في آب/ أغسطس، أكد الجنرال السابق (مايكل فلين) مستشار (ترامب) للأمن القومي أن الإسلام ليس ديانة بل “عقيدة سياسية؟!”، وقال: “لقد أعلنوا الحرب علينا، وحكومتنا لا تسمح لنا بالتكلم عن هذا العدو”، وقال عن خطر النزعة الإسلامية: إنه سرطان خبيث في جسد 1,7 مليار من سكان هذه الأرض ويجب استئصاله؟!”.
ينبغي للأمة العربية والإسلامية أن تستحضر هذا الخطاب العدائي، الذي يثير موجة جديدة من صراع الحضارات، بل وصراع الأديان، وأن تتحرك نحو البيت الأبيض لمقاربة المسألة في الأيام الأولى من رئاسة ترامب، قبل أن تستفحل النزعة الأصولية في خلايا البيت الأبيض من خلال حاشية ترامب من المحافظين الجدد.
وهذه الدعوة لا تعني أن ترامب يقف على هامش المعركة أو على حافتها، بل هو في مركزها وغارق في بث الكراهية ضد الأمة الإسلامية، كان ذلك في أثناء حملته الانتخابية، ولم ينتظر بحسب الوكالة الفرنسية للأنباء اتضاح ملابسات الاعتداء الذي وقع في برلين ضد المتسوقين، حيث مارس الكراهية فقال: إنه مؤشر على صراع ديانات على الصعيد العالمي؟! وأن تنظيم “الدولة الاسلامية وغيره من الإرهابيين الاسلاميين يهاجمون باستمرار المسيحيين داخل مجتمعاتهم وأماكن صلاتهم في سياق جهادهم العالمي؟!”.
جلّ القيادات الإسلامية في العالم إضافة إلى الدول الإسلامية، عادة ما يستنكرون هذه الأعمال الفردية التي عادة ما تتولد عن ضغوط بسبب العدوان الغربي والروسي ضد حلب والبلاد الإسلامية، وجل المسلمين في العالم لا يرون أن تنظيم الدولة يمثل الروح الإسلامية كما تعلمناها من الكتاب والسنة، وكل الجالية الإسلامية في ألمانيا وأوروبا ترفض داعش وترفض هذه الأعمال العدوانية، ومع ذلك يحاول ترامب ومستشاروه المقربون إلصاق التهمة بالإسلام والمسلمين، والإسلام بريء من هذه التهم.
يبدو أن ترامب سيكون القنبلة التي ستفجّر بوعي أو دون وعي ما يعرف (بصراع الحضارات، وصراع الأديان)، لأنه يرفض أن ينظر في مسائل الاختلاف من زاوية سياسية كما اعتاد أن ينظر إليها من كانوا قبله في البيت الأبيض، وهو بأقواله السابقة يخالف أيضا نمط ردود فعل معظم القادة الغربيين على التطرف العنيف، حيث بقي ملتزما بالخط الذي اتبعه في حملته الانتخابية، والذي يحمل الكراهية للإسلام والمسلمين، قبل حدث برلين الأخير.
إن الخطر الذي يمثله ترامب على العلاقات القائمة وعلى المفاهيم السائدة، يتطلب تحالفًا عربيًا إسلاميًا قويًا وحيويًا في مواجهة هذه النزعة المتجددة من صراع الحضارات والأديان التي يبثها ترامب والمحافظون الجدد، وبدون أن يتداعى العرب والمسلمون لمثل هذا التحالف على الأقل في (نطاق المفاهيم) فإن الصهيونية العالمية ستستغل الأوضاع الجديدة في البيت الأبيض لصالحها، وستظفر بنقل سفارة واشنطن إلى القدس في الأشهر الأولى من حكم ترامب، لا سيما بعد التمهيدات الصهيونية التي تقول: إن الشارع العربي نائم، ولن يثور من أجل هذه الخطوة البسيطة؟! وستزداد فكرة صراع الحضارات اشتعالًا وستمدها الصهيونية بالوقود اللازم.