لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تحتجز 290 جثمان شهيد في مقابر الأرقام وفي ثلاجات الموتى بظروف غامضة، خشية أن ينكشف أمرها وأن يتم التعرف على الجرائم التي ارتكبتها لاغتيال أبناء الشعب الفلسطيني أو للتغطية على جرائم سرقة أعضاء الشهداء.
وعمدت سلطات الاحتلال منذ احتلال الأراضي الفلسطينية لاحتجاز جثامين الشهداء بمناطق عسكرية مغلقة تعرف باسم "مقابر الأرقام" لا يسمح لأي جهة الاقتراب منها، أو الدخول إليها، أو تصويرها، وتخضع لسيطرة ورقابة مشددة.
وتحتجز سلطات الاحتلال جثامين 249 شهيدا وشهيدة في مقابر الأرقام، بعضهم منذ ستينيات القرن الماضي، وترفض الإفراج عن الجثامين وتسليمها لعائلاتهم، إضافة إلى استمرار احتجاز 21 جثمانًا لشهداء ارتقوا خلال العدوان الأخير على غزة، وفق المتحدثة باسم الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، سلوى حماد.
استرداد الجثامين
وأكدت حماد لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال لا تزال تحتجز 20 شهيدًا ارتقوا خلال انتفاضة القدس، أقدمهم الشهيد عبد الحميد أبو سرور الذي استشهد في 20 نيسان/ إبريل الماضي، متوقعةً أن يتم الإفراج عن خمسة جثامين غدًا.
وبينت أن أقدم الجثامين المحتجزة في مقابر الأرقام تعود لعام 1968، وآخرهم احتجز عام 2004، مؤكدة على وجود مساعٍ متواصلة لاسترداد كافة الجثامين المحتجزة حتى يتم دفنهم بما يليق بكرامتهم الإنسانية وكرامة الشهداء.
وأشارت إلى أن الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء قدمت، مؤخرًا التماسا لمحكمة الاحتلال العليا تدعوها لتسليم جثامين 11 شهيدًا ارتقوا خلال العدوان الأخير على غزة صيف عام 2014، فيما يتم إجراء مراسلات للإفراج عن الـ10 شهداء الآخرين.
وأكدت أن الحملة تمكنت مؤخرًا من استرداد 119 جثمان شهيد من مقابر الأرقام، مشيرة إلى أن الحملة تسعى جاهدة للإفراج عن 249 جثمانا متبقية في مقابر الأرقام.
مخالفة دولية
من ناحيته، قال مدير عام مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري: إن ظروف احتجاز جثامين الشهداء في مقابر الأرقام الإسرائيلية أدت لفقدان بعضهم جراء تعرضهم للعوامل الطبية وانجراف التربة، أو نهش الجثامين من قبل الكلاب الضالة.
وأكد العاروري، لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يخالف كافة الأعراف والقوانين الدولية جراء احتجازه جثامين الشهداء وعدم الاحتفاظ بها بشكل مناسب ما أدى إلى ضياع العديد منها.
وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يحتجز جثامين الشهداء كمحاولة منه لفرض عقاب جماعي على أبناء الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن ذلك يخالف كافة الأعراف والقوانين الدولية.
وأضاف: "يواصل الاحتلال التكتيم عن أعداد شهداء مقابر الأرقام وأماكن احتجازهم ويرفض تزويد الجهات الدولية بأعداد أو أسماء الشهداء المحتجزة لديه أو ظرف احتجازهم"، لافتًا إلى وجود مساعٍ لتحرير جثامين الشهداء.
وحول سرقة أعضاء الشهداء، أكد العاروري، أن الاحتلال يسرق أعضاء الشهداء، مدللًا على ذلك من خلال ما صرح به مسؤول الطب التشريحي والقضائي في معهد أبو كبير يهودا هس، مؤخرًا، والذي كشف أنه أشرف شخصيًا على انتزاع أعضاء من جثامين شهداء فلسطينيين وخاصة قرنية العين وأجزاء من الجلد وتم زرعها في أجساد جنود إسرائيليين جرحى.
وأرجع العاروري، أسباب احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء إما لإخفاء جرائم اغتيالهم أو للتغطية على جرائم سرقة أعضائها، مشددًا على ضرورة التضامن والالتفاف حول قضايا جثامين الشهداء المحتجزة ليتم تحريرها ودفنها وفق الشريعة الإسلامية.
ودعا للضغط على الاحتلال من أجل تسليم جثامين الشهداء، مضيفًا: "الجهود القانونية وحدها لا تكفي لاستردادها، بل يجب إسنادها بجهود دبلوماسية وقانونية وتكثيف حملة التضامن مع أهالي الشهداء لاستردادها".