه بأيدينا، وساهم الاحتلال - بسبب ضعفنا الداخلي وتغليب المصالح الشخصية والحزبية - في تغذية التناقضات الداخلية وصولا إلى حالة من الاحتراب تذهب بما تبقى من أمل، فالمطلوب من الجميع أن يكونوا في خندق واحد وتحت راية واحدة بالعمل المشترك وبناء شراكات وطنية وقواسم مشتركة سنامها مقاومة الاحتلال بكل إفرازاته على قاعدة أن التناقض الرئيس مع المحتل وليس مع الآخر المختلف داخل المجتمع الواحد.
وجودنا وإيماننا بأننا جميعا في خندق واحد يحتّم علينا أن نتحمل مسؤولياتنا التاريخية والوطنية بأن نشارك جميعنا في اجتماع المجلس الوطني كمسؤولية فردية على كل تنظيم أن يتحملها ويبحث عن إيجابيات المشاركة، وأيضا وفي سياق أن هذه المرحلة شديدة التعقيد، فلا شك بأن هناك حاجة إلى تشكيل لجنة تحضيرية للمجلس الوطني تضم الجميع وتضع الخطوط العامة لخطة الإنقاذ الوطني.