يحمل قرار الولايات المتحدة الأمريكية تجميد قرابة نصف مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في طياته آثارًا خطيرة، قد تنعكس سلبًا على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في أماكن عمل الوكالة الخمسة، ومنها التعليم.
والتعليم من القطاعات الحيوية التي تساهم في تنشئة آلاف الطلبة من اللاجئين الفلسطينيين، في حين يثير استمرار تقليص المساعدات والخدمات حالة من القلق لدى هؤلاء، وينذر بمخاطر كبيرة لاحقة.
وبحسب إحصائية أوردها الموقع الإلكتروني لـ(أونروا) إن عدد موظفي قطاع التعليم في مناطق عملها الخمسة 21 ألفًا و946 موظفًا، ويبلغ عدد المدارس قرابة 666 وتضم 515,260 طالبًا وطالبة.
رئيس قطاع المعلمين في (أونروا) بقطاع غزة محمود حمدان يؤكد أن تقليص المساعدات المالية سيؤثر تأثيرًا مباشرًا على جودة خدمة التعليم المُقدمة لآلاف الطلبة في مدارس الوكالة.
ويبين حمدان لصحيفة "فلسطين" أن استمرار التقليصات سيضع قطاع التعليم ومستقبل الطلبة في خطر كبير، خلال المرحلة المقبلة.
وتتمثل أبرز الانعكاسات السلبية والمخاطر _حسب قوله_ في زيادة عدد الطلبة بالفصل الواحد، ما يؤثر على مستوى التعليم للطلبة، وزيادة الأعباء الملقاة على عاتق المعلم.
ويتوقع أن تُقدم إدارة وكالة الغوث على عدم تثبيت المعلمين العاملين على البند اليومي، إضافة إلى حرمان الكثير من الخريجين الحصول على فرص "العمل المؤقت" في المدارس.
ولم يستبعد حمدان أن تطال التأثيرات السلبية لتقليص الخدمات المعلمين المُثبتين، "فهم أصبحوا يعيشون في حالة من الحيرة والقلق، والترقب، خوفًا على مستقبلهم الوظيفي"، على وفق قوله.
ويُقدّر عدد المدارس التابعة لـ(أونروا) في محافظات قطاع غزة 275 مدرسة، يعمل فيها قرابة ثمانية آلاف مُعلم.
ويضيف حمدان: "في حال استمرار الأزمة في الوكالة ونقص الخدمات الأمر قد ينعكس سلبًا على عدم قدرتها على بناء مدارس جديدة في العام المُقبل، وهو مؤشر خطير، في ظل ازدياد أعداد اللاجئين".
ويفيد بأن قيمة ميزانية الطوارئ المخصصة لإقامة المشاريع وتطويرها في الوكالة "صفر"، ما يؤشر على أنه لن يجرى أي تطوير على المشاريع والخدمات الخاصة في قطاع التعليم والقطاعات الأخرى.
إجراءات تقشفية
بدورها تقول نائبة رئيس اتحاد موظفي (أونروا) د. آمال البطش: "إن قطاع التعليم يتبع للميزانية العامة في الوكالة"، مشيرةً إلى أن قيمة النقص في الميزانية تصل إلى نحو 200 مليون دولار.
وتبين البطش لصحيفة "فلسطين" أن الأموال المتبقية في الميزانية نتيجة استمرار التقليصات تكفي فقط حتى نهاية حزيران (يونيو) المُقبل.
وتذكر أن إدارة الوكالة تسعى إلى اتخاذ بعض الإجراءات التقشفية، من أجل تمديد تقديم الخدمات المقدمة للاجئين من تعليم وصحة وإغاثة وغيرها، إلى غاية آب (أغسطس) المقبل.
وتلفت إلى أن استمرار النقص في الميزانية ينذر بحدوث إشكالات كبيرة بشأن إمكانية فتح المدارس في بداية العام الجديد، إضافة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات المتعلقة بالخدمات المقدمة للطلبة اللاجئين.
وبحسب إفادة البطش إنه لن يعين مُعلمون جدد خلال العام المُقبل، مع وجود شواغر وظيفية وحاجة المدارس لمعلمين، بسبب العجز الموجود لدى الوكالة.
وتؤكد أن تقليص الخدمات سيؤثر بالدرجة الأولى على أصحاب عقود "المياومة"، متوقعةً عدم تثبيتهم في وظائفهم البالغة 400 وظيفة من مختلف التخصصات، ما ينعكس على الأمان الوظيفي.
وتبين أنه "في حال تغيّب مُعلمون في المدارس مدة لا تتجاوز الأسبوع سيغطي مدير المدرسة ونائبه "الحصص" الخاصة به"، مؤكدةً أن هذا الإجراء سيؤثر على عمل المدير ونائبه من جهة، وينعكس سلبًا على جودة التعليم من جهة أخرى.
تقول البطش: "إن (أونروا) لن تعيّن مُعلمين بدلًا من الذين يتقاعدون عن عملهم، عملًا بقرار تجميد الوظائف"، متوقعة مزيدًا من التقليصات في المرحلة المقبلة.
من جانبه يكشف مدير المكتب التمثيلي للاجئين في رام الله ناصر شرايعة أن إدارة الوكالة فصلت 158 معلمًا من حملة شهادات الدبلوم نهائيًّا، دون النظر إلى سنوات الخبرة الطويلة في عملهم.
ويحذر شرايعة في تصريحات لصحيفة "فلسطين" من استمرار نقص المساعدات المالية، المخصصة لقطاع التعليم، كونه يؤدي إلى تكدس الطلبة في الفصول، وبذلك يتدنى التحصيل العلمي للطلبة والعطاء من المعلمين.
ويقول: "إن إجراءات نقص التمويل وفصل بعض المعلمين بمنزلة تجهيل للطلبة اللاجئين"، لافتًا إلى أن عدد المعلمين في مدارس الضفة يصل إلى نحو 1850 معلمًا ومعلمة.
ويتهم مراقبون (أونروا) بالسعي إلى تغيير المنهاج المعتمد في مدارسها بإجراء بعض التعديلات عليها، وشطب كل ما يتعلق بالقضايا الفلسطينية، مثل القدس واللاجئين وغيرهما.
ويرفض شرايعة هذه المساعي، مبينًا أن الوكالة تريد من ذلك تخريج جيل جاهل بقضاياه الوطنية.
ويطالب الجهات المعنية ومنظمة التحرير بمواجهة هذه المحاولات، واستمرار التعليم على وفق المنهاج الذي أقرّته وزارة التربية والتعليم، متوقعًا أن تطبق (أونروا) ما تسعى إليه "في حال عدم وجود وقفة حقيقية وجادة في وجه الوكالة".
وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن جمدت أخيرًا 65 مليون دولار، من مساعداتها المالية المُقدمة لـ(أونروا).