تلتهب الأزمات الإنسانية في قطاع غزة، ويبحث الغزيون عن الحل والأمل، بينما يتوارد إلى مسامعهم أن اجتماعًا للحكومة يُعقد بشكل مشترك بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، وبانتهاء الاجتماع، تؤكد تصريحات وزراء ما لم يكن يتوقع الغزيون خلافه، وهو أنها لا تزال ترهن الخطوات العملية لحل أزماتهم، بالملف السياسي، والأمني.
تسابق الصحفيون، أمس، نحو الوزراء المتواجدين في غزة، لمعرفة ما إذا كان الاجتماع خرج بخطوات عملية سيلمسها الغزيون، بما ينهي الأزمات الإنسانية: رواتب الموظفين، الكهرباء، المياه، الصحة، الوقود، شركات النظافة في المستشفيات، وغيرها، فكانت إجابة وزير العمل مأمون أبو شهلا: "الحكومة كالعادة، عندها خطط كاملة لحل مشاكل القطاع جميعا، بعد تسوية الوضع السياسي".
هو "اجتماع روتيني" –والكلام هنا لوزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة- الذي أضاف للصحفيين عقب الاجتماع، ردا على نفس السؤال: "إن شاء الله تتم المصالحة وتكون هناك نتائج إيجابية لكل أبناء شعبنا.. نتمنى أن تتم المصالحة".
أيضًا وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، قال للصحفيين إن هذا الاجتماع المشترك وجدول أعماله "طبيعي" وأسبوعي، لكن "صدفة أن عدد من الوزراء كانوا موجودين في قطاع غزة".
وأضاف: "الوزراء الموجودون في قطاع غزة والذين يتابعون أعمال وزاراتهم التقوا عبر الفيديو كونفرنس مع بقية زملائهم في رام الله"، متابعا: "أول بند من البنود دائما يُناقش موضوع قطاع غزة والإصلاح والمصالحة في قطاع غزة".
مصطلح "غامض"
الأعرج استخدم المصطلح الذي اعتادت الحكومة عليه، والذي يُجمع المراقبون على وصفه بـ"الفضفاض" و"الغامض"، وهو ما تسميه "تمكين الحكومة"، قائلا: "التمكين يأتي من خلال العمل على الجباية وتطبيق الأنظمة والقوانين المعتمدة وفق الدستور وأيضًا أن تتمكن من الأمن الداخلي، الشرطة، وغيرها من الأمور"؛ على حد قوله.
ويسود اعتقاد على نطاق واسع بأن السلطة تسعى إلى تطبيق سياسة "التنسيق الأمني" مع (إسرائيل) في قطاع غزة، وهو ما ترفضه الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية.
وكان رئيس السلطة محمود عباس، قال خلال لقاء تلفزيوني في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "هناك دولة واحدة بقانون واحد بسلاح واحد"، مضيفا: "كل شيء يجب أن يكون بيد السلطة الفلسطينية، وأكون واضحا أكثر لن أقبل أو أستنسخ تجربة حزب الله في لبنان"؛ على حد تعبيره.
بينما قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في لقاء متلفز، في الشهر نفسه: "سلاح الحكومة والشرطة وأجهزة الأمن الحكومية هذا بالتأكيد سلاح واحد، وهناك سلاح المقاومة طالما أن هناك احتلالا صهيونيا على الأرض الفلسطينية فمن حق شعبنا أن يمتلك سلاحه وأن يقاوم هذا الاحتلال بكل أشكال المقاومة".
وينص اتفاق القاهرة 2011، على تشكيل لجنة أمنية عليا تتكون من ضباط مهنيين بالتوافق، وتمارس عملها تحت إشراف مصري وعربي لمتابعة وتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني في الضفة وغزة، ويكون من مهامها رسم السياسات الأمنية والإشراف على تنفيذها.
كما أنه يؤكد حق الضمان الوظيفي لجميع العاملين بالأجهزة الأمنية (استيعاب - إحالة للتقاعد - نقل إلى وظائف مدنية -...).
وبحسب الاتفاق، "تبدأ عملية استيعاب عدد (ثلاثة آلاف) عنصر من منتسبي الأجهزة الأمنية السابقة في الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في الأجهزة القائمة في قطاع غزة بعد توقيع اتفاقية الوفاق الوطني مباشرةً، على أن يزاد هذا العدد تدريجياً حتى إجراء الانتخابات التشريعية وفق آلية يتم التوافق عليها".
ولم تلتزم حكومة الحمد الله بما نص عليه اتفاق القاهرة الموقع بين حركتي حماس وفتح في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بخصوص صرف رواتب الموظفين في قطاع غزة.
ونص الاتفاق المذكور على "سرعة إنجاز اللجنة القانونية/ الإدارية المشكلة من قبل حكومة الوفاق لإيجاد حل لموضوع موظفي القطاع، قبل الأول من شهر فبراير 2018 كحد أقصى، مع مشاركة خبراء ومتخصصين ومطلعين من قطاع غزة للجنة المذكورة أعلاه في عملها، وتقوم الحكومة على استمرار استلام الموظفين لرواتبهم التي تدفع لهم حاليا خلال عمل اللجنة اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017"؛ لكن الحكومة لم تصرف لهؤلاء الموظفين أي رواتب حتى اللحظة.
وتفرض السلطة منذ مارس/آذار الماضي إجراءات وصفها عباس بأنها "غير مسبوقة" على قطاع غزة، شملت الخصم من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية بنسبة تتراوح بين 30% و40%، كما مست مجالات حيوية كالصحة والكهرباء والوقود، وغيرها.
وفيما قال الأعرج إنه تم إقرار الموازنة العامة للسلطة خلال الاجتماع، بما يشمل القطاع، فإن بيانا للحكومة أمس، ذكر أنه "تم إعداد موازنة الأساس مع الأخذ بعين الاعتبار بقاء الوضع الحالي القائم في قطاع غزة"، وأنه "تم إعداد موازنة موحدة في حال تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام".
ولم يجر اجتماع وزراء الحكومة في غزة في مقر مجلس الوزراء (منزل عباس)، حيث تم عقده هذه المرة في مقر هيئة التأمين والمعاشات.
انتهى اجتماع الحكومة، لكن لا تزال الأزمات الإنسانية في قطاع غزة مستمرة ومتواصلة.