لم تسلم المؤسسات المقدسية الفاعلة من الهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القدس المحتلة عقب اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمدينة عاصمة لـ(إسرائيل)، في خطوة يراها مراقبون تهدف لإسكات صوت تلك المؤسسات التي هي على تواصل دائم مع المؤسسات العربية والدولية لنقل حقيقة ما يجري في المدينة من انتهاكات للعالم.
أصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان قرارًا بإغلاق وتمديد إغلاق عدد من المؤسسات الفلسطينية في مدينة القدس من بينها "بيت الشرق".
وأفادت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أن القرار يشمل: الغرفة التجارية، المجلس الأعلى للسياحة، المركز الفلسطيني للدراسات، نادي الأسير الفلسطيني، ومكتب الدراسات الاجتماعية والإحصائية.
وذكرت أن قرار "أردان" اتخذ بموجب قانون إسرائيلي صادر عام 1994 يحظر على السلطة الفلسطينية فتح مكاتب تمثيل لها أو ممارسة نشاطات "داخل مناطق إسرائيلية"، ويعطي القانون للوزير الإسرائيلي صلاحية إصدار قرارات تمنع هذه الأنشطة.
ونقلت الصحيفة عن "أرادن" قوله: إن "النضال من أجل فرض السيادة الإسرائيلية على جميع أنحاء القدس مستمر في كل وقت، ولن أسمح بأي محاولة للسلطة الفلسطينية لوضع موطئ قدم في مناطق تابعة لـ(إسرائيل)، وسنوقف أي خطوة من هذا القبيل على الفور"، وفق تعبيره.
غطرسة إسرائيلية
ويؤكد مدير عام الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس فادي الهدمي، أن قرار الوزير الإسرائيلي بإغلاق تلك المؤسسات سياسة قديمة جديدة لإضعاف التواجد الفلسطيني في شرقي القدس المحتلة.
وقال الهدمي لصحيفة "فلسطين": "إن القرار يأتي ضمن سياسة الإمعان والغطرسة الإسرائيلية التي يمارسها الاحتلال عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال".
وبين أن الهدف من هذه السياسية ضرب كل ما هو فلسطيني ومقدسي وإضعاف تواجد المؤسسات الفلسطينية بالقدس، بألّا تكون هناك لتمثل الفلسطينيين، ضمن سياسة التهويد والأسرلة".
وعزا استهداف الاحتلال للغرفة التجارية ضمن تلك المؤسسات التي يشملها قرار الإغلاق إلى أن الاحتلال لا يريد مؤسسات فلسطينية فاعلة، باعتبار أن الغرفة التجارية عنوان اقتصادي فلسطيني مقدسي شرعي منذ عام 1936م، أي قبل احتلال فلسطين، وأنها أحد أعمدة الاقتصاد المقدسي وقطاعه الخاص.
ولفت الهدمي إلى أن تجديد إغلاق الغرفة التجارية، ينعكس سلبا على الاقتصاد المقدسي، الذي يعاني من ارتفاع نسبة الفقر التي وصلت إلى 80% بين المقدسيين، مضيفًا أن الاقتصاد يئن تحت الحصار والعزلة.
وأضاف الهدمي أن تلك المؤسسات تمثل إحدى ركائز الوجود الفلسطيني التاريخي في القدس، في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والتجارة، مبينا أن المؤسسات المقدسية تعيش اليوم واقع حصار وغطرسة وإمعان إسرائيلي يحارب البشر والحجر.
ورأى الهدمي أن الاحتلال بهذه السياسة ينهي أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وأنه يهدف إلى جعل المناطق العربية في القدس المحتلة عبارة عن أقليات ضمن مخطط "القدس الكبرى"، لافتًا في هذا السياق إلى أن الاحتلال ومنذ عام 2001 أغلق 13 مؤسسة، ويجدد القرار كل ستة أشهر.
إسكات الصوت
من جهته، قال الباحث في شؤون القدس د. جمال عمرو: "إن تلك المؤسسات هي آخر بوابة في القدس المحتلة تنقل هموم المقدسيين للعالم، وأنه عندما يوجه الاحتلال ضربته إليها، فإنه يريد تركيع المدينة بعد قرار ترامب، وفرض السيطرة العسكرية المطلقة عليها دون رفض أو احتجاجات من أي جهة أو مؤسسة".
وأضاف عمرو لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال يسعى من خلال هذه السياسة لإيجاد بيئة مستسلمة هادئة في وضع مأساوي لا تسطيع المقاومة ولا حتى الشكوى والتبليغ عن جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، خاصة أن تلك المؤسسات المقدسية لها رصيد كبير من المصداقية لدى المؤسسات الدولية الحقوقية".