فلسطين أون لاين

​"هاربونات" صيد الأسماك الخشبية تصنَّع محليًا في غزة

...
صيادون في بحر غزة (أرشيف)
غزة - أدهم الشريف

يتبع سالم أبو عميرة أسلوب الكمين أثناء الغوص تحت مياه بحر غزة، لصيد الأسماك مختلفة الأنواع والأحجام باستخدام مسدس صيد بحري؛ يطلق عليه "هاربون".

وفي كل مرة يظفر بسمكة كبيرة، يشعر أبو عميرة البالغ (26 عامًا) بفخر كبير.

استطاع هذا الصياد يدويًا صناعة "هاربون" صيد خشبي يمنع دخوله عبر معبر "كرم أبو سالم" جنوبي قطاع غزة، والذى تسيطر عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ليس ذلك فقط، بل إنها تمنع دخول كل معدات الصيد البحري إلى غزة.

"الحاجة كانت أم الاختراع. واجهت عدة مصاعب في بداية صناعة أجزاء الهاربون، لكني استطعت في النهاية التغلب عليها وصناعته" يقول أبو عميرة لـ"فلسطين".

أبو عميرة يمارس الصيد بالمسدس البحري منذ ما لا يقل عن عشرة أعوام قضاها في مناطق متفرقة من بحر غزة؛ البالغ طول شاطئه 40 كيلو متر.

يقول إنه يرى أسماكًا ذات أحجام كبيرة أثناء الغوص على أعماق تزيد عن عشرة أمتار، وصيدها يحتاج إلى مسدسات صيد ذات طول مناسب، يزيد عن متر.

وبسبب منع دخولها إلى غزة، قرر أبو عميرة صناعة واحدة يدويًا.

وهذا النوع من أدوات صيد الأسماك، إما أن يكون مصنوعًا في شركات عالمية باستخدام

أدوات معدنية وقطع بلاستيكية، وإما من أنواع معينة من الأخشاب.

بدا له أولاً أنه قادر على صناعتها بعدما شاهد مقاطع فيديو تظهر كيفية صناعتها من بعض الصيادين الأوروبيين، وآخرين في دول مختلفة.

وقبل قرابة عامين، صنع الصياد الغزي "هاربون" استطاع بواسطته اصطياد عشرات الكيلوات من الأسماك، كما يقول.

وتعتمد فكرة عمل "الهاربون" على "مجموعة زَنَد"؛ يُحشر بداخلها رمح من المعدن ممدد على بدن المسدس المرتبط بقطع مطاطية مختلفة الأطوال "ربل أو استيك" يقوم الصياد بشدها حتى آخر الرمح (الفرز)، ومن ثم إطلاق الرمح.

ويقول أبو عميرة، إنه بالكاد استطاع توفير معدات تصنيع المسدس. "فالخشب المستخدم من نوع زان، ويسمح بدخول قطع بأحجام ومقاسات معينة قد لا تكون مناسبة في بعض الأحيان".

ويضيف: إن أصعب ما واجهته في صناعة الهاربون، كان حاوية الزند المسؤولة عن إطلاق الرمح تجاه الأسماك.

وتختلف تكلفة صناعة الهاربون بغزة بحسب الطول وما يمكن إضافته إليها من كماليات، بحسب أبو عميرة.

ويشير إلى أن تكلفتها في الخارج تقارب 500 دولار، أو أكثر.

وعن قطع المطاط (ربل)، يبلغ ثمن المتر الواحد منها 70 شيكلاً (20 دولار) خارج قطاع غزة، وحين تصل يصبح 300 شيكل (85 دولار). وهذا بسبب الحصار المفروض على غزة ومنع سلطات الاحتلال من دخول جميع ادوات الصيد البحري، كما ذكر أبو عميرة.

لقد دفعه ذلك للتفكير جديًا بإيجاد البديل حتي يتمكن أبو عميرة الأب لتوأمين، من توفير احتياجات أسرته من خلال صيد الأسماك وبيعها للزبائن. وقد استغل موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" للترويج لسلعته الجديدة.

ويقول: إن العديد من الهواة والصيادين تواصلوا معي وطلبوا تفصيل هاربونات خشبية. لقد استطعت حتى الآن صناعة 6 منها.

ويلجأ صيادون إلى استخدام الهاربونات للغوص في أماكن تواجد الأسماك قرب المناطق الصخرية في بحر غزة، للاستمتاع أثناء الصيد بعيدًا عن انتهاكات بحرية الاحتلال المستمرة بحق الصيادين الغزِّيين (قرابة 4 آلاف) ومراكبهم في عرض البحر.

ويقول الصياد رامي مقداد، وهو واحد من أشهر مستخدمي مسدس الصيد البحري في صيد الأسماك، إن الهاربون المصنَّع محليًا جيد في عملية الصيد، وسهل الاستخدام.

ويضيف مقداد (32 عامًا)، الذي يمتلك هاربون من صناعة شركة (Cressi) الايطالية، وابتاعها قبل بضع سنوات بمبلغ يقارب 500 دولار، إنه يفكر جديًا بامتلاك هاربون خشبي مصنَّع محليًا.

وكان مقداد، الذي يمارس مهنة الصيد البحري منذ 12 عامًا، استخدم مسدس صيد خشبي يعود لأبو عميرة في صيد الأسماك قرب ميناء غزة، وقال إنه "مناسب في الاستخدام، ويضاهي الماركات العالمية".

ويعد صنع هذا النوع من أدوات الصيد، أول محاولة يقوم بها صياد غزِّي متحديًا ظروف الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع الساحلي منذ ما يزيد عن 10 سنوات، عانى خلالها الصيادين شتى أنواع الانتهاكات.

ليس ذلك فحسب، فهي أول محاولة فلسطينية لصناعة هاربون خشبي.