قائمة الموقع

​الأزمة الاقتصادية بغزة تلقي بتداعياتها السلبية على الدراسة الجامعية

2018-02-24T07:54:46+02:00

لم تستطِع الطالبة الجامعية سمر حجازي، التسجيل للفصل الدراسي الجامعي الثاني حتى اللحظة؛ نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عائلتها كباقي عائلات قطاع غزة؛ بفعل الحصار الإسرائيلي، والعقوبات الجماعية من قبل السلطة.

وتقول حجازي -طالبة بكالوريوس صحافة وإعلام في جامعة الأزهر المستوى الثالث- إن جامعتها منعتها من دخول قاعة الامتحانات للفصل الدراسي السابق؛ لأنها لم تستكمل دفع الرسوم المستحقة عليها.

وتضيف: طردت من الامتحانات النهائية رغم أنني قدمت امتحانًا نصفيًّا، ولدي إنجازات، ومع ذلك احتسبت الجامعة علامتي النهائية "راسبًا في الفصل الماضي".

وبحرقة على الواقع المعيشي، تؤكد: "وضعنا المادي لا يسمح بدفع الرسوم الجامعية حاليًا نتيجة خصومات السلطة على راتب والدي الموظف لديها".

وفرضت السلطة برام الله، في أبريل/ نيسان الماضي، سلسلة عقوبات جماعية بحق قطاع غزة، منها خصم رواتب موظفيها في غزة، ووقف التحويلات الطبية والدواء، ووقف توريد السولار اللازم لعمل محطة الكهرباء.

وسمر ليست الطالبة الجامعية الوحيدة في عائلتها المكون من ثمانية أفراد، فشقيقتها الأخرى تدرس في الجامعة، وبالتالي فإن والدها لا يمكنه صرف الرسوم الجامعية للشقيقتين.

واستثمارًا للوقت، ذهبت سمر للتطوع في إحدى المؤسسات الإعلامية، على أمل أن تجد فرصة عمل حتى تستطيع مساعدة والدها في تأمين تكاليف دراستها.

وتنادي الطالبة الجامعية، إدارة جامعتها الأزهر، بمراعاة الأوضاع المعيشية والإنسانية في قطاع غزة، والسماح للطلبة باستكمال دراستهم الجامعية، مؤكدة: "مهما أوقفتني الجامعة سأكمل حلمي بأن أكون إعلامية بمجهودي وتعبي".

الأحلام لا تتوقف

ولا تختلف الأزمة الاقتصادية، لدى عائلة الطالب علي سعيد -يتيم الأب- والتي حالت ذات الظروف بتسجيله للفصل الدراسي الجامعي بصعوبة بالغة.

وتقول والدته: قمت باستدانة مبلغ 100 دينار، لتسجيله في الفصل الدراسي الثاني حتى لا يضيع عليه العام الدراسي في جامعة الأقصى، على أمل توفير باقي المبلغ لاحقًا.

وتأمل الوالدة المريضة بالقلب، بأن تقوم الجامعة بمراعاة ظروف نجلها، ومراعاة غيره من الطلبة بتقسيط الرسوم أو إعفائها.

وإن تمكنتا سمر وسعيد دخول أسوار الجامعات، إلا أن إسراء اصليح، لم تتمكن التسجيل في أي جامعة منذ تفوقها في الثانوية العامة العام الماضي وحصولها على معدل 93% نتيجة الظروف الصعبة التي تعيشها عائلتها.

وبنبرة صوت اختلطت بها الحزن، قالت: "أكثر ما يحزنني هو رؤية زميلاتي في المدرسة يذهبن للجامعة وإلى الآن لم أقم بالتسجيل بأي جامعة بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها أسرتي".

أعداد خجولة

ووصف عميد القبول والتسجيل في جامعة الأزهر د. مؤمن الحنجوري، إقبال طلبة الجامعة للتسجيل للفصل الدراسي الثاني، بالضعيف، وأن هناك أعدادا "خجولة" من الطلبة قامت بالتسجيل للفصل الحالي.

وذكر الحنجوري، لصحيفة "فلسطين" أن نسبة المسجلين حتى اللحظة للفصل الدراسي الثاني للعام الحالي لا تتجاوز 15-20% من نسبة المسجلين من الطلبة للفصل الثاني من العام الماضي.

وأكد أن الوضع الاقتصادي العام في غزة ألقى بظلاله على تسجيل الطبة، لافتا إلى أن جامعة الأزهر تعاني من مشكلات عديدة، أبرزها: زيادة التراكمات والأعباء المالية على الجامعة بخصوص مستحقات العاملين والمتقاعدين.

وقال: الجامعة لا تستطيع تحصيل الرسوم من الطلبة بالشكل المعتاد مراعاة للظروف الحالية، وبالتالي سمحت للطلبة بتسجيل عدد محدود من ساعات الدراسة حتى يبقى الطالب والطالبة داخل أسوار الجامعة دون ضياع الفصل الدراسي، ولحين تيسير الأمور.

وأضاف الحنجوري الجامعة لا تزال تقدم الإعفاءات المعتادة لأبناء الشهداء ومنحة الأخوين وحفظة القرآن.

وفيما يتعلق باتهامات الطلبة للجامعة، نفى الحنجور طرد أي طالب من قاعات الامتحانات، لافتًا إلى أن الجامعة سمحت الفصل الماضي للطلبة بتسجيل 3 ساعات كحد أدنى، كما سمحت بدخول طلبة لم يدفعوا ثمن ساعة دراسية واحدة لقاعة الامتحانات.

عزوف وتباطؤ

من جانبه، أوضح عميد القبول والتسجيل في جامعة الأقصى د. عدنان الكحلوت، أن هناك تباطؤًا في عملية تسجيل الطلبة وأن هناك عزوفًا عن التسجيل للفصل الدراسي الثاني بشكل واضح، وأن الكثير من الطلبة يبررون ذلك بعدم قدرتهم على دفع الرسوم، وأن البعض الآخر يستطيع دفع جزء من الرسوم.

وقال الكحلوت لصحيفة "فلسطين": إن سبب ذلك هو الواقع الاقتصادي الصعب في غزة.

وذكر أن نسبة المسجلين للفصل الدراسي الثاني لهذا العام انخفضت بنسبة 7% عن نسبة المسجلين في الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي.

ولفت إلى أن جامعة الأقصى منذ الفصل الدراسي السابق، أعلنت أنه يمكن للطالب الجديد بالإضافة للطالب القديم أن يقسط الرسوم على مدار الفصل كله، بأن يدفع 40-50% من قيمة الرسوم ويقوم بتقسيط باقي المبلغ.

وأشار إلى أن الجامعة واجهت مشكلة أخرى برغبة طلبة التسجيل للفصل الجديد وعليهم مستحقات وأقساط لم يتم سدادها من الفصول السابقة، فقامت بتقسيطها كذلك.

وقال إن الرسوم الجامعية في جامعة الأقصى لا يوجد لها مثيل في الجامعات الفلسطينية من حيث انخفاض سعر الساعة الدراسية مقارنة بالجامعات الأخرى.

وأكد أن الجامعة لديها مسؤولية أخلاقية ووطنية في هذا المجال، ومعنية بمساعدة الطلبة.

انهيار اقتصادي

بدوره، رأى المختص في الشأن الاقتصادي نهاد نشوان، أن غياب دعم السلطة لقطاع التعليم كحال الدول التي تولي أهمية في هذا القطاع، دفع الغزيين للجوء للجامعات الخاصة، وبالتالي: "فلا يمكن لأي أسرة أن تلبي احتياجات تسجيل الطلبة في الجامعات في ظل مرحلة الانهيار الاقتصادي".

وأشار نشوان لصحيفة "فلسطين" إلى أن قطاع التعليم تأثر باستبعاد السلطة لقطاع غزة من موازنتها السنوية العامة وتقليصها، التي انخفضت منذ عام 2005 والتي كانت حينها تقدر بنحو 40% كحصة غزة من إجمالي الموازنة إلى 23% قبل فرض العقوبات على غزة في أبريل/ نيسان الماضي، وإلى 15% خلال الفترة الحالية.

وذكر أن غياب دعم السلطة المالي لغزة، يشمل قطاع التعليم والمنح الجامعية، وبالتالي "يكون هذا القطاع ضحية كغيره".

اخبار ذات صلة