بعد أن أسدلت السلطات اللبنانية الستار مؤخرًا، عن نسب التعدد السكاني الخاص باللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء داخل أراضيها، طفت إلى السطح وفقا لمختصين محاولات حثيثة من أطراف متعددة لاستغلال هذا التعداد خدمة لمخططاتها في استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وكشف التعداد السكاني للإحصاء اللبناني عن أرقام جديدة تتعلق بعدد اللاجئين الفلسطينيين تقدر بنحو بـ 175.000، وبخلاف الأرقام التي تظهر على الموقع الرسمي لوكالة "أونروا" الذي يتحدث عن 526.700 لاجئ رسمي.
يقول مدير عام الهيئة "302" للدفاع عن حقوق اللاجئين، على هويدي: إن الاحتلال الإسرائيلي الجهة الأولى التي استغلت التعداد السكاني الخاص باللاجئين لاستهداف وكالة "أونروا"، من خلالشيطنتها وبأن هذا هو العدد الفعلي للاجئين وليس العدد الموجود في سجلاتها، وبما يوحي أن الوكالة كانت تكذب على الممولين ولها مصلحة اقتصادية.
وينبه هويدي لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الهدف الأول في استغلال التعداد السكاني يتعلق باستخدام العدد لتكريس أن "أونروا" مشكلة وليس حلًا، ويجب التخلص منها وهو ما ينسجم مع الرؤية "الصهيوأمريكية" التي تدعي أن الوكالة باتت تمثل المشكلة الأكبر في مسار التسوية.
ويشير إلى أن الاحتلال وأدواته العالمية استغل التعداد بقوله إنه طالما أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين قليلة لهذه الدرجة في لبنان، فلن تكون مشكلة بالنسبة للدولة اللبنانية الرسمية عبر توطينهم ونفي صفة اللجوء عنهم.
ويرجح هويدي إمكانية استغلال التعداد السكاني حول أعداد اللاجئين، مستقبلًا على "أونروا" بما يفرض عليها ميزانية محددة، وبما سيؤثر على كمية الخدمات التي تقدمها حاليا وكذلك مساهمات الدول المانحة.
ويذكر أن استغلال الاحتلال وبعض الأطراف الأخرى لم يقتصر ادعاؤها أن "أونروا" تُفبرك اعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بل أنها زعمت أن الأعداد المتعلقة باللاجئين في مناطق العمليات الخمس هي الأخرى غير صحيحة.
ويؤكد هويدي أن الاستحقاق السياسي للاجئين في المستقبل والمتمثل بحق العودة لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات "اونروا" وليس العدد الفعلي على الأرض.
وتشكل الدولة اللبنانية على امتدادها ووفقا لإحصاءات "أونروا" ما نسبته 9% من اللاجئين الفلسطينيين من المجموع العام لهم في دول الشتات، إذ يعيشون في 12 مخيمًا، أكبرها مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا.
بدوره، يقول مدير مؤسسة "شاهد" الفلسطينية في لبنان د. محمود الحنفي: إن التعداد السكاني الخاص بالدولة اللبنانية الأخير أضر وكالة الغوث "أونروا" أكثر ما حقق من منفعة على أرض الواقع.
ويؤكد الحنفي لصحيفة "فلسطين" استغلال هذا التعداد من قبل الجهات المعادية لوجود "اونروا" في الأصل، مشددا على أن دولا ستعمل جاهدة في نفس المنوال للضغط باتجاه دعم "أونروا" وفقا لأعداد اللاجئين التي أعلنته الدول اللبنانية.
ويوضح أن رقم التعداد استغل سياسيًا، وجاء في سياق مظلة ظروف سياسية تعصف جميعها بوكالة "أونروا"، فيما أن آثاره مؤذية في الصميم بكل ما تحمله الكلمة من معنى على الأخيرة واللاجئين أنفسهم في لبنان.
ويشير إلى أن مخططات استهداف "أونروا" قديمة، وأن شطب هذا الوكالة ومحوها عن خارطة تولي مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين هو هدف إسرائيلي حقيقي، وذلك بما تمثله هذا الوكالة من رمزية سياسية.
وينبه الحنفي إلى أن التعداد السكاني الذي أجرته السلطات اللبنانية وبدعم من دول ومنظمات غربية وضمن الجزئية التي تعلقت أعداد اللاجئين الفلسطينيين خدم إمكانية استغلال الأمر بما يوصل لإمكانية تقليص أكبر قدر ممكن من التمويل الحاصل بحسب ما أعُلن من أرقام وليس لمن هم مسجلون لدى "أونروا".
ويذكر أن استغلال الاحصاء اللبناني اصطناع الفبركات تجاه "أونروا" ليس لها سوى هدف واحد هو "شيطنة" الوكالة الدولية كمقدمة لاستهداف قضية اللاجئين وحق العودة، منبها إلى أن دولة الاحتلال تحاول استغلال أي "عثرة" بما يخدم أهدافها المتعلقة في القضاء على قضية اللاجئين ومن يمثلهم.
وتحدثت الباحثة الإسرائيلية في معهد دراسات الأمن القومي يسرائيلا أورون في تصريحات منشورة مؤخرا أن التعداد الاحصائي الأخير في لبنان حول اللاجئين أمر مشجع سيؤدي إلى "تخفيف الضغط للدفع قُدُماً إلى تسوية خاصة باللاجئين في هذه الدولة".