قوبلت تصريحات السفير الأمريكي في "تل أبيب"، ديفيد فريدمان، التي زعم فيها أن المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، لن يذهبوا لأي مكان آخر، وأن طرد مئات آلاف المستوطنين سيتسبب بحرب أهلية داخل (إسرائيل)، برفض وغضب فلسطيني.
جاءت تصريحات فريدمان، خلال اجتماع مغلق في القدس المحتلة، مؤخرًا، بين فريدمان ورؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى في أمريكا الشمالية، وفق ما نقلت القناة العبرية العاشرة.
وأضاف فريدمان: "هذا الموضوع يقلق دولة (إسرائيل)؛ وقيادة الجيش تنتقل أكثر فأكثر إلى الصهيونية الدينية، وهؤلاء الأشخاص ملتزمون بهذه الأرض التي منحها لهم المولى"، وفق ادعائه.
ورأى أن "الإخلاء الفعلي سيؤدي إلى حرب أهلية"، حسب زعمه.
ولاقت هذه التصريحات رفضًا من أوساط فلسطينية، مُعتبرين أنها "انحياز كامل للاحتلال الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين"، مؤكدين أنها مثالًا للانحياز الأمريكي، وجهلًا بالدبلوماسية الدولية.
وذكر المختص في شؤون الاستيطان، عثمان أبو صبحة، أن تصريح فريدمان "منحاز ويصب في دعم دولة الاحتلال وعلى رأسهم المستوطنون والمستوطنات" فوق الأراضي الفلسطينية.
وقال أبو صبحة لصحيفة "فلسطين": إن "(إسرائيل) تحاول مدعومة من الولايات المتحدة، بشتى الوسائل الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، ومنحها للمستوطنين دون ثمن، مقابل أن تكون هناك هجرة طوعية للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "أمريكا نزعت اللثام عن وجهها، وهي الآن شريك حقيقي مع (إسرائيل) وتسير في الخندق المتقدم من الحرب على الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن دولة الاحتلال تسعي للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بدعم من الولايات المتحدة، التي تمّده بالمال والمواقف السياسية في مجلس الأمن.
من جهته، قال منسق اللجان الشعبية في حملة مقاومة الجدار والاستيطان بالضفة سهيل السلمان إن تصريحات السفير الأمريكي ليست للمرة الأولى التي يتحدث فيها، ويتخذ الأمريكان مثل هذه المواقف.
وعّد السلمان لـ"فلسطين"، التصريحات "انحيازًا أمريكيًا مُطلقًا لـ(إسرائيل)"، منبّهًا على أن المفاوضات العبثية والرهان على أمريكا، كانت سببًا لما وصل له الفلسطينيون اليوم.
وأشار إلى أن الاستيطان تضاعف منذ اتفاق أوسلو بنسبة 400%، إضافة إلى إنشاء الجدار العنصري، وتعرض مدينة القدس لأكبر عملية تطهير عرقي في التاريخ، وبعض المدن الفلسطينية الأخرى.
وبيّن أن (إسرائيل) ماضية في مشروعها الإحلالي، الذي يهدف إلى طرد الفلسطينيين ووضعهم في تجمعات سكانية منفصلة، تحيط بها المستوطنات من كل الجهات، معتبرًا تصريح فريدمان "إظهارًا لحقيقة المشروع الذي عمل الاحتلال من أجله طوال سنوات طويلة".
"صفقة القرن"
و رأى السلمان في استمرار الاستيطان وتصريح فريدمان "جوهر ما يسمى بصفقة القرن"، القائمة على حساب الحقوق الفلسطينية.
ولفت أن كل المشاريع التي أقامها الاحتلال ودعمتها الولايات المتحدة، تهدف لربط المستوطنات الموجودة في أراضي الـ67 بدولة الاحتلال، والتي أقيمت عمليًا فوق أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وأكد السلمان ضرورة مقاضاة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة، أو الضفة الغربية المحتلة.
تصريحات عنصرية
و أدان المتحدث باسم حركة "فتح" أسامة القواسمي، تصريحات فريدمان حول المستوطنات في الأراضي الفلسطينية.
ووصف القواسمي، في بيان، أمس، التصريحات بـ"العنصرية والوقحة والمخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية"، مؤكدًا أن "فريدمان قد نصّب نفسه متحدثًا رسميًا باسم المتطرفين الصهاينة المستعمرين لأراضي فلسطين".
وقال: "إن الاستعمار والمستعمرين في أراضينا زائلون لا محالة مهما طال الزمن، وأن منهج خلق الأمر الواقع لن يخلق حقًا بالمطلق، وأن أمنًا وسلامًا لا يتحققون بالإملاءات وبقوة السلاح، وفرض نظام أبارتهايد عنصري ضد الشعب الفلسطيني، وإنما يتحقق بتطبيق القانون والشرعية الدوليين دون انتقاص أو انتقاء".
وأضاف: "(إسرائيل) مخطئة تمامًا عندما ظنت أن الأوضاع العربية والدولية، وخاصة الموقف الأمريكي مواتية لتنفيذ خططها التصفوية للقضية الفلسطينية، فشعبنا وقيادته الوطنية لن يقبلوا بتمرير مشاريع مشبوهة، ولن يقبلوا بالمقايضة على حقوقهم الثابتة في أرضهم".
إلى ذلك، اعتبرت وزارة الإعلام، تصريحات السفير الأمريكي، "خروجًا على الأعراف الدبلوماسية".
وقالت الوزارة، في بيان، إن تصريحات فريدمان المذكورة "استخفافًا بالقانون والعلاقات الدولية، ووقاحة سياسية قل نظيرها في التاريخ".
وأكدت أن كثرة التصريحات الداعمة للتطرف والاستعمار التي يطلقها فريدمان تطرح الكثير من التساؤلات "إن كانت تصريحاته تعبر عن نفسه أم عن الخارجية الأمريكية وباتت بحاجة لتوضيح واشنطن حول طبيعتها التوتيرية للأوضاع".