فلسطين أون لاين

إملاءات ترامب ليست قدرًا

لست أدري لماذا تأخر الطرف الفلسطيني في الكشف عن ملامح (صفقة القرن) المثيرة للرفض والاستغراب٠ الملامح الرئيسة للصفقة علمت بها السلطة قبل فترة زمنية طويلة، ولكنها لاذت بالصمت، حتى كشف عن أهم ملامحها ومكوناتها الدكتور صائب عريقات في حديثه في برنامج سيناريوهات على فضائية الجزيرة ويومها أسماها إملاءات ترامب ؟!

الإملاءات تتكون من مجموعة من الخطوط العريضة، ومن أهمها:

١- إعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً، أو قل دولة منزوعة السلاح بلا جيش، وبلا أمن، فهذا يبقى بيد (إسرائيل)٠

٢- تقام الدولة في منطقتي ( أ+ب) إضافة إلى غزة، وتبقى منطقة (ج) تحت السيادة الإسرائيلية٠

٣- تبقى القوات العسكرية الإسرائيلية في غور الأردن للدفاع عن الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية.

٤- الأمن في المناطق الفلسطينية هو من اختصاص (إسرائيل).

٥- تسيطر (إسرائيل) على الحدود البحرية الدولية للدولة الفلسطينية ٠

٦-ويعطى الفلسطينيون جزءاً من ميناء أسدود تحت الإشراف الإسرائيلي٠

ومن أهم الملاحظات على إملاءات ترامب:

أ- إسقاط القدس بشكل تام ٠

ب- إسقاط موضوع اللاجئين ٠

ج- إسقاط حدود ١٩٦٧م ٠

د- الدولة الفلسطينية لا تزيد على حكم ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية، فلا حديث عن (حل الدولتين).

إن إملاءات ترامب تضع نهاية مأساوية لمشروع عباس التفاوضي، ولحل الدولتين على حدود ١٩٦٧م ، فقد انتهى زمن التفاوض، ورفْض الفلسطينيين للصفقة لا يمنع تنفيذها من طرف واحد. إن فرض الأمر الواقع بحسب ترامب ونتنياهو هو الطريق الأقصر للحل، لا سيما بعد تعرية السلطة الفلسطينية عن الغطاء العربي والدولي، بل إن بعض المصادر تذكر أن دولاً عربية نافذة تضغط على السلطة للقبول بإملاءات ترامب على قاعدة أكل المضطر للميتة٠

نعلم أن أحداً من السلطة لا يمكنه قبول هذه الصفقة، ونعلم أيضاً أن خيارات الرفض تبقى شكلية، لأن السلطة لا تملك سيناريو الثورة على الأمر الواقع وعلى إملاءات ترامب، ولو حاولت امتلاك خيارات الثورة لوجدت الشعب يقف من ورائها. إن خيارات السلطة خارج إطار الثورة وتفعيل مقاومة الشعب تبقى محددة وهزيلة، وتجعل من سياسة الأمر الواقع أمراً يفرض نفسه على المنطقة بحجة العجز الذاتي والعجز العربي، وربما يفسر هذا تأخر السلطة في الكشف عن معلوماتها حول ما تسمى صفقة القرن٠

إن صفقة القرن لا تضر بالمصالح الفلسطينية فحسب، بل تضر أيضاً بالأمن القومي العربي، وتفرض التطبيع على الأنظمة العربية باعتباره الوجه الآخر للصفقة٠ وعندها ستكون دولة الاحتلال في معظم العواصم العربية المؤثرة٠ إن إملاءات ترامب ليست قدرا لا يرد ، وتنفيذ الإملاءات لا يمكن إلا بتواطؤ عربي، وهنا تكون الثورة الفلسطينية عاصمة من القواصم.