فلسطين أون لاين

​أوصوا بسد الثغرات في أموال المقاصة وملاحقة المتهربين

اقتصاديون: محاولة الحكومة توسيع الضرائب تثقل كاهل المواطنين

...
غزة - رامي رمانة

تُعتبر الضرائب إحدى أدوات السياسة المالية لتأمين الحكومة نفقاتها الجارية والتطويرية، غير أن هذه الأداة ينبغي أن تراعي جملة التحديات الداخلية والخارجية المحدقة بالواقع الفلسطيني المعاش، بحسب ما يؤكده مختصون في الشأن الاقتصادي، معتبرين أن أي محاولة حكومية جديدة لتوسيع الضرائب وزيادتها على المشمولين ستضيف أعباء جديدة خاصة القاطنين في غزة.

وطالبوا الحكومة في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" بالعمل على ايجاد بدائل أخرى لزيادة ايراداتها، مثل ملاحقة المتهربين ضريبياً، وسد الثغرات في أموال المقاصة، وإعادة النظر في صياغة القوانين التي تمنح الكثير من المزايا المادية، خاصة لأعضاء المجلس التشريعي والوزراء.

بدائل أخرى

وشدد المختص في الشأن الاقتصادي د.معين رجب على أن الوضع الذي يعيشه السكان في قطاع غزة لا يحتمل فرض مزيد من الضرائب والرسوم، بل أنهم بأمس الحاجة لإعفاءات حكومية سواء للأفراد أو مؤسسات القطاع الخاص تعويضاً لهم عن السنوات الصعبة التي عاشوها ومازالوا في ظل الانقسام والحروب والإغلاق.

ويبين رجب أن الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة التي يتحملها الفقير قبل الغني من أكثر الضرائب ارهاقاً.

ودعا الحكومة إلى البحث عن وسائل أخرى لزيادة ايراداتها الضريبية بعيداً عن المواطنين البسطاء، مثل تحصيلها من المستحقين القادرين، خاصة المتهربين ، وأن تسعى إلى سد الثغرات في تحصيل أموال المقاصة.

من جانبه قال المختص في الشأن الاقتصادي د. رائد حلس: "إن توسيع الضرائب في ظل الظروف الحالية سلاح ذو حدين فمن ناحية الحكومة سيمكنها من زيادة قدرتها على زيادة حجم الإنفاق وتوسيع دائرة المشمولين المستفيدين من الخدمات الحكومية، ومن ناحية القطاع الخاص سيترك هذا الأمر أعباء ثقيلة عليهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها".

وأضاف: "المطلوب أن يكون هناك توازن ما بين سياسة توسيع الضرائب وبين مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والبحث عن خيارات أخرى تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز مقومات الصمود لكافة الأطراف (الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص والمواطنين) تبدأ بخطوة أولى العدالة في توزيع الدخل والثروة".

النظر في القوانين

بدوره دعا المختص في الشأن الاقتصادي د.طارق الحاج، السلطة إلى إعادة النظر في صياغة القوانين التي تمنح الكثير من المزايا المادية، خاصة لأعضاء المجلس التشريعي والوزراء الحكوميين، وذلك من أجل تقليل حجم الإنفاق، كما شدد على ضرورة إعادة النظر في الشرائح الضريبية، وعلى أهمية تنفيذ أصحاب رؤوس الأموال مشاريع حيوية وتطويرية.

وبين الحاج أن محاولات تطبيق سياسات مالية لتقليل العجز في الموازنة السنوية الفلسطينية تبقى دون الأثر والمخرجات المطلوبة في ظل عدم توافر المقومات.

وقال الحاج: إنه حسب المفاهيم الاقتصادية، إن توفرت أربعة مقومات في الدولة يمكنها أن تطبق سياسة مالية ناجحة وهذه المقومات للأسف غير متوافر منها في المناطق الفلسطينية إلا واحدة وهي الاستثمارات المباشرة".

وأضاف أن المقومات الثلاثة الأخرى؛ وهي الأملاك السيادية، والاستثمارات المشتركة يبن القطاع العام والخاص، وتحمل الأفراد الطبيعيين والاعتباريين للضرائب والرسوم، هي مقومات غير متوافرة ما يضعف تطبيق السياسة المالية.

وأشار الحاج إلى أن وضع الفلسطينيين لا مثيل له في القرن 21، فالاحتلال مسيطر على مواردهم ومناطق النفوذ والمعابر، مشددًا على أن الاحتلال يشن حربًا سياسية واقتصادية لا يستطيع من يعيش خارج فلسطين إدراكها.

وقال: "إن إجراء سياسة تقشف يجب أن تطال رواتب أعضاء التشريعي الذي يتقاضى الواحد فيهم شهريًا ما بين 3 آلاف إلى 3.5 آلاف دولار إضافة إلى النثريات وبدل التنقل والسفريات التي تنفق لهم".

وأضاف: "كما لا يُعقل أن يأخذ الوزير معاش تقاعدي فترة طويلة، وأن يبقى الموظف الحكومي يزاول مهنة أخرى يزاحم من لا مهنة له".

وحث الحاج الحكومة على إعادة النظر في الشرائح الضريبية، بحيث أن تكون الضرائب المفروضة على أصحاب رؤوس المال أعلى وأوسع من المفروضة على المواطن العادي، لأن الدولة توفر لأصحاب رؤوس الأموال حماية مزدوجة على أنفسهم و أموالهم.

وأكد ضرورة توجيه أصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين القاطنين في الداخل وفي الشتات جزء من أموالهم في إقامة مشاريع تعليمية، طبية، اجتماعية، خدماتية، ترفيهية، رياضية تخفف من نفقات الحكومة.

إجراءات حكومية

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء رامي الحمد الله ذكر في وقت سابق أن حكومته اعتمدت ضرائب جديدة وأقرت سلسلة من الإجراءات الضريبية لزيادة إيراداتها بنسبة 35 % خلال العام الجاري.

وأوضح أن التعديلات تتضمن "اعتماد شريحة ضريبية رابعة بدلا من الشرائح الضريبية الثلاث المعتمدة منذ 2015، بحيث تتراوح ضريبة الدخل من صفر إلى 20 %، ما يزيد عدد الملتزمين ضريبيا بحوالي 10 %، ويزيد الإيرادات الضريبية بنسبة 35 % خلال عام 2018.

وأعلن الحمد الله تخفيض ضريبة الدخل من 15 % إلى 10 % على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا يتجاوز دخلها السنوي الصافي 3.5 ملايين شيكل، والتحول إلى إعفاءات وحوافز ذكية ترتبط بالتدريب، فيما ستستحدث شريحة جديدة تخص البنوك والمؤسسات المالية التي يفوق دخلها سبعة ملايين شيكل، وذلك من 15-20 %، وهذه تشمل الشركات التي تتمتع بالاحتكار والشهرة، علما أن عدد هذه الشركات يبلغ 52 شركة في فلسطين.