قال مدير عمليات "أونروا" في قطاع غزة ماتياس شمالي: إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تعاني من انخفاض دراماتيكي في التمويل الناتج عن القرار الأمريكي، مشيراً إلى أن الخدمات ستكون قد دخلت مرحلة الخطر إذا لم تتمكن الوكالة من سعد العجز في الميزانية حتى مايو/ أيار المقبل.
وأوضح أن ثلث ميزانية الوكالة لم يغطَ بعد، وأن المؤسسة لم تُغلق أيًّا من مؤسساتها حتى الآن، ولم تتخذ قرارات بذلك "لكن إذا لم تُقدم الدول مساعداتها قد تضطر الوكالة لاتخاذ قرارات صعبة في هذا المجال".
وعدّ شمالي خلال لقاء نظمته نقابة الصحفيين الفلسطينيين في مقرها بمدينة غزة، أمس، ما تمر به 275 مدرسة يعمل فيها 19 ألف مدرس سابقة في تاريخ "أونروا" أن يبدأ العام الدراسي دون أن تكون ثلث الميزانية مغطاة، لافتاً أن الدفعات المالية التي قدمتها بعض الدول تساهم على اختتام العام الدراسي الحالي.
وفيما يتعلق بالاستجابة للخدمات الطارئة، ذكر أن الوكالة صرفت العام الماضي 135 مليون دولار في غزة والضفة، 90 مليون منها قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي امتنعت حتى اللحظة عن تقديم أي مبالغ للخدمات الطارئة.
ولفت إلى أن نقص التمويل لا يقتصر على الولايات المتحدة فحسب، بل إن بعض الدول الخليجية والعربية والاتحاد الأوروبي لم تقدم مساهمات الموازنة العامة.
وقال مدير عمليات الأونروا: إنهم تسلموا 50 مليون دولار من السعودية والكويت والامارات في عامي 2015-2016 "لكن في عام 2017 لم نتسلم أي مبالغ من الدول العربية الثلاث وبالتالي أصبح لدينا عجز قمنا بحمله لعام 2018".
وبيّن أن الوكالة فقدت 300 مليون دولار من الدعم الأمريكي، وكان من المفترض أن نتسلم 350 مليون دولار، لكننا تسلمنا 60 مليون دولار فقط".
واستعرض شمالي، بعض الإجراءات التي اتخذتها "أونروا" لضمان الاستمرار بتقديم المساعدات الغذائية حتى شهر يونيو المُقبل، من بينها عدم إصدار عقود بطالة جديدة هذا العام، وعدم تجديد العقود المؤقتة لقرابة 100 مهندس.
وبين أن العجز المالي أثر كذلك على مشاريع إعمار البيوت المهدمة في قطاع غزة، لافتاً أن "أونروا" أنفقت في الثلاث سنوات الماضية 80 مليون دولار على 60 مشروع إنشاء، "لكن في هذا العام لدينا أقل من 40 مليون دولار لأقل من 30 مشروعاً".
وعن وجود خطط بديلة في حال عدم تلقي الوكالة مساعدات مالية، نفى شمالي ذلك، قائلاً حتى الآن لا تتوفر أي خطة بديلة، وتركيزنا حالياً يقتصر على الحصول على مصادر تمويل جديدة"، مضيفاً "لدينا بعض الأفكار، سنقوم بتطبيقها إذا لم نحصل على تمويل، وسنفكر بخطة بديلة لذلك".
واستبعد مدير عمليات وكالة الغوث، إمكانية تغيير تفويض "أونروا"، الذي منحته لها الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة "إلا بإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين"، مؤكداً أن الوكالة تبذل جهودها من أجل الاستمرار بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين.
المصالحة والحصار
في الأثناء، شدد شمالي على أن العنصر الأساسي الذي يجب أن يتغير في قطاع غزة هو رفع الحصار الإسرائيلي عنه، وإنجاح المصالحة الفلسطينية، وقيادة صالحة للشعب الفلسطيني.
وأوضح أن المصالحة "ليست شيئا كافيا بل عنصرا مهما جداً يجب تنفيذه"، من أجل اللاجئين والشعب الفلسطيني.
وأكد أن ما يحتاجه اللاجئون في غزة ليس فقط الحل الإنساني، إنما فرصة للسفر والعمل، مشيراً أن الوضع السيئ في القطاع يمكن تحويله لوضع إيجابي بالإمكانيات التي يمتلكها الشعب الفلسطيني.
ووفقاً لقوله، فإن الصحافة العالمية رسمت صورة سلبية عن قطاع غزة واللاجئين، ملؤها "الفقر والإرهاب"، لافتاً إلى أنه يسعى لتغيير هذه الصورة النمطية.
وبيّن شمالي أن الدراسات التحليلية التي تجريها الوكالة، عبر خدماتها لمليون و 300 لاجئ، تظهر أن نسبة الفقر ارتفعت بشكل ملحوظ، وأن 77% من اللاجئين يعيشون تحت خط الفقر.
وشدد على أن المصالحة ليست كافية لتحسين الأوضاع في غزة، قائلاً: "أعتقد أن قيادة فلسطينية منقسمة هي قيادة ضعيفة، لذلك فإن الحصول على تضامن المجتمع الدولي أسهل وأسرع".
مؤتمر روما
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم "أونروا"، سامي مشعشع: إن تسعين دولة ستشارك في المؤتمر الذي سيعقد منتصف الشهر الجاري في العاصمة الايطالية روما، برعاية ودعوة من الحكومات السويدية والأردنية والمصرية.
وأوضح في تصريح لإذاعة "صوت فلسطين" أمس، أن الدعوة للمؤتمر تأتي في سياق الخطر حيال الوضع المالي للوكالة وتبعاته على الخدمات التي تقدمها "أونروا" في جميع مناطق عملها، بعد تقليص الدعم المالي الأمريكي.
ووصف مشعشع المؤتمر بالمفصلي، مشيرا إلى أنه ورغم صعوبة التكهن بنتائجه إلا أن التفاؤل مبني على المشاركة الواسعة، وثقل الدول التي دعت إليه.