كان النظام السوري هو الواجهة التي حاصرت مدينة حلب، وقامت بقصفها وتدميرها، وتهجير سكانها، ولكن الفعاليات القتالية على الأرض والممارسات الميدانية نفذتها الميلشيات الإيرانية وحلفاؤها بدعم غير محدود من سلاح الجوي الروسي، لتكون النتائج وفق ما خططت له السياسة الأمريكية في المنطقة، لا وفق مزاعم البعض عن تقلص النفوذ الأمريكي، وتراجع تأثيره في المنطقة لصالح نفوذ روسيا.
إن ما جرى في سوريا كان بعلم أمريكا، ورضاها السياسي والدبلوماسي، ويكفي أن نسترشد بما جرى في العراق كي نعرف ما يجري في سوريا، إذ لا يختلف عاقلان بأن نظام الحكم في العراق هو صناعة أمريكية محضة، ويتلقى الدعم العسكري والسياسي من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ومن المؤكد أن كل خطواته العسكرية وتحالفاته في المنطقة تحظى برضا أمريكا ومباركتها التامة.
ولما كان نظام الحكم في العراق هو الحليف الوثيق لنظام الحكم في سوريا، فمعنى ذلك أن نظام الحكم في سوريا لا يمكنه الوقوف على النقيض من موقف حليفه في العراق، إذ كيف يعادي النظام السوري مصالح أمريكا، التي تناصر حليفه في العراق حتى العظم؟
ومن الزاوية الأخرى للمشهد، فلا تقدر أمريكا على مساندة نظام الحكم في العراق، لتعادي في الوقت نفسه نظام الحكم في سوريا، فصديق الحليف صديق.
إن خطأ البعض في قراءة المشهد السياسي في العراق، جعلهم يخطئون ثانية في قراءة المشهد السياسي في سوريا، فراحوا يظنون بأمريكا خيراً، وحسبوا أنها ستدعم الديمقراطية وحرية الرأي في هذا البلد، ونسوا أن من يصادق نظام الحكم في العراق لا يمكنه إلا أن يصادق حليفه في سوريا، وتجاهلوا منظومة متكاملة من التحالفات الهادفة إلى إغراق المنطقة في حروب طائفية لا تخدم إلا المصالح الإسرائيلية.
ضمن معادلة التحالفات الهادفة إلى إراقة الدم العربي والمسلم بلا توقف، يأتي الدعم الأمريكي للأكراد، ويأتي الإعلان الأمريكي الأخير عن رفع الحظر عن تسليح ثوار سوريا، ذلك التسليح الذي لا يهدف إلى نصرة الشعب السوري، بمقدار ما يهدف إلى إطالة أمد الاشتباك في المنطقة إلى أبعد زمن ينزف فيه دم العربي والمسلم بلا شفقة.