فلسطين أون لاين

​عملية جنين لـ"عرابي الصفقة": دروب القدس محفوفة بالثوار

...
قوات الاحتلال تعاين مكان الدهس في جنين (أ ف ب)
غزة - نبيل سنونو

خرج العجوزُ الأمريكي الذي يعتلي سدة الحكم في الولايات المتحدة في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، زاعمًا على الملأ أن القدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، على خطى وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور، الذي وعد بما لا يملك لمن لا يستحق، في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917.

ضرب دونالد ترامب، الذي شوهد يوما على حلبة المصارعة قبل أن يتولى رئاسة أمريكا، القرارات الدولية التي ترفض الاعتراف بما يسمى "ضم" القدس المحتلة لـ(إسرائيل)، بعرض الحائط، وهو الذي بذل قصارى جهده لمنع تمرير قرار ضد الاستيطان في مجلس الأمن نهاية 2016، امتنعت الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما عن التصويت ضده.

"لقد تأخر القرار كثيرا"؛ هكذا اعتقد ترامب بشأن نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، عندما أقدم على ما امتنع عنه أسلافه من الرؤساء الأمريكيين، الذين دأبوا على توقيع قرارات بتأجيل تطبيق قرار الكونغرس المتخذ عام 1995 بهذا الصدد.

في رام الله، وُصِف رد قيادة السلطة الفلسطينية بأنه "بارد" في مواجهة قرار ترامب، لاسيما أن المجلس المركزي على سبيل المثال انعقد بعد أكثر من شهر على قرار ترامب.

وكان أقصى ما خرج به الاجتماع الذي ترأسه رئيس السلطة الثمانيني محمود عباس، هو الدعوة لرعاية دولية لعملية التسوية الفاشلة منذ أكثر من عقدين، إلى جانب قرارات اتخذها المجلس أكثر من مرة، دون أن تنفذ على أرض الواقع.

ولم يحظ اجتماع "المركزي" المذكور بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إذ قال عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران في تصريح صحفي آنذاك، إن حركته ارتأت أن يكون الاجتماع خارج الأرض المحتلة، وأن يسبقه اجتماع للإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير، وأن تتم مشاركة الفصائل المختلفة في التحضير له ولجدول أعماله.

وعلى أرض الواقع وفي فضاءات العالم الأزرق ومواقع التواصل الاجتماعي، لطالما انتشرت صور تثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي في ذروته.

ويفهم مراقبون من ذلك، أن استراتيجية السلطة حتى اللحظة في مواجهة قرار ترامب هو الانتظار، الذي من شأنه منح كيان الاحتلال مهلا زمنية إضافية لتنفيذ مخططاته على الأرض، إذ إن السلطة لم تتخذ خطوات فعلية كالتوجه لتقديم إحالة لملفات جرائم الاحتلال ومنها الاستيطان، للمحكمة الجنائية الدولية، في ظل عدم فتح المدعية العامة للأخيرة فاتو بنسودا تحقيقا قضائيا بهذه الجرائم.

"نحن نشتغل عند الاحتلال"؛ لم يجد عباس حرجا في تأكيد ذلك، في كلمة ألقاها الشهر الماضي أمام مجلس الأمن الدولي، كما أنه في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ28 "للمركزي" رام الله في يناير/كانون الثاني الماضي، قال إن (إسرائيل) "أنهت" اتفاق أوسلو، مضيفا: "أننا سلطة من دون سلطة وتحت احتلال من دون كلفة".

وتثار الكثير من الشكوك حول وجود تواطؤ عربي مع الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية ضمن خطة إقليمية، تدعى "صفقة القرن".

موقف آخر

لكن كان للاحتجاجات الشعبية الفلسطينية المتصاعدة موقف آخر، ففي فبراير/ شباط الماضي، أوضحت دراسة إحصائية أعدها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني أن تسعة فلسطينيين ارتقوا خلال الشهر المذكور، مشيرة إلى أن عدد الشهداء الذين ارتقوا منذ إعلان ترامب، ارتفع حتى تاريخ صدور الدراسة، إلى 35 شهيدا.

ووفقًا لذات الدارسة، فإن محافظات قطاع غزة تصدرت القائمة في تقديم الشهداء، إذ بلغ عددهم 20 شهيدًا.

ولا يزال مشهد استشهاد العشريني المقعد إبراهيم أبو ثريا، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حاضرًا، وهو الذي أطلقت قوات الاحتلال النار الحي صوب رأسه لدى احتجاجه على قرار ترامب على مقربة من الحدود الشرقية لحي الشجاعية شرق مدينة غزة، قائلا: "بوصل رسالة لجيش الاحتلال الصهيوني.. هذه الأرض أرضنا، ومش حنستسلم. أمريكا لازم تنسحب من القرار الذي عملته".

أول من أمس، الذي وافق اليوم الـ100 على إعلان ترامب بشأن القدس المحتلة، كان الرد "بالدعس".

نفذ هذه العملية الفدائية الأسير المحرر علاء قبها، جنوب مدينة جنين شمال الضفة المحتلة، وأدت إلى مقتل ضابط وجندي إسرائيليين وجرح اثنين آخرين.

لم تكن تلك عملية فدائية وحيدة، بل اعتبرتها الفصائل الفلسطينية التي باركتها واحدة ضمن انتفاضة القدس.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية و(إسرائيل) أخطأتا حساباتهما مجددا، فكما لم تفلح محاولات إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، لن تفلح محاولات إسقاط قضية القدس المحتلة؛ هكذا يقول الشعب الفلسطيني.