قائمة الموقع

​الطفل "إلياس" يواجه الموت البطيء.. وعلاجه يتوقف على "توقيع"

2018-02-24T10:00:31+02:00

لم يكن كسائر الأطفال في سنه، "إلياس" هو الابن الثالث لوالديه، لكن نموه مختلف عن شقيقيه، فهو يبدو أصغر حجما وأضعف نمواً منها، حتى أسنانه لا تزال خجولة ترفض البروز، وفي المقابل برزت بطنه بشكل ملفت للنظر.

عمره في هذا المشهد لم يتجاوز الشهور السبعة، لكن مظهره يبدو أصغر من عمره الفعلي، ما دفع والديه للبحث عن سبب بطء نمو هذا الابن، وعن سبب بروز بطنه بهذا الشكل اللافت، وبعد زيارات متكررة للعديد من الأطباء تكشفت الأسباب..

مرض نادر

إنه مرض يُدعى " تيروزينيميا"، هو مرض نادر سببه خلل في حمض التروزين الأميني، والذي يرافقه إصابة شديدة في الكبد والكلى والجهاز العصبي المركزي، وقد يهدد حياة المريض إن تفاقم، بحيث يمكن أن إلى درجة إصابة الطفل المُصاب به بفشل كلوي أو تليف في الكبد مع تراكم السموم في الجسم مما يؤدي إلى الوفاة.

ولتخفيف حدة هذا المرض، على الطفل أن يعيش في حمية دائمة، وكما يقول والد "إلياس": "عليه أن يبتعد عن كل طعام يحتوي على البروتين، مما يجعلني أنا وأمه ملازمين له على الدوام"، مضيفا أنه لا يتوفر في قطاع غزة أي مواد غذائية تخص الحمية التي يفترض أن يخضع لها الأطفال المصابون بهذا المرض والذين – حسب الوالد- هم خمسة أطفال فقط في القطاع.

"إلياس" محروم من تناول الأغذية البروتينية مثل اللحوم والدجاج والأسماك وكذلك البيض والحليب والبقوليات، عليه فقط مشاهدة إخوته يتناولونها.

بلغ الآن من العمر عامًا وثلاثة أشهر، لكنه بجسده الهزيل لا يزال يبدو، في المظهر العام، وكأنه في الشهر السادس من العمر، فهذا المرض يؤثر على النمو العصبي عند الطفل ويلازمه مدى الحياة، ولا علاقة له بالوراثة، ولكنه "النصيب".

بالرغم من عمل والد "إلياس" في المجال الطبي، إلا أنه يعجز عن توفير الدواء لطفله، وعن رحلته في البحث عن العلاج، يقول: "يوجد لمرض ابني دواء تنتجه شركة أدوية سويدية، وهي الوحيدة في العالم التي تنتج هذا النوع من الدواء، وهو عبارة عن عبوة تحتوي على ثلاثين كبسولة، تصل تكلفتها بالعملة المحلية إلى 14 ألف شيكل شهرياً، ويجب أن يتناول المريض هذا الدواء مدى الحياة".

الأوضاع المعيشية الصعبة في قطاع غزة، والتي في أيسر حالاتها سوف تجعل والده يعجز عن تأمين ثمن علبة واحدة وإن عمل بشكل متواصل على مدار ستة أشهر، جعلت هذا الوالد يطلب معونة وزارة الصحة والسلطة الفلسطينية لا سيما وأن حالة طفله ليست فريدة بل هناك أربع حالات أخرى.

أضف إلى ذلك، أن الشركة السويدية نفسها ترفض صرف الدواء للأطفال في قطاع غزة بمعزل عن موافقة السلطة الفلسطينية في رام الله، وهو ما وضّحه الأب في كتابٍ رفعه إلى وزارة الصحة في غزة وفي رام الله لطلب تأمين هذا الدواء لطفله.

مهدد بالموت

"السلطة ترفض.." يقولها والد "إلياس" مبدياً استياءه من عدم تأمين الدواء للأطفال الخمسة المرضى في القطاع، خاصة وأن حياتهم متوقفة على تناولهم لهذا الدواء، مضيفا: "أخبرني الطبيب المعالج لإلياس، وهو الوحيد المختص في علاج هذه الحالات في القطاع، بأن حالة إلياس إذا تفاقمت سيكون فيها خطر على حياته".

وفي معرض رده على استفسار "فلسطين": "ألا يمكن زراعة كبد أو كلى جديدة لإلياس؟" يجيب: "كنت أظن ذلك، لكن الطبيب المعالج أخبرني أنه لا يمكن في هذه الحالات إجراء زراعة وأن على المريض أن يتبع حمية عن البروتين مدى الحياة".

وتكمن خطورة مرض "إلياس" في أن الكبد عنده لا يستطيع التخلص من السموم في الجسد من خلال تحويلها إلى سموم يمكن لباقي أجهزة الجسم تحويلها إلى فضلات والتخلص منها فيما بعد.

"أمام عيني طفل يكاد لا ينمو، ويمكن في أي لحظة أن أفقده.. ينظر لإخوته وهم يتناولون ما لذّ وطاب من الطعام، بينما هو محروم حتى من تذوقه، كيف سيكون حالي وأنا أبٌ لطفلٍ لا أدري كيف سيكون مستقبله؟ وإن كان سيعيش إلى وقت بعيد أم لا!".. يقولها والد "إلياس" متحسراً.

ويوضح: "الشركة السويدية كانت تصرف الدواء ولكنها الآن تشترط أن يتم الصرف من خلال السلطة الفلسطينية، والأخيرة ترفض، فهل أقف متفرجاً أنتظر وفاة إلياس، أم أستمر بالمناشدات حتى يشاء الله، لعلي أجد عند السلطة الفلسطينية أذنًا صاغية".

هذا الأب، وآباء المرضى بنفس مرض ابنه في القطاع، لا يجدوا ما يمكن فعله لإنقاذ فلذات أكبادهم، الحل الوحيد بالنسبة لهم أن تتولى الحكومة الأمر، فهذا واجبها من وجهة نظرهم.

اخبار ذات صلة