بين "مدينةٍ ترابها ذهب" و"رجل أعمى وآخر مبتور الذراعين زرعا غابة" وبين "دعوة للسفر إلى المريخ دون العودة لسطح الأرض" و"مديرة تركت العمل وعاشت صديقة للفيلة في الأدغال" جاءت بعض أخبار العام الذي أوشك على حزم حقائبه.
ويكمن وراء كل خبر قصة لا تخلو من حكمةٍ ومعلومة أو دعوةٍ إلى ترك أثرٍ في الحياة قبل الرحيل، أما القاسم المشترك بين تلك القصص هو أنها أذيعت في عام 2016 إلا أن صوت الطائرات "النفاثة" وأخبار القتل والخراب غيبها عن المشهد.
وصدق من قال: إن "مصائب قوم عند قوم فوائد", فبين ليلة وضحاها تحول جميع سكان قرية "سيريثالز ديل كونداو" الإسبانية إلى مليونيرات بعد وفاة الملياردير "أنتونينو فيرنانديز" الذي أوصى بمنح جميع سكان قريته البالغ عددهم 80 شخصا، مبلغ 210 ملايين دولار.
ولو كنت عزيزي القارئ أحد ورثة الملياردير الإسباني لربما فكرت بشراء شقة في مدينة متنقلة على ظهر أكبر يخت في العالم، وحينها سيكون عليك دفع ما بين 20 _50 مليون دولار لتملك شقة واحدة فقط، فلا أجمل أن تفتح شباك منزلك وتجد نفسك كل يوم في بلد جديد، أليس كذلك؟.
ولا يقتصر الجمال على تغير إطلالتك، بل تذهب المدينة العائمة إلى أماكن يصعب على أي سفينة أخرى الوصول إليها كـ"أنتارتكا والقطبين الجنوبي والشمالي"، وهناك ستكون أركان حياتك مكتملة, فالمدينة العائمة تحتوي 186 شقة إلى جانب مراكز تجارية، مطاعم، مراكز ترفيهية ومنشآت أخرى.
وإن فكرت بتطبيق القول الشعبي: "اختر جارك قبل دارك" وقبل أن تفكر بتملك شقةٍ هناك، فكن مطمئناً لأن جميع سكان تلك المدنية من أغنياء العالم وأصحاب بالبصمات الخالدة، فربما قد تصبح جاراً لمالك شركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ، أو مالك شركة مايكروسوفت، أو لأغنى امرأة بالعالم جينا رين هاردين.
التراب يساوي ذهبًا
وإن كنت تخشى دوار البحر، فبإمكانك شراء منزل عبارة عن فيلا من ثلاثة طوابق أحدها تحت الماء يطل على مناظر طبيعية من الشعب المرجانية، وبذلك تتحقق رغبتك بمشاهدة مظاهر بحرية متجددة صبيحة كل يوم، ولكن عليك الانتظار حتى نهاية 2018 كي تنتهي مراحل بناء جميع الشقق قبالة ساحل إمارة دبي، ضمن أول مشروع للمنازل العائمة في العالم.
وعلى فكرة، الأمر لا يقتصر على التمتع اليومي بالمشاهد البحرية، فضمن واحدة من الظواهر الطبيعية الغريبة، يمكنك سماع صوت الماء المتدفق في جنوب الأورال بروسيا، لكنك لن ترى سوى نهر ضخم من الصخور الكبيرة على طول 6 كيلومترات.
ومن النهر الحجري إلى نهر كاتشافا قرب مدينة زوتوريا جنوب غربي بولندا، حيث يتقاطر الشغوفون في كل سنة ومع تحسن الطقس إلى النهر للبحث عن القطع الذهبية في قاعه، فهناك التراب قد يساوي ذهباً حقيقة لا مجازاً، بعدما يتسلح الباحث بأكبر قدر ممكن من الصبر.
وبدأت حمى البحث عن الذهب في القرن الثاني عشر، وفي ذلك الوقت كان المنقبون يستخرجون أكثر من 50 كيلوغرام سنوياً، وهكذا أطلق على المدينة اسم «أوروم» الذي يعني الذهب باللاتينية، ثم سميت «غولدبرغ» أو جبل الذهب بالألمانية، حتى أصبح اسمها أخيراً، بعد الحرب العالمية الثانية، زوتوريا أو "التنقيب عن الذهب".
ابتسامة وسط النيران
وفي سياق العالم المائي، تدفقت حمم بركان كيلوا الواقع في الجزيرة الكبيرة في هاواي إلى مياه المحيط الهادئ منتصف عام 2016، وعلى أثر ذلك أظهرت مشاهد مُلتقطة عبر طائرة مروحية فوهة البركان، بصورة فريدة بعد تشكل الحمم البركانية على هيئة ابتسامة وعيون.
ويُعد بركان كيلوا من أكثر براكين العالم نشاطاً، رغم ذلك تمـكن المصوّر "مايلز مورغان" من التقاط مجموعة من أخطر الصور لهذا العملاق الملتهب، بعدما غامر بالوصول إلى مسافة متر واحد من مصدر الحمم الملتهبة الصاعدة من قاعدة البركان، غير آبهٍ بالحروق التي لحقت بقدميه في سبيل الحصول على صورٍ نادرة قدمها للعالم هدية قيّمة لا تنسى.
ومثلما خاطر "مورغان" لالتقاط صورةٍ واحدة، فلقد نجح الطفل "دايلان" ابن الستة أعوام من إنقاذ حياة صديقه "جوناه" بعدما جمع له مليون دولار بنفسه كتكلفة لعلاجه الخطير.
وللوهلة الأولى كانت الأم تعتقد أن طفلها يمازحها، حين أخبرها أنه سوف يعمل على كسب مليون دولار من أجل إنقاذ صديقه الصغير؛ ليتبيّن لاحقاً أنه نجح بفعل ذلك من خلال تأليف كتاب بيعت جميع نسخه في وقت قصير داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
وكذلك جمعت طبيبة بريطانية 350 ألف دولار كتبرعات لصالح الهيئات الخيرية المعنية بمكافحة مرض السرطان وبسبب نشاطها كرمتها ملكة بريطانيا، قبل أن يباغتها ذات المرض ويخطف روحها عن عمر ناهز الـ34 عاماً.
وإن سخرت الطبيبة حياتها لإنقاذ غيرها؛ ولكن فشلت في إبعاد المرض عن نفسها، فهذه الممرضة جولي نيكسون أنقذت حياة مريضة في ليلة زفاف الأولى.
وما كاد العريسان يدخلان إلى غرفتهما في الفندق، حتى سمعا ضجة في الخارج، وأحدهم يصيح "هل يجيد أحدكم التنفس الصناعي؟ هل من طبيب هنا؟"، فقفزت جولي من مكانها للتعامل مع الحالة الطارئة.
الوفاء أولًا
ولا تجعل هداياك لشريكة حياة روتينية، فلا ضير ببعض الجنون أحياناً، كهذا العجوز البريطاني الذي قدم لزوجته في ذكرى تعارفهما هدية غريبة كانت عبارة عن الحافلة ذات الطابقين التي التقيا فيها لأول مرة.
والآن وبعد مرور 60 عاماً على تعارفهما داخل حافلة النقل ثم زواجهما، اشترى الرجل الحافلة ذاتها بقيمة 12 ألف جنيه، وتم تجديدها، ويحبان القيام بجولة ميدانية داخل البلد بها.
وهل يعقل أن ترتدي عروسة فستان زفافها بعد عقود من زواجها؟ نعم ممكن، فهذا محيي الدين أوغور (73 عامًا)، وزوجته ناجية أوغور (66 عاما)، تزوجا من دون موافقة للأهل، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكنهما من إقامة عرس خاص لهما، وبعد خمسين عاما قرر الزوجان إقامة حفل زفاف حضره أولادهما الخمسة مع أحفادهما التسعة.
أما هذه العروس "سيان توماس" فهي في الوفاء مدرسة، كونها ما زالت ملتزمة بإحياء ذكرى وفاة زوجها الذي توفي بعد 24 ساعة من زفافهما.
وللرجال نصيبٌ من الوفاء، فهذا "دخيل مطلق السرحاني" يقطع أسبوعياً مسافة تزيد على 10 كلم على رغم أوجاعه وهشاشة جسمه، لزيارة المقبرة وتقبيل ترابها الذي يضم رفاة زوجته التي قاسمته ٦٠ عاماً هي مدة زواجهما لقيا فيها صنوفاً من المشقة وتقاسما لحظات السعادة معاً قبل أن يسبق إليها الأجل ويقتطفها من حياته.
ويواصل رفيق العمر زياراته لقبر زوجته، وكأن لسان حاله يشير إلى أن الفقد الذي ألمّ به لا تداويه سوى سويعات الجمعة التي يقف فيها على قبر زوجته ويلهج لها بالدعاء ويقضي بعض الوقت قبل أن يقفل راجعاً إلى البيت الذي خلا من شقيقة الروح وقسيمة الليالي الخوالي.
والوفاء لا يقتصر على بني البشر فقط فهو عدوى إيجابية قد تصيب الحيوانات، فهذا فيلٌ صغير يمنع موظفين في حديقة مفتوحة في الهند من الاقتراب من جثة أمه، بعد مقتلها في معركة مع فيل آخر، فيظل الصغير قرب الجنة مانعاً الحيوانات والبشر من الاقتراب منها.
والسؤال المطرح الآن: هل سبق وأن سخرت حياتك لتكافح من أجل قضية؟ كما فعلت الكاتبة والمصورة "شارون بينكوت" عندما تركت إدارة شركة مرموقة عام 2001م ثم بدأت حياة جديدة غير مدفوعة الأجر، مع الفيلة في زمبابوي داخل مناطق الأدغال.
والسبب في ذلك القرار الغريب، أنها استشعرت أن الحياة قصيرة جداً بعد وفاة صديق مقرب عن عمر 38 سنة وعلى إثر ذلك قررت تسخير باقي أيامها لخدمة الفيلة بالقدر المستطاع.
وحقاً.. إن معايشة التجارب القاسية قد تدفع بالإنسان إلى تغيير مجرى حياته، مثلما فعل مهندس هندي بعد أن تخلى عن عمله الأصلي في الهندسة، وانتقل للعمل كسائق سيارة أجرة، بهدف نقل المرضى والمصابين إلى المستشفيات في أسرع وقتٍ ممكن.
وكان فيجاي مرّ بتجربة قاسية في الماضي، عندما تعرضت زوجته للإجهاض ورفضت جميع سيارات الأجرة التوقف لنقلها إلى المستشفى، وكانت هذه التجربة نقطة انطلاق بالنسبة له لمساعدة الآخرين، رغم أن راتبه الشهري انخفض من (975 دولاراً) إلى (150 دولاراً)، لكنه لم يكن سعيداً كما هو اليوم، بعد أن استطاع إنقاذ حياة أكثر من 500 شخص، عبر نقلهم بالمجان إلى المراكز الصحية.
وما زلت على يقين تام أن "التجارب الفاشلة هي مفتاح للنجاح"، وكيف لا أؤمن بتلك الكلمات وهذا المصور الإسكتلندي "آلان مكفايدن" مكث ست سنوات بالتمام والكمال وهو يحاول أن يلتقط صورة واحدة لطائر الرفراف.
فلقد حاول "مكفايدن" لقرابة 720 مرة وقضى نحو 4200 ساعة محاولاً التقاط اللقطة المناسبة لطائر الرفراف، وهو يغوص بشكلٍ مستقيم في المياه دون أن يثير دوائر الماء من حوله.
أما حكاية بنت الخمس سنوات فلا تتوقف عند قيادة والدها المسن إلى العمل يومياً، بل يكمن العجب في أن والدها رجلٌ أعمى يتسلق يومياً أكثر من نحو 60 شجرة ليقطف حبيبات جوز الهند من مزرعة في الفيليبين مقابل تسعة دولارات في اليوم.
النسخة المحدثة من "روميو وجولييت"
وتحت عنوان "ستكون أنت ذراعي، وسأكون عينيك" أنتجت شركة إعلامية فيلماً قصيراً يلخص حكاية الصينيان جيا وينكي وجيا هايشيا اللذان زرعا غابة فيها أكثر من 10 آلاف شجرة، رغم أن وينكي دون ذراعين وهايشيا أعمى، مضحيان في سبيل نجاح مشروعهما بكثيرٍ من الدم والدموع على مدار عقد كامل.
وعلى سيرة الأشجار، نشير إلى أن الأشجار تنام ليلاً وفق نتائج دراسة علمية نفذها فريق دولي من النمسا وفنلندا والمجر، لمعرفة التغيرات التي تطرأ على الأشجار ما بين الصباح والمساء، باستخدام المسح بالليزر.
ويقال: "إن لا شيء في العالم يملك قوة تفوق الحب"، وإن وراء كل قصةٍ عظيمة يكمن هذا الشعور، نجاحاً كانت أو فوزاً أو مقدرة على تجاوز الصعوبات، أو حتى الاستسلام للموت في ذات اللحظة، كما حدث مع العاشقين الأشهر على مر التاريخ، روميو وجولييت.
غير أن بطلي هذه القصة اليوم، ليسا محض خيال في كتاب أدبي، وإنما زوج توفيا في يوم واحد بفارق 20 دقيقة فصلت بين وفاة الزوجة "جانيت" والزوج "هنري" ليسدل الستار في تلك اللحظة على قصة حب استمرت الـ63 عاما.
وتصديقاً لمن قال إن "عمر الإنسان لا يقاس بالسنوات إنما بإنجازاته وقدرته على تحقيق أحلامه" فهذا المسن التركي "شوقي قليج" البالغ من العمر 72 عاما قد سجل في الجامعة بعد انقطاعٍ استمر لسنوات بسبب ظروف مادية قاسية، دفعت للعمل في الجمع الخردوات، بدلاً من الالتحاق بالجامعة، التي أصبح يأتي لها الآن متكئًا على عكازه الخشبي.
هل ستذهب إلى المريخ؟
مللتم من العيش على سطح الأرض ومعايشة أحداث يشيب من فظاعتها الولدان، أليس كذلك؟ إن الإجابة بالإيجاب فربما تتاح لك فرصة هجر الأرض وما عليها إن امتلكت القدرة على اتخاذ القرار وحسن التعامل مع المشاكل وتميزت بالروح المعنوية والتركيبة النفسية.
فوفق تلك المعايير _الأولية_ ستختار شركة "مارس وان" الهولندية 24 شخصا فقط من جميع أنحاء العالم، من أجل اصطحابهم إلى سطح كوكب المريخ، في رحلة ذهاب فقط، ليقيموا هناك إلى الأبد وينشئوا مستعمرة بشرية دائمة.
والفرصة ما زالت متاحة أمامك للتسجيل ولكن إن خرجت _أولاً_ من بوتقة الحصار الإسرائيلي، فإلى الآن تقدم 200 ألف شخص من 140 بلدا في العالم للمشاركة في هذه المهمة، بينما تنوي الشركة إطلاق الفريق الأول من مستعمري المريخ عام 2026، ، ثم تليه الفرق تباعاً بفاصل زمني مدته 26 شهرا بين الرحلة والأخرى.
واطمئن ولا تجزع، سيكون هناك رحلات ذهاب وعودة، وفق ما كشف الرئيس الأميركي باراك أوباما أن حكومة بلاده تعمل مع شركات خاصة بهدف إرسال البشر إلى المريخ بحلول عام 2030.
وعند عودتك إلى الأرض ربما تتاح لك فرصة لرؤية نجوم درب التبانة في الليل، لتخالف بذلك ثلث سكان العالم المحروم من رؤية "درب التبانة" بسبب التلوث الضوئي، ولكن السؤال الأهم الآن، هل ترغب برحلات ذهاب وإياب أم سفر للمريخ دون عودة إلى الأرض؟