فلسطين أون لاين

​الاعتقال الإداري على صفيح ساخن

...

في ظل إضراب المعتقلين الإداريين عن المحاكم واستعداداتهم لفتح إضراب مفتوح عن الطعام غير مسبوق، نجد هذا الملف في غاية الأهمية والخطورة.. هذا النوع من الاعتقال قد بات معروفًا أنه دون تهمة أو دليل، وبالتالي المحاكم تجرى على ذمة ملف سري تعده المخابرات ولا يسمح حتى لمحامي المعتقل أن يطلع عليه، وبالتالي فهي محاكم هزلية ويجري جزافًا تسميتها محاكم. كذلك يوضع المعتقل وأهله في حالة من الحرب النفسية القاسية، إذ كلما انتهت فترة وتجهز الجميع لفرحة الإفراج جاءت نكسة التجديد دون إبداء أي من الأسباب. فيتجرع الجميع مرارة الظلم وهذا الاعتداء السافر على حرية هذا الإنسان المعتقل وأهله الذين ينتظرون على أحر من الجمر.

وجاءت خطوة الإضراب عن هذه المحاكم الهزلية في مكانها حيث لا مناص لهم من اتخاذ هذه الخطوة، إذ من شأنها تعرية الاحتلال الذي يختبئ خلف هذه الأشكال والمزاعم التي لا علاقة لها بالقانون البشري. وجدير بالذكر أن الموضوع ليس سهلا من الناحية النفسية، إذ إن الإنسان بطبيعته يتعلق بالأسباب وحتى لو كانت واهية خاصة إذا أغلقت في وجهه السبل، يذهب إلى المحكمة وصوت بداخله بقول: "لعل وعسى أن أجد قاضيا يتفهم الظلم الواقع علينا.."، ولقد أثبتت التجارب أن هذه العملة من القضاة صعبة في تاريخ هذه المحاكم، صحيح قد يجد من يسمع ويبدي تأثره ولكنه في واقع الفعل واتخاذ القرار لا يختلف عن المخابرات التي صاغت التقرير السري أبدا ولا يخرج عن طوعهم قيد شعرة.

هناك من الأسرى من قضى في السجون بصفته معتقلا إداريا ما يزيد على خمسة عشر عاما كمجموع لهذه الاعتقالات مثل باجس فارس وعبد الرزاق فراج وسالم بادي والقائمة طويلة، وهناك من تكرر اعتقاله الإداري لما يزيد على العشر مرات فتكون النتيجة أنه لم يعد يعرف أنه عائش في السجن أم خارجه، وهناك من الأسيرات اللواتي وقعن في أتون هذا الاعتقال. ولم تعد المسألة تطال نوعا معينا من أوجه النشاط فمن دخل فيه فقد عرض نفسه للاعتقال الإداري وإنما شكل العديد من الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية فكان الهدف هو دفع النخبة الفلسطينية خارج الملعب ووأد نشاطها، لذلك فإن المقصود من إصرار الاحتلال على ممارسة هذه العقوبة هو قتل الروح الفلسطينية ودفع نشطاء هذا الشعب إلى التنحي جانبًا وبالتالي تحويل شعبنا إلى قطيع دون قيادة أو دون نخبة حرة تقوده.. فالمقصود هو المجتمع كله، والاعتقال الإداري بمثابة فزاعة، يعتقلون من كل مخيم وقرية ومدينة حالات معينة معروفة للناس فيرهبون به بقية النشطاء، ولسان حالهم يقول: احذروا هذا هو مصيركم: "الاعتقال الإداري".

لذلك فإن التحرر من الاعتقال الإداري هو تحرر للشعب كله من هذا الكابوس المسلط على نشطائه. فكان لهذا حق علينا جميعا أن نقف مع معتقلينا في معاركهم وأن يجري تحريك الأمر بقوة على الساحة الدولية، وعلى كل المؤسسات القانونية والمدافعة عن حقوق الإنسان أن تتحرك، المعركة معركة الجميع وهي بالمناسبة معركة خاسرة للاحتلال قانونيا وسياسيا، لأنه ببساطة لا أحد في العالم يقيم علنا محاكم على ملفات سرية تطرزها مخابراته (هذا الكلمة تطريز الملف مقتبسة منهم).ا