لطالما اعتقدت عائلة الشهيد مصطفى برادعية من مخيم العروب شمال الخليل، أن استشهاد نجلها جاء تأثرا بإصابته بعدة رصاصات في البطن بعد عملية طعن نفذها بحقّ مجموعة من جنود الاحتلال، قبل أكثر من ثلاثة شهور.
لكنّ الحقيقة الصادمة للعائلة كانت بعد عودة جثمان شهيدها، الجمعة الماضية، واكتشاف إصابته برصاصات أخرى بعد نقله بذريعة العلاج في أحد المستشفيات الإسرائيلية، فتعززت لدى العائلة هذه القناعات، بعد معاينتها رصاصة في رأسه وأخرى في رقبته.
وتقول العائلة إن "مصطفى اقتيد عبر مركبة إسعاف عسكرية وهو يتحرك، وقد كان مصابا فقط في بطنه، حسب روايات شهود عيان ومواطنين كانوا متواجدين في المنطقة .. أما رصاصات الرأس والرقبة فهي تنم عن عملية إعدام".
وتضيف "أم مالك" زوجة الشّهيد لـ"فلسطين" إنّ "المفاجأة الصادمة كانت لها ولأبنائها الأطفال السبعة.. الاحتلال أعدم زوجي بعد اعتقاله"، لافتة إلى أنّ مسعفين يتبعون الهلال الأحمر الفلسطيني قدموا بداية الأمر العلاجات الأولية له، وأكدوا أنّ الإصابات كانت بعدّة رصاصات في الصدر، ووصفت حالته الصّحية بالمستقرة.
وتشير إلى أنّ ما جرى مع زوجها هو عملية اغتيال بعد الاعتقال، إضافة إلى كشفها عن علامات تعذيب تعرّض لها زوجها بعد اعتقاله وهو مصاب، متوقعة أن يكون الاحتلال أخضعه للتحقيق والاستجواب بعد اعتقاله، ومن ثمّ أعدمه، وأعلن لاحقا عن استشهاده.
وتبين الزوجة المكلومة بأنّ "زوجها كان طامحا للشهادة ونالها، وهذا ما يطمئنها على أنّه ذهب ونال الشّهادة".
فيما تعبر كريمة الشهيد، ملاك برادعية، عن تقبلها لنبأ استشهاد والدها رغم غيابه عن المنزل، وأشقائها، لكنّها تشير إلى أنّ العائلة على قناعة بأنّ والدها ارتقى شهيدا بعد اعتقاله وإصابته وتعذيبه، ومشاهدتها عن قرب لآثار التعذيب على جسده.
وتقول ملاك إن "العائلة ممتنعة عن التوجّه إلى أيّة محاكم فلسطينية أو إسرائيلية أو دولية لرفع شكاوى ضد الاحتلال؛ لأن الاحتلال متمرد على كافة القوانين والأعراف الدولية، وغير مكترث بأيّ حقوق للفلسطينيين، وبالتالي لا ترى أنّ أحدا سينصف والدها بعد استشهاده".
وتلفت إلى أنّ والدها كان يستحقّ الشهادة، وأنّ هذا قدر الشّعب الفلسطيني، وأنّ الكثير من الشهداء الذين ارتقوا في انتفاضة القدس أو ما قبلها تعرّضوا لمثل عمليات القتل والإعدام بعد اعتقالهم.
وتتفق الوالدة مع الابنة، بعدم نية العائلة رفع أية شكاوى، متمنية أن يأتي اليوم الذي تتحرر فيه البلاد، وأن يأتي من ينتصر لزوجها ولكل الشهداء.
وأفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة الماضية، عن جثامين 9 شهداء فلسطينيين كانوا محتجزين لديها.
وفي السياق، نظمت حركة الجهاد الإسلامي في مدينة الخليل، أول أمس، حفل تأبين للشهيد برادعية. وشارك في الحفل الذي تم تنظيمه في مخيم العروب، لفيف من قيادات الحركة في الضفة والمئات من سكان المدينة.
وأشاد الشيخ خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بمناقب الشهيد برادعية الذي انتفض في وجه المحتل، وشق طريقه نحو الشهادة بدمائه الزكية.
وشدد عدنان على ضرورة أن تبقى شعلة المقاومة متقدة على درب الشهيد برادعية حتى كنس الاحتلال عن كامل التراب الفلسطيني.
يذكر أن الشهيد مصطفى برادعية (51 عاما) استشهد برصاص الاحتلال بتاريخ 19-7-2016 عقب تنفيذه عملية طعن على مدخل مخيم العروب أدت إلى إصابة جنديين إسرائيليين بجراح مختلفة.