تكررت إضرابات الموظفين العموميين في غزة للمطالبة برواتبهم ودمجهم بعد إجراءات المصالحة التي لم تصل نهايتها بسبب رفض السلطة وفتح القيام باستحقاقاتها، وبالذات تلك التي تتعلق بالموظفين٠
قضية الموظفين قضية وطنية تعلو على الخلافات السياسية، ولا ينبغي ربطها بالمسائل السياسية ولا الأمنية، فهي مسألة إدارية وقانونية، فالموظف يؤدي عمله اليومي للمواطنين بدون تمييز في مقابل راتبه الشهري الذي ينفق منه على نفسه وعلى عائلته٠
إن قهر الموظفين بحرمانهم من حقهم في الراتب الشهري لاعتبارات سياسية وحزبية هو خيانة للأمانة والمسئولية، وإن التفريق بين الموظف المدني والشرطي هو تحطيم لمفهوم الوطنية وحق المواطنين في حياة كريمة٠
منذ اتفاق الشاطئ في ٢٠١٤ لم يتقاضَ الموظفون راتبا كاملا، وإنما نسبة من الراتب لا تتجاوز ٥٠٪، ولا يجد الموظف في حكومة الحمد الله أملاً في إنصافه، فهو يعيش تحت تهديد الفصل من الوظيفة بحجج سياسية لا إدارية ولا قانونية ، إضافة إلى التفرقة العنصرية، وكأن مالية السلطة ( قطاع ملاكي ) لموظف الضفة وموظف فتح ، وكأن الموظفين في غزة جاؤوا من عالم آخر معادٍ للوطن؟!
إنه لمن العار أن يعامل الموظف الغزي هذه المعاملة السيئة التي نزلت به وبعائلته إلى قاع الفقر والحاجة ينتظر ٤٠٪ من الراتب كل شهر أو أكثر، وينتظر أن يتصدق عليه المحسنون وأهل الخير٠
إن من واجبات الحكم حفظ كرامة الموظف والمواطن والوقوف إلى جانبه بغض النظر عن موقفه السياسي ، إن من يعمل ضد كرامة الموظف لا يستحق أن يكون حاكماً أو رئيساً ٠
لقد بلغ الفقر بالموظف الغزي مبلغاً ترى معه دموع الرجال تتساقط حرى أمام مطالب الأولاد اليومية والضرورية، وضغط هذا الإجحاف السلطوي الذي لا نجد له سابقة في التاريخ الفلسطيني٠ إن دموع الموظفين الحرى ستنتصر على القمع لا محالة، لأنها دموع تبحث عن الحرية والانعتاق عندما تبحث عن طعام الأولاد.
لست أدري لماذا تصر السلطة على ربط حقوق الموظفين بالسياسة وتسلم الأمن في غزة مع أنه لا معنى للمصالحة ولا قيمة لها بدون إعطاء الموظفين حقوقهم كاملة، ودون استثناء أو قسمة بين مدني وعسكري بغض النظر عن الملفات الأخرى. ثم إنه لا معنى لتضحيات حماس من أجل المصالحة، إذا ما أسفرت عن إخراج موظف أو أكثر من عمله، لأن في إخراج الموظف من عمله تدميرا لحياته وحياة عائلته.
الحكومات يا سادة تعالج الفقر عند غير الموظفين من أبناء الوطن لأن هذا هو من أوجب واجباتها ، والسلطة عندنا وحكومة الحمد الله تريد أن تلقي بالموظفين في غزة في أحضان الفقر والبطالة لأهداف سياسية دون اعتبار لدموع الفقراء واحتجاجاتهم٠