"إن الحديث عن المصالحة بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله يجب أن يأخذ أبعاداً آخرى٠٠ فكيف نذهب إلى المصالحة في ظل هذه التهديدات؟!" هذا الكلام لروحي فتوح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ٠
إذا ضممنا كلام فتوح هذا إلى كلام رئيس الوزراء رامي الحمد الله بعد الانفجار مباشرة، حيث دعا حماس إلى تسليم الأمن الداخلي في غزة إلى السلطة، ندرك أن رسالة الانفجار الأساسية كانت تستهدف المصالحة، وتستهدف القفز إلى ملف الأمن، في ظل وجود الوفد الأمني المصري في غزة٠
أنا لا أبحث في هذا المقال عملية الانفجار الرحيمة، ولا فيمن يقف خلفها، وإنما أبحث في رسالة الانفجار، وهي رسالة (سياسية) من الطراز الأول، وهي تقول للوفد الأمني المصري لا تقدم في ملفات المصالحة قبل أن تتسلّم السلطة الأمن في غزة، والمطلوب منكم هو الضغط على حماس ؟! وإن كلام روحي فتوح حول الأبعاد الجديدة للمصالحة بعد الانفجار يجلّي هذه الرسالة الخطيرة٠
لا مصلحة لحماس في وقوع الانفجار، ولا يمكن لحماس أن تقوم بهذا العمل المغامر، لأنها حركة مسئولة لا تستفيد أبداً من تفجير الواقع الأمني في غزة وإشعار العالم بأن حماس وقوات الأمن في غزة عاجزة عن القيام بواجباتها٠
"الاتهام بالعجز" وحده كفيل أن يمنع حماس من القيام بهذا العمل، وكفيل أيضا بأن يمنعها من التواطؤ مع آخرين ليقوموا بهذا العمل ٠
إن طلب رامي الحمد الله، وتصريحات فتوح وغيرهما عن الجديد في مواقف فتح والسلطة من المصالحة هو ما يثير الريبة، وهو ما يشرح رسالة الانفجار، وغايتها، وطريقة تنفيذها، وتوقيتها، وأتمنى على قوات الأمن الداخلي أن تقف على الفاعل الحقيقي، وأن تكشف أهدافه ومن يقف خلفه٠
المصالحة قضية وطنية يشترك فيها الجميع، ويستفيد من تحققها الجميع، ولا يستطيع طرف أن يمنّ بها على طرف آخر، ومن المؤكد أن المصالحة لا تفشل مع الإرادة، ولكنها تفشل مع رفض الشراكة والاستفراد بالقرار، والاستقواء بالخارج ٠
لقد قدمت حماس فيما أحسب الاستحقاقات المناطة بها لإنجاح المصالحة، ولم تقم السلطة بدفع الاستحقاقات المناطة بها، لا سيما في خانة الشراكة وملف الموظفين، ولا زالت تقدم رجلاً وتؤخر أخرى وتمارس ابتزاز حماس وإقفاز غزة واللعب على حبال تركيعها ٠