ما حدث في شمال قطاع غزة فتح الباب أمام السؤال حول المستفيد من هذا الاعتداء، الذي تسبب في موجة من التصريحات الصادرة عن قيادات حركة فتح والسلطة الفلسطينية، مُوجِّهةً الاتهام مباشرة إلى حركة حماس، لكن في الحقيقة فإن حركة حماس وغزة والأمن فيها هم الخاسرون مما حدث، ليس حبًّا في رامي الحمد الله وماجد فرج، بل إن الحمد الله وفرج قد استفادا من ذلك بتهرّبهما من المسؤولية عن حصار غزة، والمساهمة في استمرار العقوبات عليه.
الاستفادة هنا ليست بالضرورة مباشرة، بل بتوفير الغطاء للمخربين.
الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الأساسي مما حدث، مرسخًا ما يدعيه من الفوضى في غزة، فاستمرار التفجيرات بهذه الطريقة يزيد من الأزمة الداخلية، ويتهرب هو أيضًا من المسؤولية عن استمرار الحصار ووصول غزة إلى وضع كارثي على الصعيد الإنساني والاقتصادي.
يضاف إلى الاحتلال السلطة في رام الله، حيث يوجد بعض الأطراف أو الجهات المتطرفة التي لا ترغب في إتمام المصالحة، فتريد توريط حركة حماس في مشكلات داخلية أمنية تربك الساحة، ما يلفت الأنظار عن تلك الأطراف.
إذًا نحن أمام مستفيدين من الحادثة والعبث الذي حدث، والذي قدّم فرصة لرئيس السلطة محمود عباس وفريقه للتهرب من المسؤولية، وهو ما ظهر من الاتهامات السريعة دون تحقّق لحماس، وشنّ حملة إعلامية غير مهنية ولا أخلاقية، تجردت فيها من القيم المهنية والوطنية في سبيل تشويه صورة الأمن بغزة، وهو ما يخدم الاحتلال ويساهم في استمرار الحصار وتشويه صورة غزة.
الأمن والمواطن بغزة هما المتضرر الأول مما حدث، ما يزيد الأوضاع صعوبة، ويفاقم من صعوبة الظروف الاقتصادية، وخاصة إذا ما أقدم عباس على إجراءات جديدة، مستغلًا ما حدث في سبيل التهرب من المصالحة الوطنية.
الحدث مدان فلسطينيًّا بغض النظر عن الفاعل، لكن بنفس الوقت يجب ألّا يتحول إلى شماعة للتهرب من المسؤولية وفرض مزيد من العقوبات وتوفير الأجواء للاحتلال لمزيد من العدوان.
استغلال ما حدث بطريقة انتقالية يضع علامة استفهام على المنفذ، وبالتالي المستفيد في تقاطع للمصالح، وهنا يشار للاحتلال وقيادة السلطة، خاصة أن تفجيرات وأحداثًا سابقة ثبت بالدليل القاطع أن الاحتلال والسلطة يقفان خلف غالبيتها تحت مسميات متعددة، منها جماعات متشددة أو عناصر مخترقة للفصائل؛ بهدف الإضرار بالأمن في غزة، كما حدث قبل عام تقريبًا باغتيال الشهيد مازن فقهاء، أو تفجيرات ضد بعض المقرات والمؤسسات الدولية.
هناك حاجة ملحة للتعامل مع ما حدث بكلّ مسؤولية سياسية ومهنية أمنية وإعلامية تجنّب غزة وأهلها مزيدًا من المشكلات، وتبقي على المصالح قائمة.