فلسطين أون لاين

​بخلاف قرارات "المركزي"

مردخاي في ضيافة الحمد الله بدلًا من قفص "الجنائية الدولية"

...
عمان / غزة -نبيل سنونو

هي مفارقة؛ مَن يحاصِر قطاع غزة يلتقي رئيس الحكومة رامي الحمد الله لمناقشة "أزمات الغزيين الإنسانية"، وأين؟ في رام الله، حيث اجتمع المجلس المركزي، الشهر الماضي، وقرر "تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل) إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال".

هذا هو لقاء كشفت القناة السابعة الإسرائيلية، أنه جمع منسق عمليات حكومة الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة يؤاف مردخاي، بالحمد الله.

وتنصب المطالبات الوطنية على إحالة مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي، ومنهم مردخاي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، ووقف العلاقات بين السلطة و(إسرائيل) وعلى رأسها التنسيق الأمني، فيما يأتي لقاء الحمد الله بالأخير بخلاف هذه المطالب.

أما في باريس، فقد التقت وزيرة الاقتصاد عبير عودة الشهر الجاري، بنظيرها في حكومة الاحتلال إيلي كوهين، واتفقا –بحسب مواقع عبرية-على "توسيع نطاق التجارة بينهما".

لكن الدورة الـ28 لـ"المركزي" كان من قراراتها اعتبار الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة.

هي سلطة بلا سلطة –والكلام لرئيسها محمود عباس في تصريحات سابقة- وهو مشروع تسوية تخوضه الأخيرة دون أن يحصل فيه تقدم منذ سنة 1993، ورغم ذلك، حتى قرارات "المركزي" "الناعمة" ضد (إسرائيل)، لم تجد بعد حيزًا للتنفيذ في وجه الأخيرة.

ومن الواضح لمدير عام مركز "باحث" للدراسات الاستراتيجية، وليد علي، أن السلطة غير قادرة على وقف العلاقات ومنها –على سبيل المثال- التنسيق الأمني مع الاحتلال، ولا ترغب في ذلك، معتبرا أن هذا التنسيق هو ما تبقى من اتفاق "أوسلو."

ويشير علي، في حديث مع صحيفة "فلسطين" إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سيطر على كل شيء في الضفة الغربية، وهوّد القدس التي هي في خطر شديد.

ويربط علي، بين استمرار السلطة في التنسيق الأمني وحصولها على امتيازات من قبيل بطاقات "VIP" الخاصة بمسؤولي السلطة، قائلًا إن "هؤلاء لهم مصالح شخصية مع هذه البطاقات ولا تُعطى لهم دون التنسيق الأمني".

ويتساءل: "أيضًا، هل المقاولات والاتفاقات من فوق الطاولة وتحتها يمكن أن تحدث دون التنسيق الأمني؟"، عادًّا الامتيازات التي تمنحها (إسرائيل) للسلطة "ثمنًا للتنسيق الأمني والتعاون معها"؛ على حد قوله.

كما يتساءل: "هل هؤلاء (مسؤولو السلطة) مستعدون لدفع ثمن خطوة وقف التنسيق الأمني؟ أشك في ذلك"، مضيفًا أنه يتم ضرب كل قرارات المجلس المركزي بعرض الحائط.

ويتابع بأن توصية "المركزي" بوقف التنسيق الأمني قائمة منذ 2015 وحتى الآن "لم نرَ شيئًا، ولن نرى شيئًا".

وكان المجلس المركزي الفلسطيني قرر في مارس/ آذار الماضي، "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين"، لكن حتى اللحظة لم يدخل هذا القرار حيز التنفيذ.

وحتى قرار السلطة بوقف التنسيق الأمني مع (إسرائيل) لدى نصبها بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى في يوليو/تموز الماضي، نفته على الأرض تصريحات لمسؤولين إسرائيليين.

و"المركزي" هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني لمنظمة التحرير التي لم يدع عباس، حتى اللحظة، إلى عقد الإطار القيادي المؤقت لها لإعادة بنائها وتفعيلها على أسس ديمقراطية وفق اتفاقات المصالحة الوطنية.

"الإجراءات العقابية"

ويوضح علي من جهة ثانية، أن السلطة تفرض "إجراءات عقابية" على قطاع غزة الذي يعاني من أزمات إنسانية، وهي لا تخفي ذلك.

وتخصم السلطة منذ مارس/آذار الماضي ما يتراوح بين 30% و40% من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، في وقت يعاني القطاع الصحي من نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية والوقود والكهرباء.

ويتهم علي، السلطة بممارسة دور "تكاملي" مع (إسرائيل) "للضغط على غزة بهدف وقف المقاومة"، مشددا على أن المقاومة "باتت هي الخطر الحقيقي الوحيد على المشروع الصهيوني".

ويقول: إن "الصهاينة ليل نهار كل ما يفكرون به ويعملون لأجله هو إزالة الخطر الذي تشكله عليهم المقاومة"، مضيفًا أن الأخيرة هي ورقة القوة الوحيدة بيد الفلسطينيين.

ويبين أنه دون المقاومة لن تستطيع السلطة أن تحصل على شيء من الاحتلال.

وفيما يرى أن هناك "تآمرا لمنع تطور المقاومة"، يقول علي: "المقاومة أصبحت متجذرة في شعب فلسطين الذي يتحول إلى مجتمع مقاوم، ويُولَد كل يوم مقاومون، وما نشهده في الضفة (من عمليات فدائية) خير دليل على ذلك".

من جهته، يقول الناشط في اللجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، د. حيدر عيد، إن أي لقاء بين طرف فلسطيني أو عربي، مع طرف إسرائيلي لا يأخذ به الأخير بعين الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني التي كفلتها القرارات الدولية ومنها إنهاء احتلال الضفة وغزة وتطبيق قرار الأمم المتحدة 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنهاء نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" الممارس ضد الفلسطينيين في فلسطين المحتلة سنة 1948، هو لقاء "تطبيعي".

ويضيف عيد لصحيفة "فلسطين": "أعتقد أن اللجنة الوطنية للمقاطعة سيكون موقفها واضحا وصريحا بإدانة أي شكل من أشكال هذه اللقاءات".

ويتابع بأنه وفقا لمواقف اللجنة الوطنية للمقاطعة ستتم إدانة لقاء الحمد الله مع مردخاي في رام الله، وعودة مع كوهين في باريس، مردفا بأنه يتوجب إدانة هذين اللقاءين من الكل الفلسطيني.

هي إذًا، قرارات اتخذها "المركزي" الذي تغنى مسؤولو السلطة ومنظمة التحرير بانعقاده بعد أكثر من شهر على اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس المحتلة عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال، يبدو أنه لم يكن سوى لتوجيه الأنظار عن "إفلاس سياسي" –يقول مراقبون- أمام القرار الأمريكي غير المسبوق.