الخامس والعشرون من شباط لعام ألف وتسعمائة وأربع وتسعينماذا يعني لنا هذا التاريخ وما يحمله لنا من ذكرى الخامس والعشرين من فبراير .. ذكرى لم تغادر ذاكرة.. ذكرى تحمل في طياتها تفاصيل سوداء مؤلمه حزينة حلت على الشعب الفلسطيني فجر يوم الجمعة إنها مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف.
ففي ساعات الصباح الأولى، قبل 24 عاماً، استيقظ أهالي الخليل على نداءات واستغاثات، أطلقت عبر مكبرات الصوت في المساجد في كافة أرجاء المدينة تنادي بالتبرع بالدماء وإغاثة الجرحى الذين ينزفون في بيت إبراهيم الخليل عليه السلام.
وفي مثل هذا (اليوم)، تجسدت صورة لواحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت في تاريخ الإنسانية جمعاء.. طبيب أطفال الحاقد باروح غولدشتاين من احد غلاة المستوطنين وأكثرهم تطرفا يدعى باروخ غولد شتاين، يفتح النار عبر بندقيته الأوتوماتيكية صوب المصلين وهم سجدا في صلاة الفجر، فقتل أكثر من 29 مواطناً وأصاب العشرات بجراح.
المجرم الهالك من سكان مستوطنة كريات أربع وكان قد تتلمذ في مدارس الإرهاب الصهيوني على يد متخصصين في الإرهاب من حركة كاخ الإرهابية وكان غولدشتاين معروفا لدى المصلين المسلمين حيث كان في كثير من الأوقات يشاهدونه وهو يتبختر أمام المصلين الداخلين والخارجين إلى الحرم الإبراهيمي.
وكان هذا الهالك قد أصر على قتل أكبر عدد من المصلين وأعد الخطط لذلك وكان هدفه الوحيد هو اقتلاع الوجود الفلسطيني من البلدة القديمة في الخليل، فلما أحب الإرهاب أحب قتل الفلسطينيين، ووهب جل اهتمامه لهذا الأمر حتى نفذ جريمته البشعة.
كلما اقترب موعد الذكرى الأليمة ، تذرف العيون الفلسطينية دموع الحُزن على شهدائها كما وتبكي في الوقت ذاته العيون اليهودية أيضاً على مقتل السفاح الهالك، وأن الفرق بين كلتا الدمعتين واحد، فتلك دموع مسمومة وهذه دموع طهورة، والسبب أن رب العزّة لم ولن يبعث بنبي يدعو الى دين جديد يبيح إراقة دم الأبرياء، فكيف لو كانوا أولئك داخل أكثر الأماكن قداسة وطهارة على وجه الأرض؟!
تطل علينا هذه الذكرى المؤلمة، والحرم الإبراهيمي الشريف ما زال يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، مكبلا ومقيداً بالبوابات الحديدية والالكترونية، بدواع أمنية عارية عن الصحة، وكاميرات المراقبة تملأ المكان، وجنود منتشرون كالغربان.. وأكثر من ذلك، إجراءات وأوامر عسكرية تخنق الأذان وتمنعه من الانطلاق.. إنهم يجبرون بيت إبراهيم على الصمت ويسلبون إرادته، ويحاصرون قبور الأنبياء داخله!!