فلسطين أون لاين

تسخين الحدود.. محاولة إسرائيلية لإفشال تحركات مسيرة "العودة الكبرى"

...
آثار القصف الذي لحق بالأراضي الزراعية جراء الاستهداف الأخير جنوب غزة (تصوير / ياسر فتحي )
غزة - يحيى اليعقوبي
لجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات الماضية إلى كسر حالة الهدوء السائدة على حدود قطاع غزة عقب حديثه عن تفكيك عبوات ناسفة مزروعة قرب الحدود، يرى مراقبون أنها محاولات استباقية منه لمواجهة تحركات مسيرة العودة الكبرى المقررة في 30 مارس/ آذار الجاري.

وشنت طائرات الاحتلال، فجر أمس، سلسلة غارات عنيفة على أراض زراعية شرق حي الزيتون، جنوبي شرقي مدينة غزة، وجاءت بعد ساعات من قصف مدفعي استهدف نقطة رصد للمقاومة شرق حي الشجاعية، وذلك في أعقاب ادعاء الاحتلال انفجار عبوة ناسفة قرب السياج الأمني على الحدود الشمالية الشرقية لمدينة غزة.

كذلك أعلن جيش الاحتلال صباح أمس، عن تدميره الليلة قبل الماضية نفقًا هجوميًا شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "قبل عبوره الحدود"، فيما أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أن النفق "قديم وغير مستخدم، وتعرض للاستهداف سابقًا".

ويؤكد المراقبون أن الاحتلال يسعى إلى تخويف المواطنين في قطاع غزة وإرباك منظمي المسيرة والداعين إليها والعمل على تجديد واقع يمنع مثل هذه التحركات الشعبية من خلال تسخين عسكري على الحدود.

ويخشى الاحتلال وفق المراقبين من أن تشارك حشود كبيرة تقدر بعشرات الآلاف في مسيرة العودة الكبرى وحينها لا يستطيع التعامل معهم.

ومسيرة العودة مسيرة سلمية شعبية مليونية ستنطلق من قطاع غزة باتجاه الأراضي التي تم تهجير الفلسطينيين منها عام 1948.

خطوات استباقية

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي أن الاحتلال الإسرائيلي وبعد الحديث عن مسيرة العودة الكبرى بدأ يستشعر خطورة هذه الخطوات، مشيرًا إلى أن قادة الاحتلال تحدثوا عن خشيتهم من تجاوز الآلاف المواطنين الحدود نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948 ولا يستطيع جيشهم التعامل معهم.

وقال الرفاتي لصحيفة فلسطين: إن مسيرة العودة تمثل بالنسبة للاحتلال خطرا، لذا بدأ يتخذ خطوات استباقية من خلال أمرين: الأول تصعيد حدود القطاع بحيث تكون غير قابلة لتواجد أية حشود شعبية.

والأمر الثاني كما يقول الرفاتي رسالة تخويف للجماهير الفلسطينية بأن من يريد منهم الذهاب للحدود فإنه سيكون في خطر وأن الموت ينتظره.

ويعد ذلك دليلًا على خشية الاحتلال من الجماهير التي ستؤكد على ثوابتها وضرورة حق العودة لأراضيها.

وأضاف أن الاحتلال يخشى من مسيرة العودة لأنها تحمل رسائل شعبية وتكسر هيبة الذهاب للحدود، مما يجعل التكلفة الأمنية الإسرائيلية كبيرة جدا ويعقّد العمل الردعي الذي يحاول الاحتلال رسمه.

كما أن الاحتلال يخشى من الصورة الدولية التي ستخرج من غزة وصورة الجماهير التي تريد العودة لأراضيها والتي تستخدم في ذلك أساليبًا شعبية تتوافق مع النظرة الإنسانية على مستوى العالم التي تقول بأن هناك أناس مهجرين يطالبون بالعودة، وفق الرفاتي.

ومن ناحية أخرى، تبعا لكلام الرفاتي، يحاول الاحتلال رسم سياسة جديدة على حدود القطاع تتمثل في عدم الذهاب لحرب جديدة مع فصائل المقاومة، وإكمال مشروعه في بناء الجدار الأرضي حول القطاع الذي يزعم أنه سيحل مشكلة الأنفاق الهجومية، لذا يحاول استهداف انفاق المقاومة لتأخير مشروعها من ناحية، وجعل تكلف الذهاب لحرب عالية جدا على المقاومة.

تحييد سلاح

بدوره، يبين الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن الاحتلال من خلال سلوكه الأخير بالقصف على غزة وتصريحات قادته المختلفة يشير إلى حالة التخوف والقلق لديه من مسيرة العودة.

وقال المدهون لصحيفة "فلسطين": إن التحشيد الجماهيري سيبطل الكثير من الأسلحة التي يمتلكها الاحتلال الإسرائيلي، وسيحيد سلاحه العسكري، مضيفا: "نحن أمام مرحلة جديدة يخشى الاحتلال منها سلاح الحشد والكلمة والسلاح الشعبي والسلمي الذي بدأ يتبلور".

ولفت إلى ضرورة عدم الانخداع لسلوك الاحتلال والاستمرار بالدعوة والتحشيد لمسيرة العودة، منبهًا إلى أن حق العودة مشروع وطني يأتي بعد انسداد الأفق السياسي السلمي وبعد الحصار الذي استمر أكثر من أحد عشر عاما دون أي حلول سياسية.

الخيار الأمثل

ولهذا فإن الفلسطينيين، وفق المدهون، أمام خيارات إما المواجهة العسكرية التي لا يقوى الشعب على خوضها مهما امتلك من أسلحة وتطور في أداء المقاومة باعتبار أنه سيواجه قوة احتلالية مدعومة من أمريكا، والأمر الثاني الصبر والصمت على كل ما أصاب جميع مناحي الحياة في القطاع.

ورأى أن هذه المسيرة هي الخيار الأمثل للشعب الفلسطيني الذي يمكن من خلالها رفع الصوت وتريحك المياه الراكدة وطرح مواقف وسياسات وأفكار الشعب على الطاولة، في ظلالأخطار التي تحدق بالقضية والثوابت الفلسطينية كالقدس وحق العودة.

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن الاحتلال منزعج جدًا من فكرة مشاهدة مئات الآلاف من الفلسطينيين على الحدود، لذلك يسعى للتخريب وتوتير المنطقة وفق التصعيد المحسوب، لمنع ذلك.

وأضاف القرا على صفحته الشخصية في "فيسبوك" أننا "في المقابل نحن بحاجة لكل جهد لإنجاح المسيرة ودعمها وتوفير الأجواء المناسبة لرسم صورة أخرى للفلسطيني ترتبط بحقه في العودة، ويمكن أن تكون نموذج جديد لتحقيق العودة لاحقًا، وإحباط أي محاولة من قِبَل الاحتلال لإفشالها".

وأضاف أن كتائب الشهيد عز الدين القسام لا ترغب بالتصعيد وترفض الانجرار وراء محاولات الاحتلال في حرف الأنظار عن مسيرة العودة الكبرى، ويرغب بأن تبقى في إطارها الشعبي، وبنفس الوقت يفند ادعاءات الاحتلال بخصوص تحقيقه انجازات ميدانية، وهذا لا يمنع أن للشعب مقاومة تحميه عند الضرورة.