تعتبر "صفقة القرن" أخطر السيناريوهات التي قد تمثل نهاية "للصراع" الإسرائيلي مع الأنظمة العربية، بحيث تصبح دولة الاحتلال شريكا طبيعيا لها في السلم والحرب والعيش المشترك. الشعوب العربية حاليا تتعرض لإشعاعات التطبيع القسري والقهري من أجل خلق بيئة أقل رفضا ومقاومة للدخيل الإسرائيلي، ولكن النهاية معروفة وهي فشل صفقة القرن واندثار (إسرائيل) وكل الأنظمة المتواطئة، ولكنني في هذا المقال أستعرض كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.
عندما وقع الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع دولة الاحتلال تم مقاطعة مصر من الأنظمة العربية خشية من اتهامها بالتواطؤ وخيانة القضية الفلسطينية مع أن غالبية الأنظمة كانت تتمنى أن تكون الظروف مواتية للانفتاح مع العدو والانبطاح له، ولكنها لم تكن كذلك لأن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته رفض الاتفاقية، أما اتفاقية أوسلو فكانت مختلفة عن كامب ديفيد كونها إقرارا من منظمة التحرير _التي هيأتها الأنظمة العربية لمثل هذا الدور _بحق (إسرائيل) في الوجود وبحقها في ثلاثة أرباع فلسطين، ومن باب أن العرب يرفضون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك وحريصين على القضية الفلسطينية أكثر من أصحابها أصبحت الفرصة سانحة لأول انفتاح عربي على دولة الاحتلال، وبعد سنوات وصلت الأنظمة العربية إلى محطة مؤتمر بيروت, حيث أعلنت الدول العربية قبولها بالتعايش مع دولة الاحتلال، ثم كان الانقسام الفلسطيني بعد عبث أطراف خارجية بالساحة الفلسطينية, وتم عزل حركة حماس سياسيا, حتى وصل الأمر لاتهامها باطلا بالإرهاب، وذات الأنظمة التي عزلت حماس قبل سنوات طعنت السلطة الفلسطينية في ظهرها وفتحت قنوات رسمية وعلنية ومباشرة مع المحتل الإسرائيلي.
إذن اتفاقية أوسلو هي مفتاح الشيطان وكانت السبب في المبادرة العربية للسلام والتي ظاهرها من أجل حل القضية الفلسطينية مقابل التطبيع الكامل مع (إسرائيل), ثم اتضح أنها خطوة للتطبيع الكامل مع (إسرائيل) ولتذهب القضية إلى الجحيم. على مدار سنوات والسلطة الفلسطينية تدعو العرب الى زيارة القدس وهذا هو عنوان رئيسي من عناوين التطبيع مع المحتل، ثم جاء المطبعون وأعجبهم الحال ولم يزوروا الاقصى بل زاروا متحف "ياد فشيم" في القدس، ورتلوا التوراة على أرواح ضحايا الهلوكوست وذرفوا الكثير من الدموع، والأن السلطة تذرف الدموع ولسان حالها يقول: أكلت يوم أكل الثور الابيض، ولكن حماس بخير والمنظمة يمكن إعادة تأهيلها والشعب الفلسطيني بخير ويمكن إصلاح كل هذه الفوضى بخطوتين؛ التراجع عن أوسلو وتنفيذ المصالحة فورا، لنقف صفا واحدا ضد الاحتلال وأعوانه من المطبعين الواهمين.