يوافق اليوم، الأول من فبراير/ شباط موعد إيفاء حكومة التوافق بالموعد المقرر للانتهاء من عمليات دمج موظفي غزة استناداً إلى عمل اللجنة القانونية والإدارية التي شكلت كأحد مخرجات اتفاق المصالحة بين حركتي "حماس" و"فتح"، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.
فبعد مضي نحو أربعة شهور على الاتفاق الموقع بين الجانبين في 12 أكتوبر/ تشرين أول 2017، لم تلتزم الحكومة بأي من المواعيد المقرة.
وتسلمت الحكومة كافة المعابر في الأول من نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، وفي الأول من ديسمبر/ كانون أول الماضي تسلمت الوزارات والهيئات الحكومية ضمن إجراءات ما وصفته دائماً بـ"التمكين"، دون أن تُمكن مليوني إنسان في القطاع من حياتهم وتذلل سبل العيش ليهم، بإنهاء العقوبات التي كانت قد بدأت لتركيع غزة في إبريل/ نيسان الماضي، بل أمعنت في فرض مزيد من سياسات التضييق بفرض ضرائب جديدة وإحالة آلاف الموظفين للتقاعد المبكر، والمقامرة بحياة المرضى حتى بات القطاع يعيش كارثة اقتصادية وانسانية، لم يسبق لها مثيل، بحسب مراقبين.
المراوحة في المكان
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، أكد أنه من المفترض وحسب اتفاق المصالحة الموقع، ولقاء الفصائل في القاهرة في 21-22 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، أن تكون الحكومة قد انتهت من قضايا الاستلام والتسليم، بما فيها قضايا الموظفين وعمل اللجنة الإدارية القانونية.
وقال أبو ظريفة لصحيفة "فلسطين": "الانتهاء من الخطوة السابقة والتي لم تتم، كان سيفتح الطريق للانتقال للحوار الوطني الشامل الذي كان متفقا في فبراير/ شباط الجاري من أجل البحث في الآليات التطبيقية للاتفاق على ملف اصلاح منظمة التحرير والانتخابات وحكومة الوحدة، وغيرها من القضايا بما فيها قضايا الأمن".
واستدرك: "لكن على ما يبدو أن الأمور لا تسير بهذه الاتجاهات، فلا زال التناقض قائما في مفهوم الاستلام والجباية الداخلية مما يجعل المصالحة لا تتقدم وتراوح في المكان".
وتابع أبو ظريفة: "لا زال عدم رفع السلطة لعقوباتها عن غزة يلقي بظلال سلبية على كافة ملفات المصالحة، لأن مفهوم الاستلام والتسلم لدى الحكومة واسع التعبير والمطالب بعكس ما اتفقنا عليه في نوفمبر بحضور الكل الوطني بشأن ملفات المصالحة"، مستبعدا التقدم بملفات المصالحة دون ضغط شعبي ووطني".
وبشأن استلام الحكومة للوزارات بغزة، أشار إلى أن عملية الاستلام والتسلم تجاوزت نقطة الاستعصاء، لافتا إلى أن اللجنة الوطنية العليا جاهزة لتذليل العقبات، أما "الاتكاء تحت شعار فضفاض أن هناك عقبات تواجه الحكومة، فهذا يؤشر إلى أن الإرادة السياسية لدى السلطة لا زالت غير قائمة في دفع المصالحة قدما نحو الأمام".
وفرض رئيس السلطة محمود عباس في أبريل/ نيسان الماضي إجراءات بحق قطاع غزة، قال إنها رد على تشكيل "حماس" لجنة لإدارة شؤون القطاع (حلتها في مارس في إطار اتفاق المصالحة)، ومنها تخفيض رواتب موظفي السلطة بنسبة 30 %، وإحالة بعضهم إلى التقاعد المبكر، وتخفيض إمدادات الكهرباء للقطاع.
ونص اتفاق المصالحة على تنفيذ إجراءات تمكين الحكومة من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة، في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بحد أقصاه الأول من كانون أول/ ديسمبر الجاري، مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام، وهو ما تم فعلياً.
ما لم تلتزم به الحكومة
وعن الأمور التي لم تلتزم بها الحكومة حسب الاتفاق، أوضح أبو ظريفة أن الحكومة لم تدفع رواتب الموظفين بغزة عن شهري نوفمبر وديسمبر، ولم تحل مشكلة الكهرباء، والتحويلات الطبية الخارجية، ولم تدعم الموازنات اللازمة لتشغيل المستشفيات، ولم تتوقف عن خصم رواتب موظفي السلطة بغزة، بالتالي المواطن لم يلمس شيئا قد تغير، مبينا أن كل هذه الإجراءات أوصلت القطاع لحدود الكارثة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.
وأكد أن المطلوب من الحكومة رفع كل العقوبات ووضع خطة طوارئ لمعالجة القضايا الحياتية وتشغيل الخريجين، وحل أزمة الكهرباء وغيرها من القضايا التي تهم المواطن ولهذا مطلوب من الكل الوطني إعلاء الصوت عاليا، والضغط لإجبار الحكومة على تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه، ولمجابهة كل التحديات التي تحاول أمريكا فرضها سواء ما يتعلق بالقدس أو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".
الخروج من المأزق
وبشأن الخروج من المأزق الحالي في حال استمرت الحكومة بتنصلها لاتفاق المصالحة، شدد عضو المكتب السياسي للديمقراطية، على أن الحل يتمثل بتشكيل حكومة وحدة وطنية وفقا لاتفاق اجتماع اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني في يناير/ كانون ثاني عام 2017 بما يمكن الحكومة من واجباتها الوطنية.
وكان القيادي في حركة حماس د. سامي أبو زهري، أكد في حوار مع صحيفة "فلسطين" أول من أمس أن المعابر باتت بالكامل تحت سيطرة الحكومة، وعلى رئيسها رامي الحمدالله، الإجابة أين تذهب هذه الجمارك؟!!"، متسائلاً "ما علاقة حماس بالعائدات بعد خروج موظفي اللجنة الإدارية بالكامل منها؟!".
وقال أبو ظريفة: "حماس التزمت بالكامل بما هو مطلوب منها باتفاق المصالحة، وبإمكان الحكومة التي تسلمت الجباية الخارجية استلام ما تبقى من جباية داخلية، لكن عليها أن تلتزم بما هو مطلوب منها تجاه الموظفين والتعليم والصحة والكهرباء، "لافتا إلى أن الحكومة لا زالت تتعامل مع غزة كأنها شعب آخر تمن عليه بالصدقات والتبرعات، ولا تتعامل مع القطاع على أن له استحقاقات من ميزانية السلطة يجب أن لا تقل عن 40% من قيمتها.
فشل وتعطيل
رئيس نقابة الموظفين في القطاع العام يعقوب الغندور، أعرب من ناحيته، عن أسفه لانقضاء السقف الزمني دون تطبيق الاتفاق السياسي بين حركتي فتح وحماس.
وأضاف الغندور لصحيفة "فلسطين": "حتى اللحظة لم تحل مشكلة الموظفين، وما زالت تتنكر الحكومة للموظفين، ولا يزال الملف يراوح مكانه"، مشيراً إلى توصيات اللجنة الإدارية باستيعاب كافة الموظفين المدنيين بغزة، والاعتراف بكل حقوقهم.
واعتبر ربط الحكومة استيعاب الموظفين بملفات أخرى كالأمن والشرطة والجباية والقضاء، غير مطمئن، مشددا على أن على الحكومة إصدار موقف واضح من ملف الموظفين بإعلان استيعاب الموظفين المدنيين وصرف رواتبهم كاملة.
ولفت إلى أن نقابة الموظفين ستستمر في حراكها التصعيدي لانتزاع كافة حقوقها، مشيرا إلى مرور أربعة شهور مضت على اتفاق المصالحة، ولا أفق في حل ملف الموظفين من قبل الحكومة.
وأكد أن نجاح المصالحة مرتبط بحل الملف، وأنه في حال استمر تنكر الحكومة فإن ذلك ينذر بخطورة على فشل وتعطيل كل مجريات المصالحة، محذرا من تكرار سيناريو 2014م، حينما تنكرت الحكومة للحقوق الوظيفية ولا زالت تتنكر، خاصة أنه "لا يوجد صدى لتنفيذ قرار استيعاب الموظفين، بعد أن مر اجتماعان للحكومة بعد توصية اللجنة ولم تتناول موضوع التوصية".