أوصى مختصون في الشأن القانوني، بضرورة العمل على إنهاء الازدواج التشريعي، بالنصوص المنظمة لأعمال الرقابة على قطاعي الأمن والعدالة، بين الضفة الغربية وقطاع غزة، عبر تشكيل لجنة مشتركة.
وأكد هؤلاء على إجراء تعديلات شاملة لقانون ديوان الرقابة المالية والإدارية لإدراج العديد من الجهات المهمة ضمن رقابة الديوان.
جاء ذلك خلال مؤتمر بعنوان "تعزيز دور هيئات الرقابة في نظام العدالة الفلسطينية"، عقدته النيابة العامة بالتعاون مع وزارتي الخارجية والداخلية، ومعهد بيت الحكمة، أمس، في فندق المتحف غرب غزة.
النائب العام في قطاع غزة المستشار ضياء الدين المدهون، قال: إن المؤتمر يهدف لتعزيز دور الهيئات الرقابية في فلسطين، التي تعمل بشكل منظم وفق تشريعات منظمة.
وذكر رئيس المؤتمر، أن الأوراق البحثية التي يناقشها المؤتمر تشكل تحولاً جوهرياً في مؤسسات العدالة والأمن نحو تعزيز قيم التحديات والعقبات التي تحول دون محاربة الفساد في أوساط المؤسسات
وأكد على ضرورة تعزيز الدور الرقابي على أعمال مؤسسات العدالة والأمن عبر الإدارة العامة للتفتيش القضائي، أو عن طريق الرقابة الشعبية بوضع أطر إدارية لتعزيز دورها في مكافحة الفساد والمحافظة على سلامة الإجراءات القانونية.
وأشار المستشار المدهون إلى أنه عمل على تعزيز سياسة الباب المفتوح منذ توليه منصب النائب العام، من أجل تعزيز الرقابة الشعبية على النيابة العامة وجهات إنفاذ القانون.
وبين أن عدد المظالم التي تلقاها ديوان النائب العام خلال عام 2017، بلغ 1629 مظلمة، وعدد المواطنين الذين استمع لهم شخصياً بلغ أكثر من 465 مواطناً، فيما تم رد 116 مظلمة على الفور بعد الانتهاء من الاستماع لها، كما جرى اتخاذ قرارات لتصحيح الإجراءات وتصويب الأوضاع في باقي المظالم.
ولفت أن نيابة مكافحة الفساد وأعضاءها، عملت على تسديد قضايا الفساد وجرائم الأموال خلال الربع الأخير من العام الماضي والتي بلغت نسبتها 92% من قيمة القضايا البالغة 18 مليون دولار، و6 ملايين شيكل.
وأكد سعي النيابة العامة لترسيخ مبدأ سيادة القانون والحرص على سلامة الاجراءات، والحفاظ على الحقوق والحريات العامة، وفق المقدرات المتاحة لديهم.
في الأثناء، أكد المدهون، أن الانقسام السياسي أثر على الواقع القضائي في غزة، لافتاً إلى أن انطلاق مسار المصالحة في أكتوبر العام الماضي رسم الأمل لدى الشعب الفلسطيني.
وشدد على ضرورة المحافظة على المراكز القانونية المستقرة الناشئة عن تلك القرارات بهدف المحافظة على استقرار المجتمع وأمنه، والبناء على ذلك في ظل توافق وطني يعزز الوحدة وينهي الانقسام.
طريق إنفاذ القانون
بدوره، قال مدير عام قوى الأمن الداخلي بغزة اللواء توفيق أبو نعيم: إن وزارة الداخلية تسعى لتعزيز منظومة العدالة الجنائية بإنفاذ القانون في فلسطين، والحفاظ على الحريات والحقوق بصورة عادلة ونزيهة، ومأسسة علاقة التعاون بين جهات تحقيق العدالة الجنائية، للارتقاء بمستوى الأداء والكفاءة.
وأوضح أبو نعيم، أن تحقيق العدالة الجنائية لدى الداخلية يبدأ من مأموري الضبط القضائي باستقبال الشكاوى والبلاغات وتجري تحقيقات وتحريات لازمة تحت إشراف النيابة العامة والسلطة القضائية.
وبيّن أن وزارة الداخلية تبدأ بعد ذلك بتنفيذ العقوبات سواء السالبة للحريات أو غيرها، وإعداد المراكز والمقرات المؤهلة لذلك، ووضع الخطط والبرامج التي تكفل المحافظة على حقوق الإنسان والحريات العامة.
رفع مستوى التنسيق
من جانبه، ذكر رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر المستشار محمود المدهون، أن المؤتمر يهدف إلى توسيع نطاق التنسيق بين مؤسسات الرقابة على منظومة العدالة الجنائية المختلفة لإصلاحها، وزيادة كفاءة هذه المؤسسات في ظل سيادة القانون ومنع التعذيب واحترام حقوق الإنسان، مؤكداً ضرورة تعزيز دور المنظمات غير الحكومية لتحقيق رقابة فاعلة على مؤسسات العدالة الجنائية.
وأوضح أمين عام معهد بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات، أن البيت شكّل خلال العامين الماضيين لجانًا استشارية وفنية لمتابعة توصيات المؤتمرات التي نظمها، للخروج بحلول عملية لإصلاح منظومة العدالة الجنائية.
إلى ذلك، أثنى وزير العدل المصري الأسبق المستشار أحمد سليمان، على المؤتمر الُمنعقد لما له من أهمية بالغة في تحقيق العدالة ومكافحة الفساد.
واعتبر سليمان في كلمة له عبر "سكايب"، أن العدل سلاح مهم في القضاء والمحاسبة، مشيراً إلى ضرورة وجود رقابة على مؤسسات الدولة.
كما أكد على ضرورة حماية المواطنين من السلطة التشريعية، والعمل على نهضة المؤسسات الجنائية.
التشريعات الرقابية
وافتتح نائب نقيب المحامين المستشار صافي الدحدوح الجلسة الأولى من وقائع المؤتمر تحت عنوان "التشريعات الوطنية والدولية في تمكين وتطوير أداء المؤسسات الرقابية في قطاعي الأمن والعدالة".
مدير الإدارة العامة للشؤون القانونية في المجلس التشريعي أمجد الآغا، أكد على ضرورة العمل على إنهاء الازدواج التشريعي، فيما يتعلق بالنصوص الناظمة لأعمال الرقابة على قطاعي الأمن والعدالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال تشكيل لجنة مشتركة للمراجعة والدمج وتوحيد المرجعية القانونية لهذه المؤسسات الرقابية.
وأشار إلى حاجة إجراءات ديوان الرقابة المالية والإدارية للتطوير والحصول على ضمانات تنفيذها دون اعتراض من الجهات الخاضعة للرقابة.
وأوضح أن القرار بشأن مكافحة الفساد يحتاج إلى تعديل بعض نصوصه، لاستيعاب جهات تتقاضى موارد مالية من الخزينة، مطالباً بإلغاء أو تعديل القرار بقانون رقم (16) لسنة 2016 بشأن الجرائم الإلكترونية الذي يُعد أحد أشكال تقييد التنظيم التشريعي لمؤسسات الرقابة المحلية في قطاعي الأمن والعدالة.
من جهته، تحدث عميد كلية الحقوق في جامعة الخليل معتز قفيشة، عن التزامات فلسطين تجاه المجتمع الدولي، بعد انضمامها إلى مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخاصة الإعلان الدولي عن حقوق الإنسان.
وأكد على ضرورة مراجعة التشريعات الوطنية الفلسطينية، لتحقيق أقصى درجات الانسجام مع الاتفاقيات والتشريعات الدولية.
ودعا إلى ضرورة إنهاء الاعتقال السياسي في غزة والضفة، وإصدار قانون التدرج في القوى من القائمين على تنفيذ القانون.
كما تطرق لقضية تفتيش منازل المواطنين والاعتقالات دون مسوغ قانوني صادر عن النيابة أو القضاء، مطالباً بضرورة إلغاء قانون الجرائم الالكترونية، "إذا كان الهدف منه تكتيم الأفواه والحريات".
من ناحيته، أكد أستاذ المرافعات في الجامعات الفلسطينية المستشار نافذ المدهون، على ضرورة إجراء مراجعة شاملة لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني وتعديلاته، لضمان مبدأ الفصل بين السلطات "بحيث تنسجم مع سمات النظام الديمقراطي والنيابي".
كما حث على ضرورة محاسبة المستوى الرسمي عن الانفاق من الموازنة دون أن يتم إقرارها وفقاً للأصول القانونية لضمان المساءلة والمحاسبة.
وطالب المدهون، بتفعيل عمل هيئة مكافحة الفساد وتعزيز دور نيابة جرائم الأموال ومكافحة الفساد، وتعزيز دور المحاكم، وإصدار قانون خاص بالرقابة الشعبية على عمل الأجهزة الأمنية والعدالة.
كفاءة مؤسسات الرقابة
وفي الجلسة الثانية التي افتتحها، وكيل وزارة الأوقاف بغزة د. حسن الصيفي، تحت عنوان "تعزيز كفاءة مؤسسات الرقابة على قطاعي الأمن والعدالة في فلسطين"، أوصى نائب رئيس الجامعة الإسلامية للشؤون الإدارية بغزة د. ماجد الفرا، بإعادة التفكير في مرجعية وحدات الرقابة الداخلية في قطاعي العدالة والأمن في فلسطين.
وأكد الفرا على ضرورة تطوير الكادر العامل في الرقابة الداخلية فنياً وإدارياً والإلمام الكافي بالأنظمة والقوانين الناظمة لعملية الرقابة، داعياً إلى عقد دورات تدريبية متنوعة في المجال الرقابي.
كما دعا إلى زيادة أعداد الكوادر الرقابية المؤهلة العاملة في قطاعي العدالة والأمن في فلسطين، وتأسيس وحدة رقابية خاصة بالمشاريع التنموية والتطويرية موجودة بديوان الرقابة المالية والإدارية.
فيما اقترح أستاذ القانون الدستوري بالجامعات الفلسطينية د. عبد الحميد العيلة، ضرورة العمل على تعزيز مبدأ النزاهة والشفافية في مؤسسات السلطة التنفيذية وتدعيم أنظمة وأدوات الرقابة الذاتية فيها.
وأشار العيلة إلى أهمية العمل على إبراز وتقوية الدور الرقابي للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في حياة المجتمع الفلسطيني.
بدوره، قال مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية بغزة صلاح عبد العاطي: إن الانقسام أضر بحقوق الإنسان، وأثر على عمل مؤسسات السلطة والمؤسسات الرقابية.
واستعرض عبد العاطي أهم النتائج السلبية والتي تمثلت بالخروج على مبدأ المشروعية، وتغول السلطة التنفيذية وغياب المساءلة والمحاسبة، وتدهور حالة الحقوق والحريات العامة، داعياً إلى ضرورة إعادة النظر في شكل النظام السياسي والدستوري الفلسطيني.
من ناحيته، أكد المستشار القانوني في الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" بلال البرغوثي، على ضرورة إنهاء حالة الانقسام السياسي واستئناف المجلس التشريعي الفلسطيني لعقد جلساته لحين إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية.
وأوصى البرغوثي، بإعداد دراسات تقييمية مفصلة حول التشريعات ذات العلاقة بالجهات الرقابية، التي صدرت ما بعد حالة الانقسام في الضفة وغزة، مؤكداً على ضرورة أن يتخذ المجلس التشريعي بغزة موقفاً واضحاً من عدم تشكيل جسم خاص بمكافحة الفساد، أو التعامل مع هيئة الفساد بالضفة.
تحديات مؤسسات الرقابة
وتحت عنوان "التحديات المؤسساتية للرقابة الحكومية على قطاعي الأمن والعدالة في فلسطين"، أوصى أستاذ القانون الإداري والمالي المساعد في الجامعات الفلسطينية د. هاني غانم، المشروع الفلسطيني بأن يتبنى مبدأ التقاضي على درجتين الذي تتبناه غالبية النظم القانونية في الدولة المقارنة.
وأكد على ضرورة تطبيق قانون الفصل في المنازعات والساري في قطاع غزة فقط بسبب الانقسام السياسي، وإلغاء قرارات الحبس غير المشروع دون رسوم قضائية.
كما نبّه إلى ضرورة تبني الغرامات التهديدية على جهة الإدارة التي تمتنع أو تتأخر في تنفيذ أحكام القضاء الإداري.
إلى ذلك، قال مفتش عام الشرطة الفلسطينية العميد عائد حمادة: إنه يجب تدريب الكادر العامل في الهيئات الرقابية وتطوير خبراتهم بما يتماشى مع المهام الموكلة لهم، وإرفاد الجهات الرقابية بكوادر مؤهلة للقيام بواجباتها على الوجه الأكمل.
وأكد حمادة، على ضرورة أن يكون للمجلس التشريعي دور ملموس في الإشراف والرقابة على حركة الترقيات الاستثنائية، والنظر بشكل جدي إلى سن القوانين المتعلقة بتنظيم عمل الأجهزة الامنية وتوضيح هيكلية إداراتها ومهامها.
من ناحيته، حثّ مدير عام ديوان الرقابة المالية والإدارية في غزة يوسف أبو سلمية، على تعزيز مبدأ سيادة القانون وإعداد إطار قانوني واضح ينظم قطاع الأمن.
وشدد على ضرورة توحيد التشريعات والمؤسسات بين شطري الوطن، وإصدار قوانين خاصة بتنظيم أعمال القوى الشرطية والأمنية الداخلية، وضرورة دراسة هيكلة الأجهزة الأمنية.