أكد عدد من ممثلي اللجان الشعبية في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن اللاجئين الفلسطينيين باتوا اليوم يخوضون معركة سياسية ضد قرار الولايات المتحدة الأمريكية تقليص مساعداتها المالية الموجهة لمنظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وقال ممثلو اللجان الشعبية إن الإجراءات الأمريكية المتلاحقة تؤسس لمرحلة "تقزيم" دور "أونروا"، وتحويلها من منظمة أممية إغاثية تعيل اللاجئين وتشهد على نكبتهم إلى منظمة إنسانية فارغة من مبادئها الأساسية؛ بهدف إسقاط حق اللاجئ الفلسطيني، مشددين على ضرورة مواجهة تلك السياسات الأمريكية المتوافقة مع الرغبات والأهداف الإسرائيلية.
وأعلنت الولايات المتحدة، منتصف الشهر الجاري يناير/كانون الثاني، أنها ستقدم 60 مليون دولار إلى "أونروا" وستجمّد 65 مليون دولار أخرى لـ"النظر فيها مستقبلا"، وكذلك أعلنت واشنطن أخيرا عدم صرف مساعدات غذائية قيمتها 45 مليون دولار تعهدت الشهر الماضي بتقديمها للفلسطينيين، في إطار الجهود التي تقودها "أونروا".
وأسست "أونروا" في 8 ديسمبر/كانون الأول 1949، وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 لتقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) والأردن ولبنان وسوريا، حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وتمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم وأراضيهم المسلوبة، حسب القرار الأممي 194.
معركة سياسية
وأكد مدير عام المخيمات بدائرة اللاجئين في منظمة التحرير، مازن أبو زيد أن اللجان الشعبية في جميع مخيمات اللجوء تخوض معركة سياسية ضد المساعي الأمريكية الإسرائيلية الرامية لحصر عمل "أونروا" في إطار شكلي وإنهاء وجودها الجوهري كشاهد على النكبة والتهجير.
وقال أبو زيد لصحيفة "فلسطين": "إن الإعلان عن تخفيض مستوى الخدمات أو تقليص الدعم المالي الممنوح للأونروا لم يعد يستهدف الخدمات المقدمة للاجئين، بل بات الأمر يمس بالمبادئ العامة التي أنشئت على أساسها وكالة الغوث بقرار أممي إلى حين تسوية قضية اللاجئين وما ترتب على الهجرة ونكبة 1948".
وأشار أبو زيد إلى أن اللجان الشعبية ستواصل تنظيم الوقفات الاحتجاجية أمام مقار "أونروا" في غزة والضفة والشتات، وستأخذ خلال الفترة المقبلة طابعًا تصعيديًا ضاغطًا على المنظمة الأممية، من أجل عدم الارتهان إلى القرارات الأمريكية، وفي سبيل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثة الاجتماعية.
مخططات مشتركة
في حين ذكر رئيس اللجان الشعبية في قطاع غزة، معين أبو عوكل أن محاولات الاحتلال الإسرائيلي لاستهداف اللاجئ الفلسطيني ليست جديدة بل هي قديمة جديدة، تهدف للحد من أنشطة "أونروا" وإلحاقها بالمفوضية السامية العامة للاجئين في العالم.
وأضاف أبو عوكل لصحيفة "فلسطين": "يدرك الاحتلال أنه لن يستطيع إنهاء عمل الوكالة دفعة واحدة، لذا يعمل بشكل تدريجي لتحقيق ذلك الهدف السياسي، من خلال الضغط على الولايات الأمريكية لتخفيض مقدار الدعم المالي والمساعدات، ضمن مخططات مشتركة بين الطرفين لتصفية القضية الفلسطينية برمتها".
وبين أبو عوكل أن قطاع غزة سيكون الأكثر تضررا من أي خلل قد يطرأ على خدمات "أونروا" الصحية والتعليمية والإغاثية، وذلك في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ نحو عشر سنوات.
حراك شعبي ورسمي
رئيس اللجنة الشعبية في مخيم الفوار بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، عفيف غطاشة، أوضح أن حالة من الغضب المتزايد تسيطر على اللاجئين بمخيمات الضفة، بعدما باتوا يستشعرون اليوم بأنهم ضحية معركة سياسية يلعب الاحتلال الإسرائيلي الدور الأكبر فيها بدعم أمريكي.
وقال غطاشة لصحيفة "فلسطين" إن "اللاجئين كانوا يخرجون قبل عدة سنوات من أجل مطالبة الأونروا بتحسين ظروف حياتهم ورفع مستوى الخدمات المقدمة، ولكنهم اليوم يناضلون للحفاظ على الشاهد الأكبر لنكبتهم وضياع أرضهم في الـ48".
ولفت غطاشة إلى أن اللجان الشعبية في مخيمات الضفة الغربية في حال انعقاد تام لمناقشة كيفية التصدي للأوضاع الجارية، والتي تستلزم حراكًا شعبيًا ورسميًا يتصدى للقرارات الأمريكية ويدفع الأونروا لمواصلة عملها.
وتقدم "أونروا" خدماتها لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها، وتدير في مناطق عملياتها الخمس 711 مدرسة، كما تدير معاهد للدراسات العليا، إضافة إلى 143 مركزا للخدمات الصحية، وتقدم خدمات اجتماعية وإغاثية وإقراضية لتوفير الحماية للاجئين والحفاظ على كرامة وحقوقهم.