وكأن الأزمات التي تعصف بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تجر بعضها بعضا، فما أن تطفو على السطح أزمة جديدة متعلقة بمستوى الخدمات الحياتية التي تقدمها الوكالة الأممية حتى تبرز أزمة جديدة إلى الواجهة.
وتقدم "أونروا" التي تأسست في 8 ديسمبر/كانون الأول 1949 وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 ، خدماتها الاجتماعية والإغاثية والصحية وكذلك التعليمية لأكثر من خمسة ملايين و900 ألف لاجئ فلسطيني مُسجّل لديها في مناطق عملياتها الخمس "الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان"، وتدير 711 مدرسة، و143 عيادة للرعاية الأولية.
ومنذ أن أعلنت الأونروا عن وجود عجز مالي حاد في ميزانيتها، في ظل تراجع الدعم الأمريكي المقدم لها برزت على الساحة عدة أزمات بعضها متعلق بالعاملين وفوق نظام العقود المتجددة وأخرى بالمعلمين من حملة درجة الدبلوم، فضلا عن أزمات أخرى تطال الخدمات الإغاثية والغذائية التي تقدمها الأونروا.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم (أونروا) بغزة عدنان أبو حسنة، إن العجز في ميزانية الوكالة وصل إلى نصف مليار دولار، نتيجة وقف المساعدات الأمريكية إضافة إلى عجز بقيمة 150 مليون دولار كانت مُرحلة من عام 2017.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت بمنتصف الشهر الماضي يناير/كانون الثاني أنها ستقدم 60 مليون دولار إلى الأونروا وستجمّد 65 مليون دولار أخرى لـ"النظر فيها مستقبلا"، وكذلك أعلنت أخيرا عدم صرف مساعدات غذائية قيمتها 45 مليون دولار تعهدت مسبقا بتقديمها للفلسطينيين.
ورصدت صحيفة "فلسطين" بعد حديثها مع أعضاء في المؤتمر العام لاتحادات العاملين في الأونروا ثماني أزمات رئيسة قائمة على حالها حتى اللحظة، إلى جانب أزمات أخرى قد تطفو على السطح بأي وقت في حال استمرار العجز المالي المعلن من إدارة الأونروا.
خمس أزمات
عضو اتحاد الموظفين العرب بالأونروا في غزة، محمود حمدان أكد أن القطاع يعد من أكثر المناطق تضررا من تقليصات الوكالة الأممية على مستوى مناطق عملياتها الخمس، مبينا أن تداعيات الأزمة تطال جميع قطاعات الأونروا دون استثناء وتحديدا قطاعي التعليم والصحة.
وذكر حمدان خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الأونروا يعصف بها خمس أزمات رئيسة حتى اللحظة على مستوى قطاع غزة، تطال الأولى العاملين بنظام العقد، حيث تستغني الأونروا عن كل من ينتهي مدة عقده دون تجديد وتداعياتها تنعكس بالسلب على ما لا يقل ألف عامل وموظف من مهندسي ومعلمي وعاملي خدمات.
وأوضح حمدان أن الأزمة الثانية، ظهرت مع إصدار إدارة الوكالة قرارا بوقف التوظيف بشكل كامل، مع فتح المجال أمام التعاقد مع موظفي جدد وفق نظام المناوبة اليومي وعلى فترات متقطعة وفق الحاجة الأمر الذي يؤثر على جودة العمل، مشيرا إلى أن قطاع التعليم يعاني من وجود نحو 500 شاغل فضلا عن شواغر أخرى في القطاعات المتبقية.
أما الثالثة فتتعلق بوجود عجز مالي كبير في ميزانية الطوارئ جعلها تقترب إلى الصفر، الأمر يهدد توقف الخدمات الإغاثية والطرود الغذائية في أي وقت والتي يستفيد منها أكثر من مليون لاجئ في غزة فقط، إلى جانب التناقص الحاد بما يفوق الـ50 بالمائة في الميزانيات التشغيلية الخاصة بالمدارس والعيادات، وفق ما قال حمدان.
وأضاف حمدان "هناك معضلة رابعة تلوح في الأفق والتي تتمثل بمحدودية الميزانية الرئيسية للأونروا بما يكفي حتى شهر يونيو/حزيران القادم، وإذ لم تدارك الأمر فالعديد من الخدمات الأساسية ستكون عرضة للتوقف بما فيها رواتب الموظفين الشهرين".
وحول ما يتعلق بالأزمة الخامسة، فوصفها عضو اتحاد الموظفين بـ "أم الأزمات" موضحا "جميع الأزمات السابقة متفرعة من أزمة سياسية بالدرجة الأولى تسعى بشكل واضح ومنهج لإنهاء دور الأونروا ثم قضية اللاجئين وكل ذلك يأتي في سياق استهداف القضية الفلسطينية وتصفيتها".
أزمات رئيسة وفرعية
وعن الأزمات التي تهدد موظفي الأونروا وخدماتها على مستوى الضفة الغربية، تحدث رئيس اتحاد الموظفين بالضفة جمال عبد الله عن ذلك بالقول "توجد أزمات متشعبة ومتداخلة ولكن يمكن حصر الأمر في ثلاث قضايا رئيسة تتمثل الأولى على بالتقليصات المتلاحقة على صعيد إيقاف نظام العقود وعدم التجديد للعاملين به".
وأضاف عبد الله لصحيفة "فلسطين": "الأزمة الثانية ناتجة عن التوقف عن صرف العلاوات السنوية بشكل عام في جميع القطاعات ووقف العمل برنامج الساعات الإضافية، فضلا عن مشكلة العجز المالي الذي يكفي تشغيل خدمات الأونروا حتى الشهرين القادمين على أبعد تقدير، كأزمة ثالثة".
وأوضح عبد الله أن مخيمات اللاجئين في الضفة ما زالت تعيش على واقع أزمة إصدار قرار فصل 158 معلما ومعلمة من حملة درجة الدبلوم في مختلف المناطق ولكن المشكلة يجري تسويتها بما يضمن حقوق الجميع، مبينا أن هناك أزمات قد تنتج في حال نفذت الوكالة تهديدات بإغلاق مستشفى قلقيلية شمال الضفة.
ويعمل لدى أونروا، وفقا للموقع الإلكتروني للوكالة الأممية، ما يزيد على 30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين بالإضافة إلى عدد من الموظفين الدوليين يعملون في مكتبين للرئاسة العامة في (غزة وعمان) وخمس مناطق للعمليات.