فلسطين أون لاين

​عابدين: تجاوز للقانون الفلسطيني.. وسلطة النقد تتحمل المسؤولية

بنوك تغلق حسابات لأسرى محررين ومؤسسات في الضفة بحجة "الإرهاب"

...
غزة / رام الله - جمال غيث

فوجئ الصحفي محمد القيق، بإغلاق حسابه المصرفي من أحد البنوك العاملة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، دون سابق إنذار.

وأبلغ القيق، وهو أسير محرر، من قبل إدارة قناة المجد الفضائية التي يعمل لديها مراسلًا، في الأراضي المحتلة، أن إدارة البنك رفضت استلام حوالة راتبه من إدارة القناة في القاهرة.

وبعد أن توجه القيق، لإدارة البنك للتعرف على أسباب عدم استلام حوالته المالية، لا سيما أن حسابه في البنك كان مفتوحا لأكثر من خمسة عشر عاما، رفض البنك الإفصاح عن الأسباب أو تسليمه أمرا مكتوبا بالإغلاق، وفقًا لما أخبر القيق صحيفة "فلسطين".

ويؤكد القيق أنه لا يتلقى أي حوالة مالية من أي دولة أو جهة أخرى سوى راتبه المحول من القاهرة.

ولا يختلف كثيرًا حال محمد القرعاوي، نجل النائب عن كتلة التغيير والإصلاح فتحي القرعاوي، الذي أغلق أحد البنوك حسابه، وأبلغه بضرورة سحب رصيد 200 شيقل قام بإيداعها في حسابه، بحجة أن الاتحاد الأوروبي، أضاف نواب كتلة حماس البرلمانية على قوائم "الإرهاب".

ويقول محمد لصحيفة "فلسطين"، إنه تقدم لأحد البنوك قبل نحو خمسة أشهر من أجل الحصول على مرابحة، لكن إدارة البنك رفضت ذلك، بحجة أن والده ينتمي لحركة حماس المدرجة على لائحة الاتحاد الأوروبي "للإرهاب".

وتساءل القرعاوي: ما الذنب الذي ارتكبه أبناؤنا ليتم حرمانهم من فتح حسابات بنكية؟ معربًا عن خشيته من أن يمنع أحد البنوك شقيقه الأصغر من فتح حساب بنكي لشراء شقة سكنية.

وأشار إلى أن أحد البنوك العاملة في الضفة طلب من نواب كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية، إغلاق حساباتهم البنكية عام 2010 وسحب أرصدتهم بذريعة وجود قضية مرفوعة عليهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بزعم دعمهم "للإرهاب".

وأعرب القرعاوي عن أسفه لهذا التصرف، مشيرًا إلى أن اغلاق الحسابات البنكية يخدم جهات غير فلسطينية "فكان الأولى أن تتجنب البنوك الضغوطات الخارجية كي تواصل عملها خدمة للشعب الفلسطيني".

ويشتكي العديد من نواب حركة حماس، والأسرى المحررون، وجمعيات ومؤسسات حقوقية عاملة في مجال الأسرى، من إغلاق حساباتهم المصرفية في بعض البنوك دون سابق إنذار.

إجراء مرفوض

من جهتها، أكدت الناطقة الإعلامية باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات، أمينة الطويل، أن إغلاق الحسابات البنكية يزيد من تدهور أوضاع الأسرى في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

وقالت الطويل لصحيفة "فلسطين"، إن إغلاق الحسابات المصرفية للأسرى والجمعيات العاملة في هذا المجال يؤثر على نفسيات ومعنويات الأسرى، ويضرب بعرض الحائط تضحياتهم وانجازاتهم وما قدموه خدمة للقضية والشعب الفلسطينيين.

ودعت كافة المؤسسات المعنية للوقوف إلى جانب الأسرى وذويهم وأن تكون حاضنة لهم في ظل معاناتهم واعتقال أبنائهم في سجون الاحتلال.

جريمة دستورية

بدوره، اعتبر المستشار القانوني لمؤسسة الحق الحقوقية عصام عابدين، أن اغلاق الحسابات البنكية لأسرى محررين وجمعيات ومؤسسات "تجاوز للقانون الفلسطيني وجريمة دستورية ولا أساس لها في المعايير أو الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان".

وبين عابدين لصحيفة "فلسطين"، أن أسماء الأسرى والمؤسسات الحقوقية المعنية في شؤون الأسرى غير مدرجة على قوائم "الإرهاب" الدولية، مشيرًا إلى أن قوانين العقوبات النافذة تتحدث عن "الإرهاب" بالمفهوم الجنائي ولا علاقة لها بالحسابات التي أغلقت.

وقال: "إن إغلاق الحسابات البنكية اجتهاد شخصي من قبل بعض البنوك ولا أساس قانوني له"، مؤكدًا أن الحسابات البنكية حق أساسي من حقوق الانسان كالحق في الحصول على الغذاء والماء والعلاج، وأن هذا الإجراء مخالف للمعايير الدولية لحقوق الانسان والتشريعات الفلسطينية.

وألقى عابدين بالمسؤولية عن اغلاق الحسابيات البنكية على سلطة النقد باعتبارها وفق القانون هي الجهة المشرفة على عمل البنوك، داعيًا إياها للتحرك وإرسال إخطار لتلك البنوك من أجل تصويب وضعها القانوني بموجب قانون سلطة النقد وقانون المصارف، كما ويمكنها فرض غرامات مالية عليها تصل لحد إلغاء التراخيص.

وأضاف: "بعض البنوك تعتقد أنه بإمكانها أن تغلق أي حساب وفق العقد الموقع بينها وبين العميل كما يحق للعميل إغلاق حسابه وقتما يشاء وإنه بالإمكان التذرع بأن العقد شريعة المتعاقدين وهذا أمر يمثل تنصلا من المسؤولية المناطة بالبنوك".

وشدد على "أن إغلاق الحسابات يستهدف الأسرى والمؤسسات العاملة في مجال الأسرى، لافتًا إلى أن استهداف فئة معينة ينطوي على تمييز محظور في القانون الأساسي الفلسطيني رقم (9) وهذه جريمة دستورية موصوفة وهو الأمر الذي أكدت عليه المادة (32) من القانون الأساسي التي تتحدث عن أي انتهاك للحقوق والحريات يعد جريمة موصوفة وتستوجب التعويض.

ودعا عابدين سلطة النقد لممارسة صلاحياتها القانونية التي منحت لها، وإرسال تحذير لتلك البنوك باحترام المعايير الدولية والتشريعات الفلسطينية، لافتًا إلى انه إذا لم تنصع تلك البنوك يجب فرض غرامات مالية عليها وعقوبات متدرجة، والضغط عليها من قبل الكل الفلسطيني وفضح سياساتها.