أكد مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة ماتياس شمالي، أن الوكالة قادرة على تغطية رواتب موظفيها حتى شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران القادمين، في البرامج والخدمات الرئيسة، بعد أن قدمت بعض الدول تاريخ دفع مساعداتها المالية، محذرًا في ذات الوقت من "مشكلة حقيقية" قد تواجه الوكالة الدولية، خلال النصف الثاني من العام الجاري، إن لم تحصل على التمويل الكافي.
وأوضح شمالي في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن العجز المالي في ميزانية الأونروا وصل خلال عام 2018 إلى أكثر من 200 مليون دولار، مشيرًا إلى أن الدول العربية لم تحول التضامن مع أونروا" إلى مساهمات مالية، سوى دولة الكويت التي قدمت مساعدات بقيمة 900 ألف دولار.
وذكر أنه لا يتوفر لدى الأونروا التمويل الكافي لشراء المواد اللازمة لبدء الدورة الثانية لتوزيع المساعدات الغذائية من أبريل/ نيسان حتى يونيو/ حزيران القادمين، كما أوقفت تجديد العقود المؤقتة للبطالة، وأن ألف عقد سارية العمل لن يتم تجديدها حال انتهاء مدتها، وأنها أوقفت كذلك تثبيت المعلمين، وأن الوكالة لن تستطيع الإيفاء بالتزاماتها بعد منتصف العام لأصحاب العقود اليومية إذا لم تحصل على التمويل.
ونوه إلى أنه إذا فشلت كل جهود جلب الدعم ستنظر الأونروا في تقليص وتخفيض وتعديل الخدمات المقدمة، سواء الصحية أو المساعدات الاجتماعية، وكذلك في الاستمرار بالعمل بعدد المدارس الحالي، مؤكدا أن الأمور حتى الآن مجرد مخاوف، ولم يحدث تأكيدات عليها.
وفيما يلي نص الحوار شمالي:
س1: ما التحديات التي تواجه "أونروا" اليوم؟
ج: هناك تحديات عديدة تواجهنا، التحدي الأكبر هو التحدي المالي، بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بقطع معوناتها للأونروا قبل عدة أسابيع أو أسبوعين، بعد أن كنا نتوقع أنها ستقدم 350 مليون دولار، إلا أنها قدمت 60 مليونا فقط.
التداعيات التي تواجهنا ستكون عديدة والأثر الأكبر سينعكس على الخدمات الرئيسية التي نقدمها للاجئين الفلسطينيين كالصحة والتعليم والمعونات الاجتماعية، فلدينا عجز في هذا الجانب بمقدار ثلث الميزانية، لكن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة قامت بتعجيل تقديم مساعداتها، بالتالي نستطيع تقديم عملنا حتى شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز القادمين، وفي ظل العجز بمقدار الثلث من ميزانية الأونروا، فهناك أربعة أشهر لا يوجد لها تغطية.
واذا لم نحصل على ثلث الميزانية الخاصة بالبرامج الرئيسية، فهذا سيكون له تأثير على الخدمات التي نقدمها، وسندرس إن كنا سندير المدارس بنفس عدد المدارس الحالي، وتقديم نفس النوعية من الخدمات الصحية، هذه مجرد مخاوف وحتى الآن لا يوجد شيء مؤكد، لكن اذا لم نحصل على التمويل سيكون هناك آثار سلبية.
التداعي الثاني الكبير سيكون على العمل الإنساني، اذ تقدم الوكالة مساعدات لقرابة مليون لاجئ فلسطيني أي أكثر من نصف السكان في قطاع غزة، العام الماضي تلقينا 90 مليون دولار من أمريكا لتغطية هذا الجانب، أما هذا العام تلقينا "صفر" من هذه المعونات، مما سيؤثر على المعونات الغذائية والصحة النفسية.
لذلك نبذل قصارى جهودنا من خلال حملة عالمية أطلقناها بعنوان "الكرامة لا تقدر بثمن" لجلب دعم لتغطية البرامج الرئيسية: صحة وتعليم وخدمات الدعم الاجتماعية.
مصدر القلق الأكبر الآن، أنه في غضون هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم، يجب أن نعطي أوامر شراء خاصة بالمعونات الغذائية لتغطية الفترة من شهر أبريل/ نيسان حتى يونيو/ حزيران، وتغطية برامج المال مقابل العمل.
س2: لكن ما مدى قدرة أونروا على التعامل مع تلك التحديات؟
ج: لا يوجد لدينا تمويل كاف لعمل أوامر شراء للمواد التي تغطي المساعدات الغذائية من أبريل حتى يونيو، وفي ظل الأجواء الحالية نحاول الاستمرار في تقديم كل ما كنا نعتاد على تقديمه، لكننا لسنا بصدد القيام بتنفيذ برامج جديدة، نعلم أن هناك قلقا على المستوى المجتمعي من المواطنين بأن الأونروا لن تستطيع الاستمرار مثل الماضي في تقديم خدماتها، لكننا نحاول حشد التمويل لضمان الاستمرار، واذا لم نستطع ذلك سيكون الوضع صعبا.
س3: ما مدى مساهمة الدول العربية حاليًا في ميزانية أونروا؟
ج: خلال عامي 2015 و2016م كانت الأونروا تواجه مشاكل مالية، لكن ليس بحجم العجز الحالي، وفي تلك الفترة قدمت الإمارات والسعودية والكويت 50 مليون دولار لدعم ميزانية البرامج الرئيسية، إلا أنها العام الماضي لم تقدم مثل ذلك الدعم، فكان جزء من العجز الذي حملناه معنا للعام الحالي لعدم مساهمة تلك الدول في ميزانية الوكالة.
لو نظرنا من زاوية الميزانية الخاصة بالبرامج الرئيسية كالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، في عامي 2015 و2016م شكلت المساهمات العربية 7-8% من اجمالي الميزانية، لكن اذا نظرنا لكل عملنا كالبرامج اضافة للنداء الطارئ الذي يغطي المعونات الغذائية ومشاريع اعادة إعمار المنازل والمدارس فكانت السعودية ثالث أكبر داعم للأونروا خلال عام 2016م.
س4: هل هناك أفق بأن تقوم السعودية والكويت والإمارات في المساهمة بدعم الأونروا؟
ج: في الأسابيع والأيام القليلة الماضية شهدنا الكثير من التضامن من العرب مع الأونروا، تجلى ذلك من خلال اجتماعات المفوض العام للأونروا مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأسبوع الماضي، التضامن مهم وموجود يجب أن يتم ترجمته لمساهمات مالية حتى نستمر في استكمال عملنا، ونحن متفائلون أن العرب سيساهمون بدعم الأونروا.
س5: بخصوص حملة "الكرامة لا تقدر بثمن"، إلى أين وصلت الحملة في جلب المساعدات، وهل استجاب العالم لنداءاتكم؟
ج: حتى الآن لا يوجد مساهمات نستطيع أن نقول عنها كبيرة، هناك تضامن كبير، الكويت مثلا تعهدت بتقديم 900 ألف دولار لدعم الوكالة، نأمل بالمزيد، فالحملة عمرها أسبوعان ونحن معنيون أن يؤدي الاهتمام إلى جلب تمويل أكبر.
مصدر أملنا ليس فقط دعم دول الأعضاء، بل الحصول على دعم من الأفراد والقطاع الخاص، فهناك 4 ملايين فلسطيني في الخارج نأمل الحصول على دعم من خلال هؤلاء، بالإضافة للقطاع الخاص.
س6: لكن ما هي الخيارات المطروحة لديكم في حال فشلت جهود معالجة الأزمة الحالية؟
ج: في نهاية المطاف يجب أن يكون هناك مال لكي ندفع الرواتب وندير المدارس ونشتري الكتب، ونقوم بتشغيل العيادات، وكذلك شراء الأدوية، واذا فشلت كل الجهود سننظر إلى الأمور التي يمكن تقليصها وتخفيضها.
س7: هل ستطال التقليصات المساعدات والرواتب والخدمات الصحية في حال فشلت الجهود؟
ج: النقطة الأولى أنا قلق أنه لا يوجد التمويل الكافي لشراء المواد اللازمة لبدء الدورة الثانية لتوزيع المساعدات الغذائية من أبريل حتى يونيو القادمين، ولو استمر الوضع وفشلت جهود جلب المساعدات فعلا سيشمل التضرر المساعدات الغذائية.
وبالنسبة للجانب الثاني اذا كان سيتضرر الموظفون، فالخدمات التي تقدمها الأونروا مرتبطة مع وجود الموظفين فخدمات التعليم والصحة والأدوية يقدمها موظفون، باعتبار أن 80% من ميزانيتنا تغطي الخدمات والموظفين.
نأمل الاستمرار في كل هذه الخدمات والمساعدات دون أي تأثير، لأنه بموجب التفويض الذي حصلنا عليه من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإننا معنيون بدعم اللاجئين حتى الوصول لحل عادل لقضيتهم، نحن أمام التزام أخلاقي بدعم اللاجئين، وتوقفنا عن تقديم الخدمات فقط في حال وجود حل عادل للاجئين وليس بغياب التمويل، وهذا بموجب التفويض، ونأمل أن يقوم المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته تجاه اللاجئين ويقدم دعمه لهم من خلال الوكالة.
س8: في ظل الوضع الراهن، إلى متى تستطيع الأونروا الانتظام في تغطية رواتب الموظفين؟
ج: لو جئتني قبل أسبوعين وطرحت هذا السؤال، كنت أجبت أنه لا نعلم إن كنا سنغطي شهر يناير الماضي أم لا، لأنه لم يكن هناك أموال في البنك، لكن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قامت بتعجيل تاريخ تقديم الدفعات المالية التي خصصوها لدعم الأونروا بدلا من تأخيرها، لذلك نحن قادرون على تغطية الرواتب الخاصة بالموظفين حتى شهري مايو ويونيو القادمين، في البرامج والخدمات الرئيسة كالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، بعد ذلك سيكون هناك مشكلة حقيقية إن لم نحصل على التمويل الكافي.
لكن قمنا بإيقاف برنامج البطالة الذي يقدم فرص عمل مؤقتة كل ثلاثة شهور لصالح الأسر الفقيرة، أوقفنا العقود الجديدة إلى حين الحصول على تمويل جديد.
س9: كم عدد الذين طالهم وقف برنامج البطالة؟
ج: حاليا هناك ألف عقد مؤقت مدتها ثلاثة شهور، واذا لم نحصل على التمويل لن نستطيع تجديدها بالتالي ستتوقف، إضافة لأنه لن نستطيع توقيع عقود جديدة.
س10: ما مصير أصحاب العقود اليومية كالمعلمين؟
ج: لدينا عقود يومية مرتبطة بالميزانية الرئيسية، سنفي بالتزاماتنا تجاههم، طالما لدينا مال يكفي حتى يونيو ويوليو القادمين، بعد ذلك لن نستطيع الإيفاء لهؤلاء اذا لم نحصل على التمويل.
ولدينا نظام آخر فكنا نجلب معلمين على نظام العقود اليومية، ثم نقوم بتثبيتهم بالشواغر المتاحة، أوقفنا تثبيت المعلمين إلى أن نحصل على تمويل لتغطية هذه الالتزامات، نعلم أن هؤلاء يشعرون بخيبة الأمل لعدم تحويل عقودهم اليومية لتثبيت.
س 11: كيف يمكن تحييد المواقف السياسية للدول المساهمة بميزانية الأونروا؟
ج: هذا مرتبط بقرار أمريكا التي ربطت المساعدات المقدمة للأونروا بعودة السلطة لطاولة المفاوضات، ومن غير المقبول أن يتم ربط المواقف السياسية بالدعم المقدم للاجئين، لذلك دعونا الدول الأعضاء لعدم خلط المواقف السياسية بالدعم المالي المقدم.
س12: هل هناك مساع من "أونروا" لاستصدار قرار من الأمم المتحدة لتصبح ميزانيتها أممية تشارك فيها جميع الدول؟
ج: الأونروا كمؤسسة لا يمكنها القيام بذلك، لأن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة ممكن أن تقترح ذلك، لكن عموما تم تقديم قرارات مشابهة من عدد من الدول الأعضاء العام الماضي بأن يتم تخصيص جزء كبير من ميزانية الأمم المتحدة الرئيسية للأونروا، عدد من الدول حبذت القرار إلا أن عددًا من الدول رفضته من بينها أمريكا.
س13: هل بات مستقبل وجود الأونروا مهددا في ضوء القرار الأمريكي بوقف المساعدات؟
ج: بنظري ليس في خطر، لأنه تم إنشاء الأونروا بموجب تفويض من الجمعية العامة بالأمم المتحدة، ولن يتم ايقاف عملنا إلا من خلال قرار آخر باعتبار أننا نخدم اللاجئين، وهناك أغلبية كبيرة تدعم عملنا.
س14: متى ستبدأ الأونروا بتقليص الخدمات إن استمرت الأزمة؟
ج: هناك بعدان رئيسان فالخدمات الرئيسية كالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، لدينا قدرة لتغطيتها حتى منتصف العام، لكن اذا استمرت الأزمة سنضطر لتعديل مثل هذه الخدمات إلى حين الحصول على تمويل، بالنسبة للعمل الانساني مثل المساعدات الغذائية والمال مقابل العمل، وبرامج الصحة النفسية بدأنا تقليص بعض منها، بالإضافة لعدم اصدار عقود جديدة للبطالة.
س15: هل تتوقع زيادة العجز المالي خلال العام الحالي؟
ج: بلغت نسبة العجز في الميزانية الرئيسية التي تغطي الخدمات الرئيسية كالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية عام 2015م 50 مليون دولار، وفي عام 2016م 100 مليون دولار، وفي عام 2017م 130 مليونا، أما هذا العام فبلغت نسبة العجز المالي أكثر من 200 مليون دولار.
الأعوام الماضية استطعنا رأب الفجوة، إلا أن هذا العام العجز كبير جدا نتيجة قطع المعونة الأمريكية وتخفيضها بشكل كبير.
علما أن ميزانية الأونروا الرئيسية في كافة مناطق عملياتها الخمس(قطاع غزة، الضفة الغربية، سوريا، لبنان، الأردن)، تبلغ مليار دولار سنويا كانت أمريكا تغطي 350 مليون دولار منها، إلا أن العام الحالي قدمت 60 مليونا فلك أن تتخيل حجم العجز الموجود.
س16: هل خطط تصفية وكالة "أونروا" ستنجح أم أنها غير قابلة للتصفية إلى حين وجود حل عادل للاجئين؟
ج: عملنا هو بموجب تفويض، هذا التفويض الذي حصلنا عليه بموجب أغلبية من الجمعية العمومية لم ولن يتغير، لأنها تصر على رأيها على وجود الأونروا كشاهد على محنة مر بها اللاجئون الفلسطينيون، ولكن الذي تغير حجم المال المقدم، لذلك لدينا مساع لحشد التمويل.
س17: تداولت وسائل الإعلام معلومات عن وجود مساع أمريكية لوقف تسجيل اللاجئين في قاعدة البيانات الخاصة بالأونروا؟ ما مدى صحة ذلك؟
ج: لم يتم اخبارنا بشكل رسمي بذلك، ولم نحصل على أي رسائل أو تصريحات رسمية، وهذا الأمر صدر عن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، هذا مصدر قلق لنا لكن حتى اللحظة لا يوجد شيء ملموس على الأرض.
سنرفض هذا الطلب لو قدم لنا لأننا لا نحصل على التعليمات من الدول الأعضاء، لأن اللجنة الحاكمة لنا هو قرار بحكم الأغلبية في الجمعية العام، ولا يوجد مؤشرات على مثل هذا الامر .. كلها تكهنات في الإعلام لا صحة لها على أرض الواقع.
س18: الشروط الأمريكية لعودة المساعدات للوكالة، هل مقتصرة على عودة السلطة للمفاوضات فقط؟
ج: بالنسبة للشروط الأمريكية لم نبلغ ولم تعطنا أمريكا أي شروط بشكل مكتوب، سمعنا بها بوسائل الإعلام أنها مرتبطة بعودة السلطة لطاولة المفاوضات، أو القيام بإصلاحات في ميزانية الأونروا، أو تغيير المنهاج التعليمي، رغم أنها مثل مناهج السلطة.
س19: لكن إن تم توجيه هذه الشروط لكم؟ ما ردكم؟
ج: بالنسبة لهذه الشروط، نحن تابعون لجمعية عامة بموجب تفويض وليس لدولة، فيما يتعلق بوقف تسجيل اللاجئين سنرفضه، بعض النقاط الخاصة بالمنهاج نحن نعمل بأن يكون المنهاج متناسقا مع القيم الخاصة في الأمم المتحدة، ولدينا كفاءة في ادارة التمويل، الذي نديره بنفس النظام كل عام.
س20: هناك اتهامات للأونروا من عدة جهات بتقليص مساعداتها وخدماتها للاجئين، ما ردكم عليها؟
ج: الكلام غير صحيح، الشيء الذي توقفنا عنه هو اصدار عقود جديدة خاصة بالبطالة، مدارسنا وعياداتنا والموظفون على رأس عملهم، ونأمل الحصول على التمويل الكافي.