40 يوماً عاشتها الأسيرة المحررة رسيلة شماسنة (46 عاماً) و طفلتها سارة (14 عاماً) في سجون الاحتلال، تتجرع مرارة السجن والتعذيب وجبروت الاحتلال الإسرائيلي، وتعيش معاناة الأسيرات لحظة بلحظة.
الاحتلال أفرج في ساعات متأخرة الأحد الماضي، عن شماسنة وابنتها سارة من بلدة قطنة قضاء مدينة القدس، بعد اعتقال دام (40 يوماً) أمضت منها (27 يوماً) بالزنزانة الانفرادية، ومضربة عن الطعام لمدة (14 يوماً).
الساعة الثانية فجراً في 31 يناير/ كانون ثان الماضي، كان سكون الليل الهادئ في بلدة قطنة قضاء يخبئ شيئا ما لعائلة شماسنة، حينها اقتحمت قوات من جيش الاحتلال منزل العائلة واعتقلت رسيلة وابنتها سارة.
تروي شماسنة التفاصيل التي عاشتها خلال الاعتقال لصحيفة "فلسطين"، فتقول: "في يوم الاعتقال أجبرتنا قوات الاحتلال على السير لنصف ساعة حتى وصلنا جبل مستوطنة "هار ادار" الواقعة قرب القدس.. نقلت بعدها إلى أحد مراكز شرطة الاحتلال بالقدس، وهناك قامت مجندة اسرائيلية بعرض فيديو خاص عن العملية التي نفذها نجلي الشهيد محمد.
واستشهد ولدها محمد (22 عاما) في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، حيث أمطره جنود الاحتلال برصاصهم قرب محطة للحافلات بالقدس بعد طعنه جنديين من جيش الاحتلال ومحاولته خطف سلاح أحدهم.
مشهد استفزازي
وتكمل شماسنة عن ذلك الفيديو: "شاهدت نجلي وهو يطعن جنديين من المرجح أنهما قتلا على الفور، وبعدها قام جنود أخرون بإطلاق النار على بعضهم من شدة الذعر الذي عاشوه، رأيت نجلي يأخذ سلاح أحد الجنود وحاول اطلاق النار لكن السلاح كان يعمل بالبصمة فلم يستطع استخدامه، فقاموا بإطلاق النار على قدميه وقيدوه بكرسي الحافلة وعذبوه، وأمطروه بنحو 22 طلقة".
هذا المشهد الذي شاهدته والدة الشهيد فجر غضبها في وجه المجندة الإسرائيلية التي استفزتها بهذا الفيديو، فقامت شماسنة بضربها بقلم حبر.
"ايش كاينة مربية بالدار سوبرمان؟ شو كاينة تطعميه؟ هذا إرهابي زيك.." هذا استفزاز آخر وجهه أحد ضباط الاحتلال لشماسنة قبل نقلها لسجن هشارون، وتواصل: "في أحد مراكز توقيف القدس، تهجم علي أحد المجندين وحينما حاولت الدفاع عن نفسي انهال علي نحو عشرة جنود بالضرب ووضعوا أحذيتهم على رأسي وأغمي علي".
ونقلت والدة الشهيد بعد ذلك لسجن هشارون، وهناك دار حوار بينها وبين أحد ضباط الاحتلال:
(الضابط) لشماسنة: "سنعقد صفقة معك". ردت شماسنة باستهزاء: "صفقة شاليط". سألها: "ولماذا شاليط؟". فردت عليه ساخرة: "لأنك يهودي ولأني أبو عبيدة وبضربكم بالصواريخ". كتم الضابط غيظه ثم هددها قائلاً: "سنرسلك لزنزانة العزل الانفرادي وسنعذبك هناك".
لم يتأخر الضابط بتنفيذ وعيده، وعلى الفور نقلت شماسنة لزنازين العزل الانفرادي بسجن هشارون، وكُبلت يداها وقدماها، ولم يفك قيدها إلا في حالتين: حينما تذهب لدورة المياه، أو حينما يتم تحويلها لمتابعة جلسات المحاكمة في محكمة سجن عوفر، وكل ذلك كان يحدث أمام ابنتها الطفلة سارة التي رافقتها في زنزانة العزل الانفرادي.
سلاح الإضراب
وتقول شماسنة: "يوميا كانوا يأخذونني من الساعة الثانية فجرا، وفي التاسعة صباحا نصل سجن عوفر، فيتم وضعنا قبل جلسة المحاكمة بغرفة شديدة البرودة "البوسطة" تسمى ثلاجة الأسرى وأسميها ثلاجة الموتى، وهناك نظل بدون أكل أو شرب حتى نعود للسجن". وأمضيت 27 يوماً بالزنزانة الانفرادية، وأعلنت الإضراب عن الطعام لمدة 14 يوماً.
وأشارت إلى أن محكمة الاحتلال أفرجت عنها ولكن أبقتها لمدة 40 يوماً تحت المراقبة، بعد أن حكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات مع وقف التنفيذ، ودفع ألفي شيكل كفالة، وكذلك الحال بالنسبة لابنتها سارة، على أن يتم تنفيذ الحكم عليهما إذا أثبتت سلطات الاحتلال أيا من التهم الموجهة إليهما دون الرجوع للمحكمة.
ومن بين التهم الموجهة إليها، تجارة الأسلحة وامداد المقاومة بها. وتعلق شماسنة على ذلك ساخرة: "هذه التهمة كانت بسبب إطلاقي النار في الهواء بسلاح من نوع كارلو خلال تشييع جثمان نجلي الشهيد محمد، وكان السلاح خاصا بأحد الملثمين المشاركين في هذا التشييع، وقد أخبرت القاضي الإسرائيلي أن حالتنا المادية صعبة ولا يوجد لدينا معيل ولا يتوفر معنا ثمن سلاح لنشتريه".