الفلسطينية هي من أعظم نساء الكون إن لم تكن أعظمهن، لأنها وُلِدت من رحم المعاناة والثورة، ومنذ نعومة أضافرها كرّست جُل حياتها للنضال والثورة من أجل التحرير والحرية، وهكذا كانت مسيرتها الوطنية الثورية الحافلة بشتى آيات الفخر والاعـتزاز رغم الظروف القاهرة والصعبة التي واجهتها والتي تفوق قدرة البشر على التحمّل، وهنا تكمن عظمة المرأة الفلسطينية بكل معاني الكلمة.
نستغل هذه المناسبة لنتوقف فيها أمام عطاء المرأة الفلسطينية، ودورها في النضال الوطني والذي جعل احتفال بها ومعها كل الشعب الفلسطيني مناسبة خاصة نجدد فيها تحياتنا لنساء فلسطين، ومن خلالهن إلى كافة نساء العالم الأحرار لنؤكد اعتزازنا بدورهن الكبير في مواجهة الظلم والاضطهاد والاحتلال والحصار والعدوان، وسعيهن إلى تثبيت الشراكة الحقيقية مع الرجل للنهوض بالمجتمعات والارتقاء بالحضارة الإنسانية، مؤكدين اعتزازنا الكبير بدور المرأة الفلسطينية طوال مسيرة نضالنا وكفاحنا التي سجلت فيها وبكل فخر إسهاماً بارزاً في كل ميادين المواجهة، مقدمة الشهيدات والأسيرات في سجون الاحتلال، لتجسد بذلك أنموذجا فريداً لكل نساء العالم ضد الاحتلال وليصبح الثامن من آذار مناسبة فلسطينية بجدارة استحقتها خنساوات فلسطين، فالمرأة الفلسطينية هي نموذج مثالي في العطاء والمناضلة المميزة والقائدة الفذة في الميدان، والشهيدة الخالدة والأسيرة الصامدة والمبعدة الحالمة بالعودة إلى الديار، والمحررة الصابرة التي أمضت شهورًا و سنوات طويلة وراء القضبان.
ها هي المرأة الفلسطينية لا تبخل في العطاء والتضحية، متحدية الحصار والعدوان المتواصلين وظروف الحياة القاسية من فقر وجوع وعراء وانقطاع الكهرباء والماء وغاز الطهي والاحتياجات الأساسية، كل هذا لم ينل من عزيمتها وصمودها ونضالها داخل فلسطين وخارجها، وخوضها ببسالة معارك الدفاع عن فلسطين بانضوائها تحت لواء العمل الجهادي، الأمر الذي جعلها تظهر في عدة صور مشرفة، فهي الأم التي حثت أبناءها وبناتها على التعليم والعمل والإنتاج، وعلمتهم الصبر والتحمل أوقات الشدة والحصار وأرضعتهم حليب الثورة، وهي المعلمة التي علمت أجيال الثورة، والعاملة الكادحة التي أنتجت الكثير من أجل الوطن، والمنظمة التي قادت خلايا تنظيمية ونقلت الرسائل وسهلت اختفاء المجاهدين والمناضلين والثوار، وهي المرأة المحرضة والداعية السياسية النشطة والقائدة الجماهيرية، والمقاتلة ضد الاحتلال من أجل تحرير أرضها ومقدساتها.
الفلسطينية هي شريكة أخيها الفلسطيني في الحياة والنضال منذ بزوغ فجرنا الثوري، فلا يقتصر الأمر على الرجال، بل شاركت المرأة الفلسطينية منذ القدم بفاعلية في العمل الوطني النضالي عبر التاريخ الفلسطيني منذ عشرينيات القرن الماضي في مناهضة الانتداب البريطاني والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني، مرورا بأعمالها الجهادية أثناء نكبة عام 48 ونكسة عام 67، كما لا يمكن إنكار دور النساء الفلسطينيات في الانتفاضتين الأولى والثانية اللواتي واجهن ولا زلن يواجهن حملات اعتقالات واسعة نظراً لدورهن المتصاعد، فحسب تقرير مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان تم خلال انتفاضة الأقصى استشهاد 560 فلسطينية. وفي الحرب الأخيرة على غزة استشهدت 153 فلسطينية، حيث ارتفع عددهن حتى الآن إلى 320 شهيدة، كما تم اعتقال أكثر من 300 أسيرة بقى منهن حتى الآن 126 أسيرة منذ انتفاضة الأقصى.
نتذكر جميعا موقفا للمرأة الفلسطينية سُجل في تاريخ البطولات في عام 1996، عندما رفضت الأسيرات الإفراج المجزوء عنهن على إثر اتفاق طابا، حيث طالبن بالإفراج الجماعي ودون ذلك فضلن البقاء في السجن، واستطعن أن يفرضن موقفهن في النهاية ليتم الإفراج عن جميع الأسيرات في بداية عام 1997.
كل هذه الصور النضالية تؤكد كم هي المرأة الفلسطينية طاقة جهادية ونضالية معطاءة، يجب علينا احترامها وتعبئة إمكانياتها وتوظيفها في النضال حتى نيل الحرية والتاريخ أثبت أنه عندما تتاح لها الفرصة لا تتوانى ولا تتقاعس عن تأدية واجبها التربوي والجهادي والوطني والاجتماعي والإنساني.