فلسطين أون لاين

محللون: خطاب عباس ضربة قاضية لكلّ جهود إنهاء الانقسام

...
غزة - يحيى اليعقوبي


اتفق محللون سياسيون على أن خطاب رئيس السلطة محمود عباس أمس، وإعلانه فرض عقوبات جديدة على غزة، وهجومه على حركة حماس، خطوة أخيرة وضربة قاضية لإغلاق كلّ الجهود من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني، والهروب من الالتزامات المنصوص عليها في اتفاق المصالحة.

ويؤكد المحللون خلال أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" أن عباس يهدد بفرض عقوبات جديدة قاسية على غزة، لإحداث حالة إذلال وتركيع لغزة، معتقدًا أن ذلك سيدفع حماس لتسليم غزة وفق رؤيته، ما يثبت أنه لا يؤمن بالشراكة السياسية مع أحد ويريد الاستفراد المطلق بالقرار وبمستقبل الشعب، الأمر الذي يجعل الفلسطينيين أقل قدرة على مواجهة صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقرر عباس في افتتاح اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برام الله أمس، فرض إجراءات عقابية جديدة على قطاع غزة على خلفية التفجير الذي استهدف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله الذي اتهم حركة حماس بالمسؤولية الكاملة.

حالة تركيع

ويقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: "هذا الخطاب بمثابة إعلان رسمي عن وفاة المصالحة، بعد أن كان هناك نوع من الأمل في الفترة السابقة لتحريكها، فجاء عباس وأنهى هذا الموضوع".

وأضاف عوكل: "واضح أن كلام عباس ينطوي على تهديد بفرضه لعقوبات جديدة قاسية سيتخذها ضد غزة رغم أن العقوبات السابقة مستمرة وقائمة وأحدثت كارثة إنسانية بغزة".

ورأى أن عباس يريد من حماس أن تسلم كل ما تراه فتح مناسبًا لتمكين الحكومة، ويريد أن يستعيد غزة كما كانت قبل 2007، مستدركًا: "لو لم يكن حادث استهداف الموكب سببًا في هذه النقلة في مواقف السلطة وفتح، سيكون أي سبب آخر لذلك، لأن المصالحة وصلت لمرحلة استعصاء".

ويهدف عباس من تحميل حماس مسؤولية حادثة استهداف موكب "الحمد الله"، حسب تفسير عوكل، وضعها أمام خيارات صعبة إما أن تسلم كل شيء بغزة أو أن عليها تحمل المسؤولية كاملة، معتقدًا أن حماس لن تستجيب له مطلقًا؛ لأنه يريد كل مصادر قوة الحركة التي تجذرت بالشعب الفلسطيني وليس فقط سلاح المقاومة.

خطاب توتيري عدائي

فيما عدّ الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن خطاب عباس توتيريًا يحمل عداءً متأصلًا في شخصيته، ولا يخدم أي توجه في إطار المصالحة الفلسطينية، ويهدف لإحداث حالة إذلال وتركيع لغزة.

وقال محيسن لصحيفة "فلسطين": "إن عباس استغل حادث استهداف موكب الحمد الله لاتخاذ المزيد من العقوبات ضد غزة"، مبينًا أن اتهامات عباس لحماس وتحميلها مسؤولية "التفجير" اتهامات غير منطقية وغير قانونية، بل هي اتهامات سياسية؛ لأنه لم يقد أي دليل حول الجهة التي تقف وراء الحادث.

ويهدف عباس من خلال الخطاب والعقوبات، وفق الكاتب السياسي، للهروب من الالتزامات المنصوص عليها في اتفاق المصالحة ويثبت أنه لا يؤمن بالشراكة السياسية مع أحد ويريد الاستفراد المطلق بالقرار وبمستقبل الشعب رغم أن مشروعه السياسي فشل ولم يستطع حتى وقف جرائم الاحتلال التي ترتكب يوميًا بالضفة عبر التنسيق الأمني الذي يريد أن يصنع له مثيل بغزة.

وتابع: "عباس يشعر أن غزة من خلال عقوباته بدأت تتمايل وتترنح، لذلك يريد زيادتها كإجراء أخير منه كي يحصل على الاستسلام وتأتي له غزة مستسلمة وفق رؤيته".

ورأى أن المصالحة –في ضوء خطاب عباس– ستكون في حالة جمود وأن الأمور ستراوح مكانها لفترة من الزمن، مستبعدًا وجود أي إمكانية قريبة بأن يتم الشروع في أي تطبيق عملي بما جرى الاتفاق عليه.

إغلاق الباب الأخير

ولم يختلف الكاتب والمحلل السياسي د. هاني حبيب عن سابقيه، فرأى أن الخطاب خطوة أخيرة لإغلاق كلّ الجهود من أجل إنهاء انقسام، وقال: "إن تحميل عباس لحماس مسؤولية الكارثة التي تحدث بالقطاع يجب أن يرتد لعباس نفسه باعتبار أن العقوبات التي أعلن عنها موجهة ضد أهالي القطاع، ما يجعل الفلسطينيين أقل قدرة على مواجهة صفقة ترامب".

وأضاف حبيب لصحيفة "فلسطين": "إن هذا خطاب يسبق عقد مجلس وطني غير وحدوي قد يشكل عملية فصل ليس بين غزة والضفة فقط، بل فصل في منظمة التحرير ذاتها، حيث إن هناك فصائل عديدة لن تشارك بهذا المجلس غير الوحدوي، ما يزيد من عمق المأساة الفلسطينية التي يتحملها عباس وقياداته السياسية".

ويحاول عباس، تبعا لكلام الكاتب السياسي، من خلال إجراءاته العقابية دفع حماس –دون جدوى– للإعلان عن دولة فلسطينية بغزة، لافتًا إلى أن حماس ومع ذلك مصرة على مواجهة هذا المخطط الاستعماري الأمريكي باعتبار أن غزة جزء من فلسطين.

وبين أن عباس يعتقد أنه ليس هناك حل لإنهاء الانقسام وفق رؤيته إلا بتسليم حماس تسليمًا تامًّا لغزة ونفي وجود الحركة"، لافتًا إلى أن حادثة استهداف موكب "الحمد الله" الثلاثاء الماضي هدفت لاغتيال المصالحة وليس "الحمد الله".