أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وعضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية، د. سامي أبو زهري، أن حركته ستدرس مع كل الجهات المعنية والفصائل الفلسطينية الخيارات المطلوبة في حال استمرار تهرب حركة فتح من تنفيذ اتفاق المصالحة، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن البيانات التي تروجها الحكومة فيما يتعلق بقطاع غزة وهمية لا أساس لها من الصحة وتهدف للتغطية على فشلها.
وحذر أبو زهري من مخطط خطير يجري تمريره وإعداده لتصفية القضية الفلسطينية، يتضمن انهاك غزة التي تحتضن المقاومة الفلسطينية، داعيا حركة فتح إلى إعادة تقييم موقفها والعمل على الالتزام بما تم الاتفاق عليه، والتوقف عن الحسابات الخاطئة، مؤكدا في ذات الوقت أن هذه الحسابات "لا يمكن أن تدفع حماس للخلف، أو تنجح الرهانات على اضعاف حماس وإبعادها عن المشهد السياسي".
وشدد أبو زهري في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أمس، على أن الوسيلة الحقيقية والمثلى لدفع عجلة المصالحة للأمام هو رحيل الحكومة وتنحيتها والمجيء بحكومة وحدة يتوافق عليها الجميع، مشددا في السياق نفسه على أن الدور المصري مهم وأساس لإعادة الدافعية لتنفيذ اتفاق المصالحة، خاصة وأن الطرف المعطل بات واضحا.
بيانات وهمية
وقال: "إن البيانات التي تروجها الحكومة باستمرار والمتعلقة بقطاع غزة، بيانات وهمية لا أساس لها من الصحة، وهذه البيانات تهدف للتغطية على حالة التقصير التي تمارسها هذه الحكومة تجاه غزة، والتغطية على استمرار العقوبات التي تستمر في فرضها على القطاع".
وأضاف: "نعتبر أن هذه الأكاذيب المستمرة لن تفلح في تغييب الحقيقة أو خداع شعبنا وخداع كل المراقبين الذين تابعوا كل الحقائق وهم يدركون كذب هذه الادعاءات من قبل الحكومة".
ونبه أبو زهري إلى أن هناك فشلا ذريعا لرئيس الحكومة رامي الحمد الله، وأن الشعب الفلسطيني بات يدفع ثمن هذا الفشل الحكومي، مردفاً: "إن أبسط مثال على كذب بيان الحكومة (الصادر أمس ويتهم حماس بتعطيل المصالحة ورفض تحويل إيرادات الضرائب للخزينة العامة) أن المعابر باتت بالكامل تحت سيطرة الحمد الله وموظفيه الموجودين على المعابر، وعليه الإجابة أين تذهب هذه الجمارك؟ وما علاقة حماس بها بعد خروج موظفي اللجنة الإدارية بالكامل منها".
إلا أنه ذكر أن هناك بعض الأرقام البسيطة بموضوع الجباية الداخلية التي تجمع داخليا من بعض المراكز التجارية، وقال: إن "هذه الأرقام المالية، ترفض الحكومة استلامها وقالوا (عمليا غزة معفاة من الضرائب وأنتم تخالفون القانون باستلامها)، والآن تتحدث الحكومة العكس".
وجدد أبو زهري تأكيده على أن حماس التزمت بالكامل بما هو مطلوب منها باتفاق المصالحة، وبإمكان الحكومة استلام ما تبقى من جباية داخلية، ولكن عليها أن تلتزم بما هو مطلوب منها تجاه الموظفين والتعليم والصحة والكهرباء، لافتا إلى أن الحكومة لا زالت تتعامل مع غزة كأنه شعب آخر تمن عليه بالصدقات والتبرعات، ولا تتعامل مع غزة أنها لها استحقاقات من ميزانية السلطة يجب أن لا تقل عن 40% من هذه الميزانية".
تهرب فتح وحالة الانهيار
وفيما يتعلق بتهرب فتح من استحقاقات المصالحة في ظل الوضع الكارثي لغزة، أكد أن حماس تتابع الأوضاع بعناية كبيرة رغم أنها خرجت من الانقسام بما قدمته بالتزامها الكامل بما طلب منها في اتفاق القاهرة الأخير، "لكن الحركة لا يمكن أن تتخلى عن شعبها الذي هي جزء أساسي من الشعب، ولا يسعها أن تستمر بالصمت على هذه الأوضاع، وفي جميع الأحوال استمرار هذه الأوضاع الكارثية لم يعد أمرا ممكنا، وأن الحركة ستدرس مع كل الجهات المعنية والفصائل الخيارات المطلوبة في حال استمرار تهرب فتح من تنفيذ المصالحة".
وحول وصول القطاع لمرحلة قريبة من الانهيار، شدد أبو زهري على أن واقع التحديات السياسية تفرض على كل القوى السياسية وفي مقدمتهم حماس وفتح التوافق وتحقيق الوحدة الوطنية، خاصة وأنه لا يمكن مواجهة التحديات دون توحيد الموقف الوطني.
ونبه إلى أن الجميع خاسر من استمرار هذه الأوضاع، معتبرا أن الحكومة تشكل العقبة الرئيسة أمام تقدم مشروع المصالحة عبر عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه، أو التفكير بطريقة ملتوية ببنود هذا الاتفاق، مشددا على أن الوسيلة الحقيقية والمثلى لدفع عجلة المصالحة للأمام هو رحيل الحكومة وتنحيتها والمجيء بحكومة وحدة يتوافق عليها الجميع".
وأشار إلى أن الأوضاع في غزة كارثية وصعبة وتزداد سوءا يوما تلو الآخر، وهذه الأوضاع لا يمكن احتمالها والصبر عليها بطريقة أكثر من ذلك.
واعتبر القيادي في حماس أن حسابات فتح لإضعاف حماس خاطئة وسيدفع الجميع ثمنها، و"الأولى الالتزام بتنفيذ الاتفاق واحترام التوافق الوطني، والتعامل بمصداقية وشفافية بما يمكننا مواجهة التحديات السياسية التي تكاد تنسف المشروع الوطني".
دور الفصائل
وبشأن الدور المطلوب من الفصائل تجاه المصالحة، اعتبر أن دور الفصائل الفلسطينية جيد وعليها تطويره بالضغط على الطرف المعطل للمصالحة، وقال: "الآن المسألة لم تعد مسألة حماس وفتح، لأن الجميع سيدفع الثمن إذا استمررنا بالصمت على ما تمارسه فتح من تلكؤ في تنفيذ اتفاق المصالحة".
وردًا على سؤال إن كان القطاع حاليا يتعرض لمؤامرة تشارك فيها عدة جهات، حذر أبو زهري من أن هناك مخططا خطيرا يجري تمريره وإعداده لتصفية القضية، وأن إنهاك غزة التي تحتضن المقاومة الفلسطينية جزء من هذا المخطط، داعيا فتح إلى الابتعاد عن هذا المخطط كي لا تصبح جزءًا منه بقصد أو دون قصد.
مساعٍ خارجية
وحول مساعي حماس الخارجية لإنقاذ غزة، شدد أبو زهري على أن الدور المصري مهم وأساسي لإعادة الدافعية لتنفيذ اتفاق المصالحة، باعتبار المصريين شهودا على تنفيذ الاتفاق والذي قبلته حماس ورحبت به، معبرا عن أمله أن يستمر هذا الدور، خاصة أنه بات واضحا من هو المعطل للمصالحة.
وأشار أبو زهري إلى أن الاتصالات بين حماس والقاهرة مستمرة وتأتي في سياق العلاقات الثنائية وما يتعلق باتفاق المصالحة الفلسطينية.
وأعرب أبو زهري عن أمله بأن تغلب فتح المصلحة الوطنية والعقل وأن تدرك أنها الخاسر الأكبر في حال استمر الانقسام، "لأن هذه التحديات الخطيرة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أول طرف سيدفع ثمنها هي السلطة وفتح، وبالتالي وحدة الصف ستمكننا من حماية الجميع".