فلسطين أون لاين

​القضية والمقصلة؟!

...

من الذكاء أحيانًا أن لا تقول شيئًا خاصة إذا كانت الأمور تتحدث عن نفسها إذا كاد المذنب يقول خذوني وإذا كشف السياسيون أوراقهم وإذا غابت الحكمة والعقل وأصبحت السفاهة عنوان المرحلة..

أتذكر حكاية عالم الدين والمحامي والفيزيائي عندما سيقوا للإعدام فتوقفت المقصلة على رقبة عالم الدين فقال الله أنقذني وعندما توقفت على رقبة المحامي قال العدالة أنقذتني وعندما توقفت على الفيزيائي الذي اكتشف الخلل فقال هناك عقدة في الحبل توقف المقصلة فحلوا العقدة فنزلت المقصلة على رقبته ومات شهيدا للكلمة ومصداقية المعرفة.

كل من يضع يده على الخلل الحقيقي ويشير إلى عقدة الحبل تنزل عليه المقصلة.

كل من يكون صريحا في أية قضية ساخنة في المنطقة هناك من سيفلتون الحبل فتنزل على رقبته المقصلة.

لو تكلمت القضية الفلسطينية اليوم وتحدثت عن العقدة لأنزل أصحابها على رقبتها المقصلة.

لو ذهبنا إلى سياق القضية وتحدثنا عن المخاطر والضرورات وما يحضر لها من أعدائها، وما علينا فعله لا قوله حتى لا تنزل على رقبتها المقصلة، كان لا بد من ثورة على نفوسنا وعلى كل السياسة الفلسطينية في هذه المرحلة السوداء، نحن بتنا في الوادي ونزلنا عن جبل أحد. لم يعد هناك رماة يحمون ظهورنا، بينما أعداؤنا هناك في قمم الجبال يلتفون حولنا ويستعدون للانقضاض الأخير على ما تبقى من أنفاسنا. لقد أدخلنا قضيتنا حالة التيه السياسي وفقدنا البوصلة، لم يعد الحكيم حكيما ولا السفيه سفيها، ذهب الرعيل الأول بما ذهبوا به من حكمة وشهادة وجهاد وثورة وبقينا نحن كالأيتام على موائد اللئام، نساق كالقطيع نخشى الجهاد في سبيل الله ونخاف لومة اللائمين ورمية الحاقدين ونرضى بالقليل من العمل والقول الذي لم يتجاوز الفتات.

نقف وجها لوجه أمام هذا السؤال: إلى أين قضيتنا هي ذاهبة؟؟ ومن يقف معها أو خلفها ويحاول دفعها وتحريكها إلى الأمام ولو قيد أنملة؟ هل نتحدث وفق سنن وقواعد التحرير المعروفة لكل تجربة شعب واجه الاحتلال؟.. درسنا التجربة الفيتنامية وتجربة كل الشعوب التي سيطرت عليها قوى استعمارية تفوقها بالقوة أضعافا مضاعفة.. خضنا التجربة والحروب الطاحنة في لبنان وغزة وما زالت، وخاضت شعوبنا العربية الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي.. خاض تاريخ شعوبنا الحروب الصليبية والتترية، تاريخنا القديم والحديث حافل بالتجارب والسؤال كيف كانت المواجهة وكيف كان الاشتباك مع المحتل.. التجارب كلها متشابهة إلى حد ما وطريق الخلاص واحدة، المقصلة واحدة ولا تحتاج إلى من يجهر بالقول فيشير إلى العقدة، ولا إلى الذي يتواكل فيعتمد على مبدأ النجاة بروحه ولو هلك الآخرون..

نحتاج إلى من يطرح سبل الإنقاذ والنجاة من هذا المستعمر، إلى من يرفع عن رقبة القضية المقصلة، هذا الحلف الأمريكي الصهيوني وهذا التحضير لصفقة توقع المنطقة بأسرها في وحلهم هو المقصلة.. إن من يرى المقصلة والقضية لا يفكر بغيرهما.. كل قول أو فعل لا يضرب على يد من يمسك بالمقصلة ما هو إلا هراء أو هباء منثور أو تغريد خارج سرب القضية..