الثائر العائد من الإبعاد في مرج الزهور، الأسير المحرر من سجون الاحتلال، الناجي من محاولات اغتيال إسرائيلية، النائب في المجلس التشريعي، رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، رئيس المكتب السياسي لأكبر حركة وطنية فلسطينية، تضعه الإدارة الأمريكية راعية الشر والإرهاب في العالم على قائمة الإرهاب!!.
لا يمكن بحال فصل وضع "إسماعيل هنية" على قائمة الإرهاب الأمريكية عما يجري على الساحة الفلسطينية والإقليمية من محاولة فرض حل أمريكي إسرائيلي تصفوي للقضية الفلسطينية وتواطؤ بعض دول الإقليم، لذلك يريدون من الفلسطينيين وتحديدًا حماس رائدة المقاومة الصمت والخنوع وهذا ما لن يحدث.
إدارة ترامب بعقيدتهم الإنجليكانية تقدمت خطوات عن الاحتلال الإسرائيلي في معاداة شعبنا، وبحسب عقيدتهم المسيحية الصهيونية يريدون أن يعجّلوا بعودة المسيح المخلص من خلال إكمال بناء "إسرائيل" دولة لليهودية على أرض فلسطين وضمان أمنها وتفوقها عسكريا، يظنون أنهم أنهوا قضية القدس، ويعملون على شطب قضية اللاجئين، والدور الآن لإسكات كل صوت حر، لا يريدون لهنية أو غيره بث روح الصمود والأمل، ورفض التنازل عن الأقصى وحق العودة، يريدون ذبح شعبنا وممنوع أن يصرخ!!.
القرار الأمريكي سياسي بامتياز ضد هنية وحركته التي تتصدر المشهد وتعمل بما تستطيع لإجهاض "صفقة القرن" وإلغاء الحقوق الوطنية الفلسطينية، فحماس مصنفة في نظمهم إرهابية منذ 1996 وهو ما ينطبق على كل عضو فيها، بيد أن التوقيت مهم للضغط على حماس وقادتها للصمت –على الأقل- عما يجري من مخطط سياسي خطير، ولإرهاب كل من يدعم أو يتعاون مع حماس، ولا أعتقد أن الحرب الاقتصادية والمالية الشرسة الجارية ضد مليوني فلسطيني في غزة بعيدة عما يجري، كلها تسير ضمن منظومة واحدة لضرب الحالة الكفاحية وعوامل الصمود الفلسطيني والربط بين المقاومة والإرهاب وتمرير الصفقة.
التصنيف الأمريكي لهنية الذي سبقه قادة من حماس وغيرها، ليس المستهدف منه الشخص بذاته فقط وإنما ما يمثله من برنامج صمود ومقاومة ومشروع تحرر وطني ونهضة، يستهدفون فيه كل شعبنا الذي يرفض الحل الإقليمي والسلام الاقتصادي والدولة المؤقتة والوطن البديل وغيرها.
هنية الذي يحظى بمحبة جماهيرية عارمة، وقبول وطني وعربي وإسلامي كبير يريدون تقييد تحركاته وحريته نظرا لتأثيره الشعبي والعربي والإسلامي، وأن تنشغل حماس بنفسها عما يخطط للقضية الوطنية، ولا أعتقد أن هنية ترهبه هذه القرارات وسيواصل دربه حتى لو كلفه التضحية بكل ما يملك دفاعا عن شعبه وقضيته، لكن وجب علينا تنبيه فصائل المقاومة وقادتها أن القرار سيشجع الاحتلال على استباحة الدم الفلسطيني ويوفر له غطاء رسميا لاغتيال قادة المقاومة، ما يتطلب منهم الحذر واليقظة من محتل غادر.
الإدارة الأمريكية تتجاهل عن قصد الكيان الإسرائيلي الإرهابي الذي بني على جماجم وأجساد شعبنا الفلسطيني بجرائمه الإرهابية في دير ياسين وكفر قاسم والحرم الإبراهيمي والأقصى وغزة ونابلس وقتل الأطفال وهدم البيوت واعتقال الآلاف وسرقة الأرض وتدنيس المقدسات، ولو كان لدى الأمريكيين أي نوع من العدالة لوضعوا منذ سنوات الاحتلال وقادته على قائمة الإرهاب العالمي.
الأحداث تتسارع والقرار تطور خطير يتطلب موقفا فلسطينيا رسميا رافضا ومدينا لما جرى مع رأس المقاومة وتحرك جماعي لإفشاله، والمضي قدما بالمصالحة ووقف التنسيق الأمني والتحلل من أوسلو ومقاطعة الاحتلال والإدارة الأمريكية، وتتطلب موقفا عربيا وإسلاميا ودوليا رافضا له ومنحازا للحقوق والعدالة والمساواة ونصرة للمستضعفين ومتابعته سياسيا وقانونيا.
إن المسؤول الذي يحظى بشهادات سلام ومديح من الاحتلال وأمريكا وجب على شعبنا أن يشك في وطنيته وإخلاصه، ورحم الله ابن غزة الفلسطيني الإمام الشافعي عندما سئل: "كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟"، فأجاب: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم".