حذّر المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، عدنان أبو حسنة، من أن العجز المالي الكبير الذي تعاني منه وكالته يمثل "تهديدا وجوديا" لعملياتها، لكنه نفى وجود تقليص في خدماتها، فيما أوضح أن مؤتمر روما الذي انعقد، أول من أمس، لدعم اللاجئين يمثل تأييدا سياسيا قويا وإيمانا برسالة "أونروا".
وخفَّضت تعهدات المؤتمر المذكور بمبلغ 100 مليون دولار لدعم "أونروا"، قيمة عجزها المالي من 446 مليون دولار إلى 346 مليون دولار، حسبما أفاد أبو حسنة لصحيفة "فلسطين".
وردا على سؤال: هل العجز المالي يمثل تهديدا وجوديا؟ أجاب: "نعم، هذا العجز المالي الكبير هو تهديد وجودي لعمليات الأونروا وللمستفيدين من هذه العمليات، ولكن في مؤتمر روما كانت بداية جيدة وخطوة بأنه تم دمج المجتمع الدولي بأزمة أونروا، ورأوا ما رأوا، وكان هناك تأييد ضخم وقوي لعمليات الوكالة ونأمل أن ننجح في هذا الإطار".
ووصف أبو حسنة تعهدات المؤتمر بأنها "حقيقية"، لافتا إلى أنه تمت دعوة 90 دولة له، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، ومفوض الاتحاد الأوروبي للأمن والخارجية، وممثلي وزراء خارجية.
وبيَّن أن الأموال التي تعهد بها المؤتمر ستذهب لميزانية "أونروا" المصادق عليها، قائلا: "الآليات معروفة تتعلق بنا كأونروا لدينا قسم العلاقات الخارجية.. هذه أمور روتينية".
ولم تنهِ هذه التعهدات العجز المالي لـ"أونروا"، إذ قال أبو حسنة: "لدينا عجز 446 مليون دولار. حصلنا على 100 مليون دولار، وهناك وعودات من دول لم تعلن عن تبرعات ولكن قالت ستعلن بعد انتهاء المؤتمر".
وأضاف: "هناك عجز ولكن نحن نُوجد آليات وتحالفات مالية جديدة والعمل سيظل مستمرا".
وأفاد أبو حسنة بأن التمويل المتوفر لدى "أونروا" حاليا يكفي حتى منتصف الصيف المقبل تقريبا، مشيرا إلى جهود يتم بذلها على مستوى الدول المانحة المعروفة، إلى جانب الحملة العالمية الكبرى التي أطلقتها وكالة الغوث و تستهدف فيها القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية وقطاعات الزكاة في الدول الإسلامية والتبرعات.
وأردف: "نبذل جهودا جبارة في هذا الإطار لتوسيع دائرة المانحين وتوسيع الاتصالات مع مختلف الدول".
وأكد أن الجهود والاتصالات ستستمر مع كافة الدول، مضيفا: "المسيرة مستمرة، لكن هي (المؤتمر) بداية إيجابية، والأهم من هذا الموضوع هو التأييد السياسي القوي، فالمجتمع الدولي أرسل رسالة قوية بأنه يؤمن برسالة أونروا وبأنشطتها وباستمرارها وتفويضها".
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 1949، وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302، تأسست الأونروا لتكون وكالة مخصصة مؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات لغاية إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وبحسب أبو حسنة، فإن مؤتمر روما ليس دوريا، لكنه "مفصلي ومهم من ناحيتين: التأييد السياسي والإيمان بدور الأونروا ومهامها ورسالتها، ووضع اللبنة الأولى في كيفية سد العجز المالي، فصحيح أن المبلغ هو 100 مليون دولار، لكن الاتصالات ستستمر، وهناك دول لم تعلن وستعلن لاحقا وسنواصل الضغط والاتصال من أجل تأمين هذا التمويل".
وأكد أن وكالته تعمل على الحصول على تمويل أممي لميزانيتها.
"مستبعد تماما.."
وبشأن موقف الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، التي خفضت مساهمتها في ميزانية "أونروا"، نوه إلى أن موقف واشنطن لم يتغير حتى اللحظة، لكن "نأمل أن يتغير".
وكان من المقرر أن تعطي واشنطن للوكالة 125 مليون دولار ضمن مساهمتها في الموازنة الأساسية للعام 2018، لكنها قررت منح 60 مليونا، وتجميد 65 مليونا أخرى.
وأوضح أبو حسنة أن القرار الأمريكي يؤثر على نشاطات وكالة الغوث، مبينا أن جزءا من المبلغ الذي أوقفته الولايات المتحدة كان يذهب للميزانية المنتظمة وآخر لميزانية الطوارئ، وذلك له تأثير كبير على "أونروا".
وعما إذا كان قرار واشنطن سياسيا، قال: "أداء أونروا وعملياتها مُدِحَ كثيرا من كل الدول المانحة بما فيها الإدارة الأمريكية. كان هناك لقاء في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بين مفوض الأونروا بيير كرينبول والسيد (مستشار الرئيس الأمريكي جاريد) كوشنير، وأثنى على أداء الأونروا لكن هذه التقليصات (الأمريكية) جاءت بعد قضية الخلاف حول القدس بين السلطة و(إسرائيل) والولايات المتحدة، وليس له علاقة بأداء أونروا أو إصلاحاتها".
وأجاب أبو حسنة عن سؤال: هل لديكم خشية من أن تؤدي عاصفة سياسية ما لانهيار "أونروا"؟ بقوله: "مستبعد تماما. ما حصل أول من أمس (مؤتمر روما) كان إصرارا من المجتمع الدولي ورسالة قوية أن تفويض الأونروا يجب أن يُحترم وأنه ضروري ليس فقط في خدمات التعليم والصحة لـ5.3 ملايين لاجئ، بل ضرورة من أجل الأمن والاستقرار الإقليمي".
واعترف ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وسط اعتقاد يسود على نطاق واسع بأن واشنطن و(إسرائيل) تسعيان لإنهاء وجود "أونروا".
ويشار إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أصدرت وثيقة بعنوان: "مبادئ وتوجيهات حول الحماية الدولية رقم 13 لتاريخ كانون الأول/ديسمبر 2017"؛ تشتمل على 20 صفحة، وفيها 50 توصية تدعو فيها لإنهاء "أونروا" ونقل خدماتها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بحجة أن الوكالة لم تعد قادرة على توفير الحقوق الإنسانية والحماية للاجئين الفلسطينيين.
ورغم اتهامات متكررة لأونروا بتقليص خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها الخمسة: الضفة الغربية، قطاع غزة، الأردن، سوريا، ولبنان، فإن أبو حسنة نفى ذلك.
وقال المستشار الإعلامي للوكالة: "لا تقليص على الإطلاق"، مضيفا أن "الأمور تسير كما هو مخطط له".
وتابع: "ما لدينا من تمويل الآن (يكفي) حتى منتصف الصيف. خلال هذه الفترة نأمل أن نسد هذا العجز. ستكون هناك جهود كبيرة في هذا الإطار".
وبحسب أبو حسنة، "لم يتم تقليص أي شيء. البرامج كما هي، المدارس والعيادات كما هي".
وطمأن أبو حسنة اللاجئين الفلسطينيين بأن "أونروا" تسير في خط واضح، وأن هناك تصميما من إدارة الوكالة ومفوضها العام "الذي أثبت بعناده وإصراره وقدرته وذكائه أنه يسير في الطريق الصحيح"؛ وفق تعبيره.
وذكّر بأن الأونروا أُنشئت بتفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشددا على أنها ستواصل تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين حسب التفويض وقرار إنشائها حتى حل قضيتهم، وبعد ذلك لا لزوم لوجود وكالة الغوث، لكن إذا لم تُحل هذه القضية وما دام التفويض يجدد كل ثلاثة أعوام من الجمعية العامة، فإن "أونروا" ستواصل مسيرتها.
وكان آخر تجديد لتفويض "أونروا" من الأمم المتحدة في 31 ديسمبر/كانون الأول 2016.