أي توقف للخدمات الصحية المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" سيسبب كارثة صحية؛ هذا ما تؤكده رئيس برنامج الصحة في الوكالة غادة الجدبة، تزامنا مع استمرار الأزمات التي يشهدها القطاع الصحي في غزة، ومنها النقص الحاد في الوقود والأدوية والمستهلكات الطبية.
وتقول الجدبة لصحيفة "فلسطين"، إن الخدمات الصحية المقدمة من "أونروا" هي احتياجات صحية أساسية لو لم يتم تلبيتها ستحقق كارثة صحية خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الغزيون، من ارتفاع نسبب الفقر والبطالة والحصار وحتى الوضع البيئي.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت مؤخرا، تجميد غالبية المساهمة المالية التي تقدمها لأونروا، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وتوضح الجدبة، أن الخدمات الصحية التي تقدمها أونروا في إطار الرعاية الأولية تشمل 22 مركزا صحيا ضمن برنامج صحة العائلة الذي يتم من خلاله تقديم الخدمات للأطفال والمسنين والشباب والنساء الحوامل.
ورغم اتهامات حقوقية وشعبية موجهة لأونروا بتقليص خدماتها ومنها ما يتعلق بالمجال الصحي، فإن الجدبة تقول: "حتى الآن لم يتأثر شيء على صعيد الخدمات الصحية المقدمة للاجئين من وكالة الغوث، لا سيما وأننا نحاول قدر الإمكان السيطرة على هذه الأزمة ووضع الخدمات الصحية في القائمة الأساسية المقدمة للاجئين"؛ وفق قولها.
ويقول مراقبون، إن خدمات أونروا شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تقليصا ملحوظا في عيادات الولادة والقلب التي كانت تقدم سابقا وتم تحويلها للمستشفيات، مشيرين إلى أن الهدف من ذلك محاولة إلغاء الوكالة وتحويل خدمتها للسلطة الفلسطينية، حيث وصلت نسبة العجز هذا العام في الدعم المالي المقدم إلى النصف تقريبا.
ويحذر المراقبون من انعكاس تقليصات الوكالة على قطاعات التعليم والصحة والمساعدات الغذائية وإنهاء عقود البطالة خلال شهر مارس/ آذار المقبل.
وفي إحصائية سابقة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة بلغت نحو 41% من مجمل الفلسطينيين هناك. وتشير سجلات أونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها بلغ نحو 5.8 ملايين لاجئ.
وتؤكد الجدبة أنه في حال توقفت الخدمات الصحية المقدمة للاجئين في قطاع غزة فإن ذلك يعني الانهيار في المنظومة الصحية.
أولوية
وتقول: "معنيون باستمرار تقديم الخدمات فهي الآن ذات الأولوية لذلك نحاول الحفاظ عليها، وقد قمنا بإطلاق حملة عالمية ودعونا كل الموظفين للمشاركة في الحملة وكان شعارها الكرامة لا تقدر بثمن، فكل موظف في وكالة الغوث مؤمن برسالته تجاه اللاجئين الفلسطينيين".
وتتابع: "نحاول وصل الليل بالنهار بطرق شتى لمحاولة مواصلة الخدمات الأساسية للاجئ الفلسطيني.. ببساطة إذا تم الاستغناء عن الموظفين فهذا يعني توقف تقديم الخدمة".
وتبدي الجدبة أملها في تحسين الوضع المالي عن طريق الحملة العالمية المذكورة، قائلة:" نتمنى أن نجد من يدعم وكالة الغوث حتى نستمر في تقديم الخدمات الأساسية، الضغوطات التي نواجهها كبيرة وهي ضمن إطار سياسي".
وتردف: "نحن نقدم خدمات إنسانية بعيدا عن السياسة، ونتمنى أن لا نصل لمرحلة أن يكون هناك تأثير على الخدمات الصحية، وأي خطة سنقوم بها ستؤثر بشكل سلبي على الخدمات المقدمة للاجئين فلا يمكن التقنين من الأدوية المقدمة أو توقف علاج الأطفال, الخدمات المقدمة جميعها أساسية ولا مجال للتقشف بها".
وتتزامن أزمة "أونروا" مع ترد متواصل في الحالة الاقتصادية بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، والإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة منذ مارس/آذار الماضي.
وبحسب الجدبة، فإن "أونروا" تسعى إلى تطوير خدماتها بأسلوب "مقنن" مع ما يتوفر من موارد مالية، لكنها تشير إلى عدم وجود خطة خاصة بالتقشف، قائلة: "لا أستطيع على سبيل المثال إغلاق قسم يعتني بالحوامل.. إذا كان العالم يسمح بتعريض حياة هؤلاء اللاجئين للخطر فهذا يعد كارثة".
وأوجد القرار الأمريكي بشأن تمويل أونروا، حالة من القلق في صفوف الموظفين العاملين في الوكالة خشية أن يمس ذلك رواتبهم في ظل التقليص المالي، وكذا الحال مع عشرات آلاف اللاجئين الذين يراودهم القلق على مصير الخدمات الصحية المقدمة لهم من الوكالة.
وتختم الجدبة: "هذه سابقة لم تحدث منذ عام 1949 ولم يكن لها مثيل أبدا منذ تأسست وكالة الغوث لم نتلق تهديدا كهذا، التقليص يعني مساسا بحقوق اللاجئين, ومن المفترض ابعادنا عن التجاذبات السياسية، المس بالخدمات الأساسية لا بد أن يواجه بوقفة جادة من كل الأحرار في العالم".