قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ماهر عبيد: إن المصالحة الفلسطينية مجمدة إثر إصرار رئيس السلطة محمود عباس على استعمال الناس كدروع بشرية لتحقيق مكاسب سياسية بخنق غزة في العقوبات التي يفرضها على القطاع، مشيراً إلى أن انعقاد المجلس الوطني في 30 إبريل/ نيسان المقبل لن يكون إلا نسخة مكررة عن المركزي.
وأعرب عبيد في حوار مع صحيفة "فلسطين" عن عدم تفاؤله بالأجواء السياسية الفلسطينية الداخلية وإمكانية تحقيق اختراق سياسي في المصالحة مع حركة فتح والسلطة التي "لا تشغلها القضايا والعناوين الرئيسة للقضية الفلسطينية المراد شطبها (...) ومع ما تشهده المنطقة من تقلبات لا نجد لا استعدادا ولا إقبالا ولا روحا وطنية من عباس لإنجازها".
وقال: "حماس قدمت كل ما يمكنها أن تفعله من أجل إنجاح المصالحة، ولكن عباس يريد غزة مستباحة كما تفعل سلطات الاحتلال بالضفة نتيجة التنسيق الأمني الفاعل هناك".
وتابع: "عباس يخنق أهل غزة ويرتكب جريمة في العرف السياسي باستعمال الناس كدروع بشرية لتحقيق مكاسب سياسية".
وشدد على ضرورة أن يعي الرأي العام الفلسطيني بأن حماس وفي كل مفاصل الحوار مع فتح تجاوزت عن موضوع الحريات والاعتقال السياسي بالضفة لحين تشكيل حكومة وحدة، وكذلك تجاوزت عن تفعيل المجلس التشريعي لذات السبب، وتنازلت عن وزراء الحكومة ورئاستها، وعن اللجنة الإدارية، والمعابر من أجل أن تتحقق المصالحة لكن لم تقدم فتح "إلا صفراً كبيرًا".
تعطيل متعمد
وذكّر عضو المكتب السياسي لحماس، بأن فتح عطلت سلسلة طويلة من الحلول، من بينها عرض قدّمه رئيس مجلس النواب اللبناني لعباس باستضافة الفصائل الفلسطينية لثلاثة أيام في مقر البرلمان اللبناني للتوحد في مواجهة مشاريع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتذويب القضية الفلسطينية "لكن عباس ألقاها في سلة المهملات ولم ينشغل بها".
وأشار كذلك إلى تعطيل عباس مشروعًا لإنشاء صندوق دولي طرحته قطر إبان حوارات الدوحة عام 2016 لدعم رواتب الموظفين لمدة ستة أشهر إلى حين تطبيق الدمج الوظيفي للموظفين بصورة قانونية ووفقاً للاتفاق، وهذا موثق لدى حماس وفتح لكن رئيس الأخيرة عطل المشروع بسحب فريق التفاوض من الجلسة قبل اختتام المباحثات .
وقال: "كل المبادرات التي قدمت كان يمكن أن تفتح أبوابا في طريق الوحدة، ولكن أبو مازن تصرف ولا يزال يعيش رهاب ملاقاة مصير الرئيس الراحل ياسر عرفات".
وبخصوص مستقبل العلاقة بين حماس ومصر، قال: إنها "علاقة واجبة بحكم الجغرافية، وضرورية للشعب الفلسطيني، وحماس حريصة على تمكين العلاقة وتطويرها".
استحداث شرعيات جديدة
وبشأن شروط حماس للمشاركة بالمجلس الوطني، جدد عبيد الإشارة إلى ما خلص إليه اجتماع اللجنة التحضرية في بيروت بداية العام الماضي، بتوافق الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في 10 يناير/ كانون الثاني 2017 على عقد المجلس خارج فلسطين بمشاركة جميع الفصائل بما يحفظ التوازن السياسي الحقيقي ويمثل انعكاسا للتغيرات بالشارع الفلسطيني.
كما ذكّر بأن التفاهمات الفصائلية وفقا لإعلان القاهرة 2005، و2011، و 2014 أكدت ضرورة عقد المجلس خارج مدينة رام الله، وتشكيل إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير إلى حين إجراء انتخابات المجلس الجديد.
وحمل عبيد عباس مسؤولية تغول سلطات الاحتلال على الأرض الفلسطينية، إذ لن تجد تلك السلطات السياسية والأمنية ظرفا يخدم سياساتهم أكثر من الحالة الحاصلة بوجود عباس، قائلا: "(إسرائيل) لا تستعجل رحيل عباس لكنها تستعد لحال غيابه".
وأضاف، من المنظور الإسرائيلي عباس موجود بلا فاعلية لذاته أو (إسرائيل) "وهذه أحسن حالة يمكن أن يطمع بها الاحتلال".
وكانت تقارير إسرائيلية، تحدثت قبل أيام بأن رئيس السلطة يريد الانسحاب من الحياة السياسية، وإيجاد هياكل سياسية شرعية، سواء بموضوع اللجنة التنفيذية ورئاسة فتح، وهو ما يسعى إلى تحقيقه في اجتماع المجلس الوطني المقبل.
وبشأن مستقبل "الحكم الفلسطيني" في الضفة، يرى عبيد أنه وفقًا لسيناريو غياب عباس دون توافق فلسطيني ودون اتفاقات تحسم الخلافات الفتحاوية الداخلية "ذاهب لأجواء صعبة"، لافتا إلى أن الطامعين بالرئاسة من المحيطين بعباس كثر وكل له عصبته الخاصة وسوق السلاح رائجة بالضفة، ولا أحد يدري إلى أين قد ستصل الأمور؟
وشدد على أنه من المفترض أن يحقق عباس مصالحة داخلية فتحاوية ومصالحة وطنية ويتفق على استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال، مؤكدا أن ذلك يحمي الشعب الفلسطيني من الدخول بمتاهات لا يحمد عقباها.
اختراق محدود
وبشأن الحديث عن الطرح الأمريكي القريب لصفقة القرن وكيفية مواجهتها فلسطينيًّا، شدد على ضرورة مواجهة الصفقة بالوحدة الفلسطينية.
وإذا ما كان عباس يريد مواجهة الصفقة منفردا أو بمشاركة الفصائل، قال عبيد: لو سعى عباس لمواجهتها مع الكل الفلسطيني لأظهرت تحركاته ذلك، لكنه يرفض الصفقة فقط لأنه لا يريد انتهاء مشروعه بهذه الحالة المأساوية، وفي ذات الوقت قدرته على مواجهة الضغوط وحده غير متوفرة.
وأبدى عضو المكتب السياسي لحماس، تخوفاً من إمكانية تنفيذ الإدارة الأمريكية لقرارها سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس المحتلة في مايو/ أيار المقبل، في ظل انشغال الأمة العربية والإسلامية في همومها، وهو ما أظهرته سقف الاحتجاجات على الإعلان الأمريكي للقدس عاصمة لدولة الاحتلال في 6 ديسمبر/ كانون أول الماضي.
واستدرك قائلاً: "لا أظن أن هناك شيئا يخترق المعادلة، لكنه تحرك لا بد من تعزيزه وتوسيعه مما يفرض علينا جهودا واتصالات وعلاقات أكبر، فالحالة الموجودة بالعالم العربي غير مسبوقة، والناس يتجهون نحو الاهتمام ومراعاة مصالحهم الخاصة".
وحول طبيعة ردود الدول على تحركات حماس، قال: "هناك من هو رافض للصفقة بشكل كامل، وهناك من يجد أنها قضية ليست معركته، وهناك من يتعاطى معها تحت الطاولة بالقبول والرضا".
ألمانيا وملف الجنود
وفي ملف جنود الاحتلال الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، وتصريحات الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بأن بلاده ستتواصل مع حماس بخصوص الجنود، قال عبيد: هذا الموقف لا يصدر إلا بعد توافق ألماني إسرائيلي أو بطلب الأخير من برلين تحريك الملف.
وأضاف: "هذه خطوة تشير لتحرك الملف بشكل أفضل من السابق"، مع امتلاك الألمان تجارب سابقة سواء مع حزب الله التي رعوا الصفقة بينه وبين (إسرائيل) من الألف للياء، أو في صفقة وفاء الأحرار التي بدؤوا الحوار ثم تم الأمر بتدخل الجانب المصري بشكل فاعل".